يمثل تحقيق التماسك الاجتماعي والتنمية البشرية وتقليص الفوارق أولوية كبرى في البرنامج الاجتماعي للحكومة من خلال تقوية وتعزيز السياسات والخدمات الاجتماعية وتطوير الاستفادة وتيسير الولوج إليها واستهداف مختلف الفئات الاجتماعية بسياسات تهدف إلى إدماج الأفراد والفئات والجهات في الدورة التنموية الوطنية. ويتفاعل البرنامج الحكومي الذي تم تقديمه، أول أمس الخميس، أمام البرلمان من قبل رئيس الحكومة، في شقه الاجتماعي مع تصور الميثاق الاجتماعي الذي وضعه المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والذي يؤكد من جهة على الحقوق الأساسية الكفيلة بحماية الكرامة الإنسانية ومبادئ الديموقراطية الاجتماعية، كما ينص عليها الدستور، ومن جهة أخرى على ضرورة إيجاد قواعد يحترمها الجميع من أجل تحصين تلك الحقوق. تخفيض معدل البطالة إلى 8 في المائة في أفق 2016 واعتبر البرنامج الشغل ومحاربة البطالة أولوية الحكومة بامتياز وذلك بهدف تخفيض معدل البطالة إلى 8 في المائة في أفق 2016، موضحا (البرنامج الحكومي)، أنه من أجل هذا الغرض ستعمل الحكومة على تعزيز الإطار المؤسساتي لسياسة التشغيل وتطوير الإجراءات الإرادية للتشغيل وتدعيم قدرات رصد وتحليل وتقييم سوق الشغل. وبغرض معالجة الرصيد المتراكم من العاطلين وخصوصا لدى حاملي الشهادات العليا، ستسعى الحكومة إلى تتبع تنفيذ وتطوير برامج «تأهيل» و»مقاولتي» و»إدماج» وتحسين جدواها على ضوء نتائج الدراسة التقييمية، بالإضافة إلى اعتماد برامج جديدة. وسيتم، بهذا الخصوص، اعتماد عدة اجراءات من بينها برنامج «مبادرة» الذي يهم تشجيع التشغيل في الجمعيات العاملة في مختلف مجالات القرب والخدمات الاجتماعية والتربوية، وبرنامج «تأطير» الذي يخص فئة حاملي الشهادات المعنيين بالبطالة الطويلة الأمد بوضع منحة لإعادة التأهيل لكل متدرب شهريا في حدود سنة من التدريب، بهدف تأطير 50 ألف سنويا، وبرنامج «استيعاب» كنظام انتقالي تحفيزي لإدماج الاقتصاد غير المهيكل بما يدعم استقرار التشغيل وتحسين ظروفه. وستسعى الحكومة، إلى مضاعفة مردودية التشغيل الذاتي من خلال مواكبة المقاولات الجديدة وتمكينها من ولوج الطلبيات العمومية، بالعروض عبر المناولة باحتضان المؤسسات العمومية والمقاولات الكبيرة، وتعمل على وضع آليات فعالة للرصد والوساطة في سوق الشغل من خلال إحداث مرصد وطني للتشغيل وإنشاء منظومة معلوماتية وطنية وتطوير نظام فعال ودقيق لدراسة سوق الشغل، وكذا توسيع التمثيلية داخل المجلس الإداري للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات وتفعيل المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للتشغيل المنصوص عليها في مدونة الشغل. وفي مجال ترسيخ قوانين الشغل، ستعمل الحكومة على تفعيل نظام التعويض عن فقدان الشغل ووضع الصندوق الخاص به وتعزيز احترام قوانين الشغل وحماية الشغيلة وشروط السلامة والصحة وضمان المساواة وتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز في مجال الشغل وتعزيز احترام قوانين الشغل وحماية المشغلين وشروط السلامة والصحة وتطوير ثقافة الحوار داخل المقاولة، طبقاً لمعايير «الشغل اللائق». ويروم البرنامج تمكين ما يقارب 10 ملايين مواطن مغربي من الاستفادة بصورة تدريجية من نظام التأمين الإجباري عن المرض الذي يغطي سلة مهمة من العلاجات إضافة إلى تطبيق نظام المساعدة الطبية الذي سيهم تقريبا 30 في المائة من عدد السكان (5ر8 مليون نسمة). ومن أجل تحقيق ذلك، ستعمل الحكومة، كما يؤكد ذلك برنامجها، على إنشاء صندوق عمومي للضمان الاجتماعي للمعوزين وتوسيع التأمين الصحي الإجباري ليشمل المهن الحرة والتجار والصناع التقليديين والطلبة والمشتغلين الذاتيين وتعميم التأمين الصحي الإجباري