في دوار كشيكشات بحي الرحمة المهمش ضواحي الدارالبيضاء حيث تستقبل زائره الروائح النتنة للمياه الآسنة الراكدة حول بيوت أزيد من 900 نسمة، وجحافل البعوض والحمير والكلاب الضالة، لا يخفي عبد العزيز بلعلام، البالغ من العمر 63 سنة، شعوره بالكثير من الغبن إلى درجة الإحساس ب"الحكرة". هذا الإحساس ب"الحكرة"، وفق تصريح بلعلام، عضو جمعية كشيكشات للإنماء، ناجم عن التجاهل الكبير الذي يتعامل به مسؤولو كل من مقاطعة وعمالة الحي الحسني مع مطالب سكان الدوار التي يصب جلها في توفير حقهم في الربط المباشر والفردي بشبكة الماء الصالح للشرب، والربط بشبكة التطهير السائل التي يؤدون عنها مبالغ مالية باهظة منذ سنوات دون الاستفادة من الخدمة. في هذا الدوار، الذي يعيش شبابه بطالة قاتلة لا يخفف وطأها عليهم سوى تعاطيهم للمخدرات أو متابعة مباريات كرة القدم بمقاهي الأحياء المجاورة في محاولة يائسة للهروب من الواقع المتردي الذي يعيشون في أحضانه، يؤكد بلعلام أن مجموعة "الجامعي" العقارية بدورها لم يرقَّ قلب مسؤوليها لمعاناة السكان مع مياه الصرف الصحي التي يجري التخلص منها في العراء، بعدما رفضت التخلي عن بقعة أرضية لا تتعدى مساحتها 400 متر مربع لمساعدة المسؤولين على إقامة محطة لتجميع ومعالجة المياه الآسنة وربطها بالشبكة المحلية التي لا تبعد سوى بأمتار قليلة عن حيهم "المنسي". معاناة سكان دوار كشيكشات تمتد إلى إصابة أبنائهم بحساسية التنفس وأمراض العيون والطفوح الجلدية. ويقول الغازي الحجاجي، الذي قضى أزيد من 14 سنة في هذا الدوار قادما إليه من منطقة بوشنتوف بدرب السلطان في الدارالبيضاء منذ سنة 2002، إن انعدام المستوصف في المنطقة يدفع السكان إلى التوجه إلى مستوصف الحي الحسني البعيد عنهم من أجل متابعة الحالة الصحية لأبنائهم. وقال الحجاجي: "في واقع الأمر لا شيء تغير منذ أن وطئت قدامي هذه المنطقة، تتكرر معاناتنا سنويا، وجميع المسؤولين مطلعون على الأمر بأدق تفاصيله لكن لا حياة لمن تنادي"، مضيفا: "لقد بلغ السيل الزبى ونحن نطالب المسؤولين بالتدخل فورا لرد الاعتبار لسكان كشيكشات". تعددت محاولات هؤلاء السكان من أجل إيصال صوتهم إلى المسؤولين الترابيين والمنتخبين في الجماعة المحلية للحي الحسني أو حتى ممثليهم في البرلمان، وحملهم على التعامل مع طلباتهم كما ينص على ذلك القانون، لكن دون جدوى، وفق روايات متطابقة للسكان الذين التقتهم هسبريس بعين المكان، والذين أجمعوا على أن معظم المسؤولين محليا يتعاملون معهم كأناس مجردين من حقوقهم الدستورية في العيش الكريم.