شهر واحد هنا يكفي لأعرف ما الفرق بين بلدي وبين أمريكا. أشياء بسيطة جدا تحدث أمام عيني كل يوم، وفي كل مرة أتساءل: لماذا لا يكون هذا في بلادي؟ أشياء بسيطة لكنها عميقة، تعكس حرص هذه البلاد المتقدمة جدا على حماية شبابها من الآفات، وحماية مواطنيها قدر ما استطاعت، كأنهم هنا يتفوقون علينا بدرجة حبهم فعلا لوطنهم، ودرجة وعي المسؤولين بقيمة الإنسان. نعم، كأن المسؤولين في وطني لا يهمهم أبناء الوطن. سأسوق مشاهد بسيطة تجعلنا دون شعور نقارن بين المسؤولين هنا وهناك؟ وتجعلنا نعيد السؤال: لماذا لا يكون هذا في بلادي؟ الساعة السابعة صباحا، دائما على الساعة صباحا، تركن سيارة الشرطة أمام باب مؤسسة تعليمية، وعرفت أنها تركن أمام أبواب جميع المدارس الاميريكية، وفي نفس التوقيت. الشرطة هنا لتأمين دخول التلاميذ إلى فصولهم الدراسية قاطعة الطريق عن تجار المخدرات والبيدوفيليين. في بلادي بائع الديطاي يحل أيضا الساعة السابعة صباحا قبل المدير، أمام الاعداديات و الثانويات لعرض سجائره، و اوراق للف المخدرات، وبيعها علانية دون حسيب و لا رقيب. في محل لبيع الخمور، دخل شاب في مقتبل العمر، طلب خمرا، فطلب منه البائع بطاقة هويته. اعتذر الشاب بأدب لأنه لا يحملها، وبنفس الأدب اعتذر البائع عن تلبية طلبه. وأصر على ألا يلبي طلبة. فالشاب يبلغ من العمر 20 سنه و القانون الاميريكي يمنع بيع الخمور لأقل من 21 سنة، و السجائر ممنوع بيعها لمن كان أقل من 19 سنة. وهم صارمون في تطبيق ذلك. في بلادي يستطيع أي طفل أن يشتري لأبيه السجائر، ولأي مراهق يبلغ من العمر 15 سنه أن يشتري ما شاء من بيرة وروج بلا حسيب و لا رقيب. بل المصيبة الكبرى أن المؤسسة السجنية الخاصة بالقاصرين في بلادي تسمح إدارتها بدخول السجائر للمسجونين دون إجراء أي إجراء للحجز. هنا، بولاية نيوجيرسي وقع أصحاب الحانات عريضة الى حاكم الولاية يحتجون فيها على الدوريات الأمنيه التي توقف زبناءها، وتحرر ضدهم مخالفة القياده تحت تأثير السكْر. فجاء رد الحاكم سريعا، وهو تأييد إجراءات رجال الدوريات الاميريكية. حتى أن مداخيل ولاية نيوجيرسي من ذعائر السياقة تحت شرب الخمر بلغت أزيد من 750 مليون دولار سنه 2015. قانون أغنى خزينة الولاية، وجنب الناس خسائر في الأرواح. في وطني على الشريط الساحلي عين الذئاب و بوسط المدينة، لا يجد رواد العلب الليلية أي حرج في ركوب سياراتهم وسياقتها، ولو أنهم يخرجون يتمايلون أمام انظار الدوريات الأمنيه دون اي تدخل امني للحد من ازهاق أرواح الأبرياء. ماذا لو أقرت الدولة المغربية مثل هذه القوانين، ومنعت بيع السجائر لما دون ادنى 18 سنه و الخمور لاقل من 21 سنه؟ ماذا لو أن كل مخالف لهذا الإجراء يطبق عليه القانون بأداء الذعيرة في أول مخالفة، و ذعيرة بمبلغ أكبر عند إعادة المخالفة للمرة الثانية، وسحب الرخصة في المرة الثالثة؟ ماذا لو طبقت الدولة قانونا يمنع على السائقين قيادة السيارات وهم في حالة سكر، ونظمت حاجزا أمنيا بوسط المدينة، وعند الطريق المؤدية الى العلب الليلية؟ ماذا لو كل مخالف تحجز سيارته في الحين مع أداء الغرامة لاحقا؟ ربما غفلت الدولة هذه القوانين الذي ستدر على خزينة الدولة ملايير الدراهم بدل اللجوء الى القروض، أو ربما مازال في بلادي أناس فوق القانون. يهمهم جدا أن تبقى الحياة فوضى. ورغم كل هذا، سأظل كلما رأيت شيئا هنا يكرّم المواطن، سأتساءل: لماذا لا يكون هذا في بلادي؟