البعمري يكتب: "موريتانيا -المغرب: تقارب نحو المستقبل"    تداولات الافتتاح ببورصة الدار البيضاء    تحذير أممي من اتساع رقعة الأراضي القاحلة بسبب الجفاف    ساركوزي أمام المحكمة في قضية القذافي    مقتل 3 إسرائيليين في عملية إطلاق نار شمال الضفة الغربية    فرنسا تكشف تورط "مؤثرين" جزائريين في قضية التحريض على الإرهاب    الكاف تحدد موعد قرعة الشان    الاتحاد العربي للرماية ينظم في 2025 ثلاث بطولات بكل من الكويت ومصر و المغرب    يوم راحة للاعبي الجيش الملكي قبل مواجهة الرجاء في عصبة الأبطال    المغرب التطواني يبحث عن مدرب جديد    الحكومة تطلب تأجيل مناقشة مضامين تعديلات مدونة الأسرة في لجنة العدل بمجلس النواب    الصومعة الحجرية بفجيج.. هندسة فريدة شاهدة على التراث العريق للمنطقة    فاجعة في اشتوكة آيت باها: انزلاق مائي يودي بحياة أمّ وثلاثة أطفال    "الحاج الطاهر".. عمل كوميدي جديد يطل على المغاربة في رمضان    لمحاولة التوصل إلى صلح.. تأجيل ثاني جلسات محاكمة سعيد آيت مهدي أبرز المدافعين عن ضحايا زلزال الحوز    رغم الطقس البارد.. حريق ضخم يلتهم غابة موكلاتة بتطوان (فيديو)    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يبلغ ربع النهائي بفوزه على مضيفه الملعب المالي (1-0)    بعد تتويجه رفقة سان جيرمان.. الجامعة المغربية تهنئ حكيمي    أسعار النفط ترتفع إلى أعلى مستوياتها منذ أكتوبر    تقرير يتوقع استقالة رئيس وزراء كندا    الدولار يتراجع وسط ترقب البيانات الاقتصادية الأمريكية    الاكتواء بأسعار الدواجن النارية..يدفع المستهلك المغربي للمطالبة بالتدخل الحكومي    بوانو: وزير الصحة يسعي للتعامل مع شركة أمريكية لوضع المعطيات الصحية للمغاربة لدى الإسرائيليين    لماذا تخسر قضيتك رغم أنك على حق؟ . . . تأملات قانونية    ما حقيقة "فيروس الصين الجديد" الذي يثير مخاوف العالم؟    جون أفريك تكشف أسباب التفوق الدبلوماسي المغربي في الساحل    الجمهورية ‬الوهمية ‬الدولة ‬النشاز ‬التي ‬أطبقت ‬عليها ‬العزلة ‬القاتلة    الكونغو تنهي معاناتها مع قطاع الطرق بسلسلة من الإعدامات    مصالح ‬المغرب ‬تتعزز ‬في ‬مجلس ‬الأمن ‬الدولي    عرس بضواحي القنيطرة يتحول إلى مأتم    كيوسك الإثنين | التمويل التشاركي يستقر في 24,5 مليار درهم نهاية نونبر    سعيد الناصري يقوم بتجميد شركة الوداد من قلب سجن عكاشة    رثاء رحيل محمد السكتاوي    قضية "بوعلام صنصال" تزيد من تأزيم العلاقات الفرنسية الجزائرية    وضعية القطارات المتهالكة التي تربط الجديدة والبيضاء تخلق الجدل    الصين: البنك المركزي يحدد أولوياته لسنة 2025    معرض "سيرا 2025".. المغرب يشارك في مسابقة "le Bocuse d'Or" وكأس العالم للحلويات، وكأس العالم للطهاة    أبرز المتوجين بجوائز "غولدن غلوب" الثانية والثمانين    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    شركة "ميتا" تعتزم إطلاق أدوات ذكاء اصطناعي جديدة على (فيسبوك) و(إنستغرام)    آية