للعاملين بالقطاع الخاص وتسريع وتيرة تعميم نظام المساعدة الطبية في سائر التراب الوطني وتخفيض قسط التكاليف التي تتحملها الأسر في تمويل الصحة. وستسعى الحكومة على الخصوص إلى إخراج مشاريع القوانين المتعلقة بالتغطية الصحية للطلبة والتعويض عن حوادث الشغل ومدونة التعاضد والتعويض عن فقدان الشغل. وبخصوص أنظمة التقاعد ستسعى الحكومة إلى إصلاح مندمج لنظام التقاعد بما يحفظ توازنه المالي واستدامته وتوسيع قاعدة المستفيدين من أنظمة التقاعد لتشمل المهن الحرة، والقطاع غير المنظم والصناعة التقليدية والفلاحة والصيد التقليدي الساحلي والتعاونيات وذلك وفق منهجية تشاركية مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين. وستعمل الحكومة على تحسين حكامة تدبير صناديق التقاعد بما يضمن نجاعة مردوديتها واستدامتها وجودة خدماتها وكذا مواصلة إصلاح نظام المقاصة بهدف التحكم في كلفته بترشيد تركيبة أسعار المواد المدعمة وعقلنة استفادة القطاعات وفي اتجاه الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة واستهداف المعوزين بتقديم دعم نقدي مباشر مشروط بالتعليم والصحة وحثهم على الانخراط في برامج محو الأمية والأنشطة المدرة للدخل، يتم تمويله بإحداث صندوق التضامن الذي سيمول بمساهمات تضامنية. دعم برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وفي إطار تحسين ظروف عيش الفئات الاجتماعية التي تعاني من الفقر والهشاشة والتهميش، فإن الحكومة ستعمل على مواصلة إنجاز برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثانية والتي أعطى انطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في يونيو 2011 بجرادة، والتي تميزت بتوسيع قاعدة الاستهداف الترابي لفائدة الجماعات القروية والمناطق الجبلية وكذا المدن والمراكز الحضرية الصغرى. بخصوص تقوية وحماية الأسرة، ستعمل الحكومة على وضع سياسة أسرية مندمجة تحرص على تماسك الأسرة وتعزيز أدوارها الوقائية، والنهوض بخدمات الوساطة الأسرية ودعمها عن طريق تشجيع مبادرات جمعيات القرب العاملة في مجال الأسرة وتتبع الآثار الاجتماعية الناتجة عن تنفيذ مدونة الأسرة ودعم الأسرة في وضعية صعبة، والتي تعيلها النساء ودعم الأسر التي تقوم برعاية الأشخاص المعاقين أو المسنين وتقييم الآثار الاجتماعية على المستفيدات من صندوق التكافل العائلي واعتماد مقاربة وقائية وإنمائية في التصدي للتفكك العائلي. كما ستعمل الحكومة على اعتماد سياسة فعالة وطموحة للنهوض بوضع المرأة من خلال تفعيل دعم صندوق التكافل العائلي ودعم الاستقرار الأسري والنساء الأرامل والنساء في وضعية صعبة، واعتماد مقاربة وقائية وإنمائية في التصدي للتفكك العائلي، وإقرار نظام مؤقت للتمييز الإيجابي لفائدة المرأة في التعيينات والتكليفات، وتحفيز المرأة على المشاركة في مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، والتنزيل الفعلي لمقتضيات الدستور المتعلقة بالمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق المدنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسعي إلى تحقيق المناصفة والعمل على النهوض بحقوق النساء وحمايتهن، وتتبع أعمال السياسات العمومية في المجال وتأهيل النساء والحد من هشاشة أوضاعهن بالتصدي للعوامل المساهمة في ذلك، وكذا وضع الآليات والتدابير الكفيلة بمحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة بالإضافة إلى عدد من الإجراءات الأخرى. اعتماد استراتيجية وطنية مندمجة للشباب وستجعل الحكومة من قضايا الشباب أولوية إستراتيجية وورشا حكوميا أفقيا يتجاوز النظرة القطاعية ويتجه إلى بلورة تصور استراتيجي شمولي ينسق ويدعم جهود كل المتدخلين في قضايا الشباب، وفق مقاربة تشاركية مع كل الفاعلين