إن الارتقاء بالادارة التربوية باعتبارها القناة الأساسية لتجسيد الاصلاح و لتحسين مردودية المؤسسات التعليمية، يقتضي الحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها في إطار مقتضيات الميثاق الوطني للتربية و التكوين بخصوص تجديد الحياة المدرسية و إعادة تنظيم مؤسسات التربية و التكوين، كما يقتضى ذلك وضع خطة بديلة للارتقاء بالقدرات التدبيرية لأطر و كوادر الإدارة التربوية و توفير شروط التحفيز المادي و المعنوي الكفيلة بإعادة الاعتبار المجتمعي لفائدة هذه الفئة مع توفير مستلزمات العمل الضرورية و التأهيل المادي و اللوجيستيكي لمؤسسات التربية و التكوين. لا يتجادل اثنان في أن للإدارة التربوية مكانة متميزة في منظومة التربية و التكوين لما تطلع به من أدوار في تفعيل الاصلاح المنشود، و لما من تأثير مباشر على تحسين مردودية المؤسسات التعليمية و جودة الخدمات التي تقدمها لزبنائها من التلميذات و التلاميذ. و لتعزيز تدبير اللامتمركز لقطاع التربية و التكوين وفقا لمقتضيات الدعامة الخامسة عشرة من الميثاق الوطني للتربية و التكوين، تم إصدار مجموعة من النصوص التشريعية و التنظيمية انطلاقا من سنة 2000 قصد الرفع من الوضع الاعتباري لمؤسسات التربية و التكوين عامة و للإدارة التربوية ، و يمكن أن نستقرئ أهم هذه النصوص التنظيمية و التشريعية: إصدار القانون رقم 07.00 المتعلق بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين كما وقع تغييره و تتميمه بالقانون رقم 71.15 و الذي يحدد المهام و الاختصاصات و الإدارة و التسيير1 إصدار المرسوم رقم 2.00.01016 الصادر في 29 يونيو 2001 المتعلق بتطبيق القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين. إصدار المرسوم رقم 2.01.1653 الصادر في 18 اكتوبر 2001 المتعلق بتحديد تاريخ الشروع الفعلي لمزاولة الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين لمهامها و اختصاصاتها. إصدار المرسوم رقم 2.02.376 الصادر في 17 يوليو 2002 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية و التعليم العمومي كما وقع تغييره و تتميمه، الذي من خلاله أحدتث آليات جديدة للتأطير و التدبير الإداري و التربوي على صعيد المؤسسات التعليمية من قبيل مجالس التدبير، مجالس الأقسام، المجالس التربوية و التعليمية التي تعمل بحسب اختصاصات كل منها في الرفع من مستوى الخدمات التي تقدمها للمؤسسات التعليمية. المرسوم رقم 2.11.672 الصادر في 23 دجنبر2011 المتعلق بإحداث و تنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين، كما وقع تغييره و تتميمه. إصدار مرسوم رقم 2.02.858 الصادر في 10 فبراير2003 بشأن التعويضات المخولة لأطر الإدارة التربوية المكلفين بمهام تسيير مؤسسات التربية و التعليم العمومي. إصدار قرار رقم 04.764 الصادر في 20 أبريل 2004 بتحديد كيفيات وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية بمؤسسات التربية و التعليم العمومي. إصدار قرار رقم 1849.05 الصادر في 08 غشت 2005 بشأن تحديد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية وتحدد بمقتضاه شروط جديدة لإقرار المسؤول الإداري في منصبه اعتمادا على تكوينات نظرية ميدانية و تتبع من طرف لجان إقليمية مختصة عن طريق تنظيم دورات تكوينية تأهيلية للأطر الإدارية بمختلف الأسلاك التعليمية، و تواكب هذه الدورات التكوينية بمصاحبة ميدانية و تأطير عن قرب تقوم به فرق مختصة لمساعدة المسؤول