دغنوج تطرح "خليك ماحلّك" باللهجة لبنانية    السعودية .. ضبط 19 ألفا و541 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    تراجع سعر صرف الدرهم المغربي أمام الأورو والدولار    تعليق الدراسة ببعض مناطق اقليم الحسيمة بسبب الثلوج    الزمامرة تنتصر بثلاثية في الجديدة    أزمة إنتاج أمهات الكتاكيت بالمغرب .. شركة أمريكية مرشحة لبناء ضيعات    دراسة: التفاعل الاجتماعي يقلل خطر الإصابة بالنوبات القلبية    تيزنيت:"تيفلوين" تفتح أبوابها الأربعون لاكتشاف الموروث الثقافي والفلاحي والاجتماعي والتقليدي للساكنة المحلية    مسرحية "هم" تمثل المغرب في الدورة الخامسة عشرة لمهرجان المسرح العربي    "أدناس" يستحضر تيمة "الشعوذة"    مطالب للحكومة بتوعية المغاربة بمخاطر "بوحمرون" وتعزيز الوقاية    الصين تطمئن بشأن السفر بعد أنباء عن تفشي فيروس خطير في البلاد    أسباب اصفرار الأسنان وكيفية الوقاية منها    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصيلة وأولويات السياسات الموجهة إلى الشباب
نشر في هسبريس يوم 05 - 10 - 2016

نعيش على إيقاع لحظة انتخابات تشريعية حاسمة في مسار الديمقراطية المغربية لكونها الثانية في ظل دستور 2011، وفي سياق يتسم بتضخم حجم تطلعات المواطنين والمواطنات نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز بناء الورش الدستوري والسياسي.
إنها مرحلة تدافع المطالب نحو إقرار سياسات عمومية عادلة ومنصفة، خصوصا بالنسبة إلى فئة الشباب الذي يتطلع إلى قدر كبير من الإنصات لأولوياته واحتياجاته، المرتبطة بمجال الإدماج الاجتماعي والاقتصادي وممارسة الالتزامات المواطنة والديمقراطية.
هي فرصة أيضا وفق التقاليد الديمقراطية للعودة إلى حصيلة السياسات السابقة الموجهة إلى الشباب لتقييم نقط القوة والضعف، ومحاولة إزاحة القلق الذي خيّم على حقوق الشباب، والتصدي لها من أجل توفير ظروف عيش أفضل، والانتقال إلى مرحلة متقدمة في صياغة السياسات، علما أن الحديث عن الشباب في السياسات العمومية لم يعد ضمنيا كما كان في السابق؛ بل أصبح مباشرا وأن الشباب يرفض أن يكون فقط مستهلكا للسياسات بل موضوعها ومتفاعل معها.
إن المسألة الشبابية، بعد تقرير الخمسينية وحركة 20 فبراير، تسعى إلى بناء مواطنة جديدة ساقتها رياح التغيير التي ضخت نفسا جديدا في مسار الإصلاحات ببلادنا بمطالب وتعاقدات جديدة على قاعدة مبادئ حقوق الإنسان واحترام الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، تجسدت في مضمون خطاب 9 مارس الذي جاء بمجموعة من المرتكزات الأساسية تهم جميع القضايا ذات الأهمية؛ وفي مقدمتها:
اعتماد دستور جديد بضمانات وقواعد وآليات تمكين الشباب ومشاركته وحمايته، وخاصة ما جاء في الفصل ال33، وتنصيص الدستور على أعراف وتقاليد جديدة في مسلسل الممارسة السياسية والمؤسساتية التي تربط المسؤولية بالمحاسبة؛
استحقاقات 25 نونبر التي أفرزت حكومة جديدة بمقتضيات جديدة في تدبير الشأن العام وصياغة السياسات العمومية.
