في وقت تستمر قيادة جبهة البوليساريو مهددة للمغرب بحشد آلياتها العسكرية قرب منطقة الكركرات الجنوبية والحدودية مع موريتانيا، بث التنظيم الانفصالي خطابا مزدوجا وهو يصف المملكة ب"الشقيقة"، ويتوسم مع الرباط "حسن الجوار والتعاون والاحترام المتبادل". وتضمنت رسالة "تهنئة عيد الأضحى"، التي وجهتها جبهة البوليساريو، إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، عبارات التودد إلى المغرب عبر الجارة الشرقية، بالقول إن هناك نية صادقة "في فتح صفحة مشرقة من علاقات السلام وحسن الجوار والتعاون والاحترام المتبادل مع المملكة المغربية الشقيقة ومع كل شعوب وبلدان المنطقة". عبارات البرقية، التي وقعت من "إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية الصحراوية، الأمين العام لجبهة البوليساريو"، جاءت بعد تشديدها على ترسيخ العلاقات مع الجزائر، بالقول: "نجدد مرة أخرى، باسم شعب وحكومة الجمهورية الصحراوية، الإرادة الراسخة في تعزيز علاقات الأخوة والتحالف بين شعبينا وبلدينا في الجزائر والصحراء الغربية". وأوردت الوثيقة ذاتها، التي اطلعت عليها هسبريس ونشرت في وكالات إعلامية ناطقة باسم "البوليساريو"، أن ما أسمته الأخيرة "النية الصادقة في فتح صفحة مشرقة مع المغرب وباقي بلدان المنطقة تأتي من أجل تحقيق طموحاتها المشروعة في التكامل والنماء والرخاء والازدهار". وحاول التنظيم الانفصالي استدعاء الدين الإسلامي في رسالته السياسية المذكورة حين قال إن الشعب الجزائري وقف بجانب من وصفهم ب"الشعب الصحراوي"، "في قضيته العادلة وكفاحه المشروع من أجل الحرية والاستقلال، في امتثال صارم لتعاليم الإسلام السمحة وقيمه النبيلة، وتشبث بمبادئ وأهداف ثورة الأول من نوفمبر المجيدة، وانسجام مع ميثاق وقرارات الشرعية الدولية"، على حد تعبير البرقية ذاتها. ولم تفوت "البوليساريو" المناسبة ذاتها دون التوجه من جديد بالتودد إلى نظام محمد ولد عبد العزيز الموريتاني، بالإعلان في برقية مماثلة وعلى لسان الزعيم الانفصالي إبراهيم غالي عن "ارتياحنا لمستوى التعاون والتنسيق بين بلدينا الجارين، وعزمنا وإصرارنا على ترقيته وتعزيزه، خدمة لمصالحنا المشركة وسعيا إلى استتباب الأمن والسلام". ومازالت الميليشيات العسكرية التابعة لجبهة "البوليساريو" في حالة استنفار قصوى بعد الحملة التطهيرية التي أعلنها المغرب في منطقة الكركرات، وشروعه في بناء طريق على الحدود المغربية الموريتانية، حيث خلصت قيادة التنظيم في اجتماع لها مساء أمس السبت إلى "استمرار الإجراءات المتخذة على مستوى جيش التحرير الشعبي الصحراوي لمواجهة التصعيد المغربي الجديد". وكانت الرباط قامت منذ أيام بتحركات أمنية وقائية واحترازية في منطقة الكركارات، الواقعة خلف الجدار الدفاعي، في اتجاه الحدود المغربية الموريتانية؛ همت تمشيط المنطقة من مخلفات التهريب الدولي، كما شرعت في تعبيد مسافة من الطريق تخترق المنطقة، كانت تعيق مرونة حركة نقل البضائع والمسافرين؛ وهو التحرك المغربي الذي واجهته جبهة البوليساريو بالاحتجاج أمام الأمين العام للأمم المتحدة، وبث تهديدات عسكرية للمملكة.