الإداري عن تحمل مهامه الجديدة. إصدار مقرر وزاري لاختيار أطر الإدارة التربوية بمؤسسات التربية و التعليم العمومي وفق معايير مشتركة و معايير خاصة بإسناد مناصب الإدارة التربوية الابتدائية و الثانوية الإعدادية و التأهيلية ابتداء من سنة 2005 إصدار مقرر وزاري بشأن تحديد كيفيات تنظيم المقابلة لانتقاء المديرين و مديري الدراسة بمؤسسات التربية و التعليم العمومي و ذلك عبر تقديم مشروع تربوي و مناقشته في إطار مقابلة مع لجنة مختصة لتقويم آليات المترشح لنحمل مسؤولية المنصب الذي طلبه. توسيع قاعدة الترشيح لتحمل مناصب الإدارة التربوية عبر إدخال تعديلات على القرار الوزاري الخاص بتحديد كيفية إسناد مناصب الإدارة التربوية بمؤسسات التربية و التعليم العمومي بشكل يفتح أبواب الترشيح أمام أكبر عدد ممكن من الأطر العاملة بالقطاع. تقديم مقترحات لتحفيز الادارة التربوية استنادا إلى وثيقة لوزارة التربية الوطنية حول الارتقاء بمهام الادارة التربوية داخل المرسسات التعليمية خاصة المقترح الذي يقضي بتعديل المرسوم رقم 2.02.858 الصادر بتاريخ 10 فبراير 2003 بشأن التعويضات المخولة لأطر الإدارة التربوية وذلك من أجل الرفع من قيمة هذه التعويضات في الموسم الدراسي 2006/2007. المصادقة على إحداث منصب المدير المساعد بالمدرسة الابتدائية الفرعية النواجدة بالوسط القروي. إحداث مجلس التدبير بموجب المرسوم رقم 2.02.376 الصادر بتاريخ 17 يوليوز 2002 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية و التعليم العمومي، و ذلك باعتباره إطارا جديدا لتجسيد الشراكة في مجال تدبير المؤسسات التعليمية، من شأنه أن يساعد مدراء و مديرات المؤسسات التعليمية على تجاوز الصعوبات من أجل تحسين فضاءاتالمؤسسات التعليمية و الرفع من مردوديتها. وأخيرا و ليس آخرا أقدمت الوزارة الوصية في الموسم الدراسي 2014/2015 على إحداث مسلك للإدارة التربوية في المراكز الجهوية الجهوية لمهن التربية و التكوين، يتلقى المنتسبون إليه تكوينا نظريا و ميدانيا لمدة سنة بعد اجتياز انتقاء أولي و اختبار كتابي و شفوي على التوالي. إلا أن المتتبع لهذا المسلك يرصد غيابا تام للترسانة التشريعية المؤطؤة له باستثناء وثيقتين يتيمتين: هما مذكرة المباراة و مذكرة التعيين. فهذا المسلك إلى حدود كتابة هذه السطور هو مسلك بدون هوية،بلا إطار قانوني ، مجهول لدى جل مصالح الوزارة ، منتسبوه ما زالوا يحتفظون بإطارهم الأصلي المختلف المشارب ( ابتدائي، إعدادي،ثانوي، ملحقي الادارة و الاقتصاد، المعيدين.....) الشيء الذي يدفعنا إلى القول بأن هذا المسلك تكتنفه ضبابية كبيرة في مخرجاته ومآلاته . إذا كان هذا المسلك يهدف إلى تدارك النقص الحاصل في تكوين أطر الادارة التربوية للوفاء بالالتزامات المهنية و الاخلاقية المرتبطة بمسؤوليتهم وللنهوض بدورهم في مسار الاصلاح بصفتهم روادا يحمل كلا منهم مشروع مؤسسته على عاتقه و يساهم في التغيير نحو الأفضل، فإن ذلك لا يستقيم دون الإسراع بإخراج إطار إداري يليق بهذه الفئة من رجال ونساء الادارة التربوية " متصرف " على غرار المعمول به في شتى الادارات المغربية في مختلف تلويناتها، أم أن حالة التردد في إرساء هذا المسلك على قواعد متينة ستستمر طويلا؟؟ 1- ظهير شريف رقم 1.00.203 الصادر في 19 ماي 2000 بتنفيذ القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية لمهن التربية و التكوين. *خريج المركز الجهوي لمهن التربية و التكوين ، طنجة