وقد اتسمت هذه المرحلة بيقظة الشباب وإيمانه بأن مستقبل المغرب في مستقبل أجياله عبر عنها من خلال ما تضمنته كل المذكرات والنقاشات التي سبقت التصريح الحكومي.
لقد راهن الشباب على أن تكون هذه المرحلة محطة أساسية في تطوير السياسات الشبابية وخطوة متقدمة في معالجة قضاياه والتجاوب مع احتياجاته وطموحاته، وفق نهج تشاركي بين مختلف الفاعلين ولا سيما الشباب منهم نظرا للمناخ السياسي والديمقراطي الذي شكل فرصة متميزة إعادة موقعة قضايا الشباب كأولوية وطنية خصوصا أنهم أصحاب الفضل في التعجيل بهذه الإصلاحات، حيث تفاعل معها بكل وعي ويقظة، تمثلت أساسا في انخراط المجتمع المدني والشباب بمواطنة كاملة ونشيطة، في تقديم مذكرات والترافع بشأنها أمام رئيس الحكومة والأمناء العامين للأحزاب السياسية.
ولقد كان من ضمن أولويات تلك المذكرات تقليص المخاطر الناجمة عن الإقصاء والأمية، ومشاكل الفشل في المدرسة، واتخاذ إجراءات ملموسة لتحقيق التماسك الاجتماعي الحقيقي لتجنب الانهيار الاجتماعي الذي يحدث في العديد من مجالات حياة الشباب، خصوصا أن السياسة العمومية الموجهة إلى الشباب ظلت متفككة ومتجزئة؛ وهو ما أضاع فرصا كثيرة على الشباب في الإدماج الاقتصادي والاجتماعي.
وتجاوبا مع مطالب الشباب، عبرت الحكومة عن التزامها من خلال مضامين البرنامج الحكومي الذي جاء فيه:
"وبخصوص الشباب، نؤكد على أن الحكومة ستجعل من قضايا الشباب أولوية إستراتيجية وورشا حكوميا أفقيا يتجاوز النظرة القطاعية ويتجه إلى بلورة تصور إستراتيجي شمولي ينسق ويدعم جهود كل المتدخلين في قضايا الشباب، وفق مقاربة تشاركية مع كل الفاعلين السياسيين والجمعويين في مجال الشباب.
يتم فتح حوار وطني شبابي متواصل وإرساء المجلس الأعلى للشباب والعمل الجمعوي وإنشاء مجالس جهوية للشباب، وإحداث بنيات التأطير والتوجيه، وتشجيع مساهمة الشباب في الحياة السياسية وانخراطه في العمل الجمعوي والفكري .... وسيتم اعتماد إستراتيجية وطنية مندمجة للشباب".
إذن، كان الأمر يتعلق بنهج سياسة عمومية للشباب برؤية شمولية ومتكاملة يكون للشباب حضور فيها، باعتبار أن هذه المسالة لا تكتمل دون العودة إلى أصحاب الشأن؛ لكن الحصيلة جاءت مخيبة للآمال، نظرا لضعف هذه السياسات والمؤسسات وقصورها على إنصاف الشباب وإشراكه وإدماجه؛ وهو ما أدى إلى فقدان الثقة في السياسات الموجة إليه وتبرز مؤشرات عدم الثقة في:
- الفقر، التعليم، الأمية، الصحة الترفيه
- ارتفاع معدلات البطالة،
- تزايد الفوارق الاجتماعية والصعوبات التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية،
- محدودية فرص الحصول على التعليم الجيد للشباب،
- قلة فرص الاندماج الاقتصادي للشباب
- ضعف نسبة المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والجمعوية
- قلة فضاءات الترويح وبنيات التنمية الثقافية التي تستهدف الشباب،
- التمييز الصارخ ضد ذوي الاحتياجات الخاصة
هذه المؤشرات تسلط الضوء إلى حد كبير على المفارقات المذهلة التي تتميز بها وضعية الشباب والتفاوتات الصارخة من الناحية الاقتصادية والتكنولوجية والاندماجية والاجتماعية والثقافية، والتي تتباين إلى حد كبير حسب المناطق الجهوية والمحلية والمجموعات السكانية.