السياسيين والجمعويين في مجال الشباب، وسيتم فتح حوار وطني شبابي متواصل وإرساء المجلس الأعلى للشباب والعمل الجمعوي وإنشاء مجالس جهوية للشباب، وإحداث بنيات التأطير والتوجيه، وتشجيع مساهمة الشباب في الحياة السياسية وانخراطه في العمل الجمعوي والفكري وتأهيل الفضاءات والتجهيزات الثقافية المخصصة للشباب، ودعم «المعهد الوطني للديمقراطية والشباب». وسيتم اعتماد استراتيجية وطنية مندمجة للشباب تقوم على توسيع شبكة الفضاءات الشبابية عبر الاستفادة من فضاءات المؤسسات التعليمية، ودعم الجمعيات العاملة في تأطير الشباب القروي، وإدماج هذا الأخير في برامج القرب، وإطلاق مشروع لتنظيم قوافل المواطنة الشبابية، ودعم برامج السياحة الثقافية والسياسية للشباب داخل المغرب وخارجه، ورفع عدد المستفيدين من برنامج العطلة للجميع خلال الولاية التشريعية إلى مليون ونصف مستفيد ومستفيدة، وإشراك الشباب في تصميم وتنفيذ حملات متنوعة للتوعية تستهدف نشر ثقافة النجاح بين الشباب وإعلاء القيم الإيجابية ومواجهة الآفات الاجتماعية، وتوعية الشباب ضد الأخطار الاجتماعية عن طريق وسائل الإعلام العمومي والمدرسة والجامعة وخاصة المخاطر المتعلقة بالإدمان والجريمة والعنف والاستغلال الجنسي والانحراف. كما ستسعى الحكومة إلى تعزيز مكانة المجتمع المدني في مختلف حلقات تدبير الشأن العام وتقييمه وصياغة سياساته، عبر الإسراع بوضع الإطار القانوني المنظم لذلك على ضوء الدستور وخاصة ما يهم دوره في المجال التشريعي، والعمل على اعتماد سياسة جمعوية فعالة، وإقرار معايير شفافة لتمويل برامج الجمعيات وإقرار آليات لمنع الجمع بين التمويلات، واعتماد طلب العروض في مجال دعم المشاريع، ومراجعة سياسة التكوين الموجهة للجمعيات، بما يرفع من فعاليتها، وبما يمكن من تعميم الاستفادة لفائدة أعضاء الجمعيات. وفي نفس السياق، ستعمل الحكومة على توفير شروط إقلاع رياضي حقيقي، وذلك بإرساء سياسة رياضية وطنية شاملة تستجيب لحاجيات المجتمع، وذلك من خلال تبني «ميثاق الرياضة للجميع» وتطوير الرياضة الجماهيرية على مستوى الأحياء والمؤسسات المدرسية والجامعية. بالنسبة للنهوض بحقوق الطفولة وحمايتها، ستعمل الحكومة على تقوية السياسات العمومية في هذا المجال من خلال دعم آليات التنسيق الوطنية بين القطاعات، وإعداد المرحلة الثانية من خطة العمل الوطنية للطفولة وبلورة برامج الالتقائية المجالية لحماية الطفولة في وضعية صعبة والعمل على مأسسة آليات التبليغ واليقظة والوقاية من كل أشكال العنف ضد الأطفال. كما ستعمل الحكومة على وضع مخطط استراتيجي جديد يرتكز على تحيين البحث الوطني حول الإعاقة ووضع إطار تشريعي شامل ومندمج يهدف إلى تعزيز الإدماج الاجتماعي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وإحداث صندوق خاص لدعم هؤلاء وضمان الحق في التعليم والحق في الشغل وتعزيز دور المجتمع المدني في النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. وبخصوص الأشخاص المسنين، ستعمل الحكومة على دعم الأشخاص المنتمين لهذه الشريحة الذين لا يتوفرون على موارد كافية وتأهيل المؤسسات الاجتماعية المستقبلة للمسنين وتأهيل مواردها البشرية، علاوة على حث الجمعيات المحلية على تنظيم أنشطة ترفيهية واستجمامية لفائدتهم وتعزيز قدرات الجمعيات التي تعنى بأوضاع الأشخاص المسنين. كما ستعمل الحكومة على تنمية الطبقة الوسطى بهدف دعمها وتنميتها وتوسيعها بتشجيع الارتقاء الاجتماعي وجعل المدرسة في صلب هذا الارتقاء ودعم الانتماء إلى الطبقة الوسطى وتحسين مستوى عيشها عبر تحسين قدرتها الشرائية وتجويد شبكات الحماية الاجتماعية وتحسين العرض الصحي، والعرض على مستوى التعليم والثقافة والسياحة والترفيه، والعرض على مستوى النقل العمومي.