إن حصيلة الحكومة في مجال الشباب تجعلنا نتساءل: إلى أي حد استطاعت أن تتجاوز الاختلالات التي تعرفها سياسات الشباب؟ وليس قطاع الشباب (قطاع وزارة الشباب والرياضة) بالرجوع إلى التزامات التصريح الحكومي للخروج من السياسات القطاعية إلى بنا إستراتيجية مندمجة للشباب لا تختزل الشباب في الترفيه والرياضة بل تكفل حقوقهم ومشاركتهم وتمكينهم واقتدارهم بما يساعد في اندماجهم الاجتماعي والاقتصادي داخل مجتمعاتهم.
لقد كان الكل يعتقد أن حركات الشباب وضغط مطالبهم على أجندة الحكومة سيكون له وقع في تعديل خيارات وتوجهات السياسات الموجهة إلى الشباب إلا أن شيئا من ذلك لم يقع.
سياسة وطنية مندمجة للشباب لم تفعل وظلت حبرا على ورق، مشروع قانون المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي يأتي في الدقائق الأخيرة من الولاية التشريعية مخيبا لكل انتظارات الشباب والجمعيات.
واليوم ونحن في خضم انتخابات تشريعية جديدة يتطلع الشباب بالرغبة والإصرار نفسيهما إلى حث الأحزاب السياسية وباستعجال إلى ضرورة إعادة النظر والتفكير في منظومة إعداد الشباب مبنية على منهجية متجددة بتصور وأسلوب لا ينظر للشباب من زاوية أحادية فقط، أو يختزله في الجوانب المادية من حياته باعتبارها تشكل الضغط المطلبي على السياسات العمومية، بل استدماج كافة الأبعاد المرتبطة بحقوق الشباب المتمثلة فيما هو معنوي وفكري وروحي ووجداني ومادي، من خلال تبني سياسة تنموية شاملة ومستدامة تحقق الحرية والعدالة والكرامة للشباب في مجتمعات ديمقراطية ومبدعة، تأسيسا على:
- سياسات عمومية واضحة ومتماسكة ومندمجة، واقعية وقابلة للإنجاز؛
تحديد توجهات ومرجعيات السياسة الوطنية للشباب، وضبط مبادئها ومنهجيتها وأهدافها والتزاماتها، وتنظيم مواردها البشرية والإدارية واللوجستيكية والمالية. وضمان انسجام وتكامل وتفاعل تدخلات وبرامج كافة الفاعلين لفائدة الشباب في مجالات تمكينه ومشاركته وحمايته عبر الأولويات التالية:
الشباب والإدماج الاجتماعي والاقتصادي: التشغيل والمقاولتية نحو الاستقلال المادي وتحمل المسؤولية؛
الشباب وحقوق الإنسان الديمقراطية والمشاركة السياسية
الشباب والولوج للخدمات، إعادة الاعتبار لمفهوم الخدمة العمومية
الشباب والمواطنة والعمل المدني
الشباب ووسائل التكنولوجية الحديثة
إن إعادة الاعتبار والثقة في المؤسسات وسياساتها تظل رهان السياسة العمومية المنتظرة تقوم على ردم الفجوة الكبيرة بين محدودية وضعف موقعها ووظيفتها في القرارات والسياسات والتشريعات والمؤسسات والمالية العمومية واتساع حضورها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي والإعلامي والفني والرياضي والمدني في حياة الشباب من خلال سياسة وطنية مندمجة للشباب على المدى البعيد منسجمة فعالة ومتجاوبة لإرادات الشباب وكل الفاعلين بقضايا الشباب.
*خبير في سياسات الشباب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.