لا تزال قيادة جبهة البوليساريو في حالة استنفار قصوى بعد الحملة التطهيرية التي أعلن عنها المغرب في منطقة الكركرات وشروعه في بناء طريق بالحدود المغربية الموريتانية. المكتب الدائم للأمانة العامة لجبهة البوليساريو عقد اجتماعا جديدا تطرق لتداعيات الخطوة المغربية، واعتبر أن ما قام به المغرب يعد "خرقا لوقف إطلاق النار في المنطقة". كما كشفت وسائل إعلام موالية للجبهة أنه تم "الاستماع لعرض حول التطورات الميدانية في المنطقة المعنية ومجمل الإجراءات المتخذة"، وذلك بعد أن تحركت فيالق من ميليشيات البوليساريو في اتجاه المنطقة العازلة. وبحسب المصدر ذاته، فقد تم الاستماع إلى عرض عن التطورات على مستوى الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتصالات المستمرة مع بعثة الأممالمتحدة ورئيستها الممثلة الخاصة للأمين العام الأممي، فيما ذكّر بلاغ للأمانة العامة بما اعتبره "التزام جبهة البوليساريو بخطة التسوية الأممية الإفريقية الرامية إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير"، على حد تعبيره، داعيا الى التقيد بمقتضيات الاتفاقية العسكرية رقم 1 والالتزام بما حدده الأمين العام للأمم المتحدة في تصريحه الأخير بضرورة إزالة السبب الرئيسي لهذا التوتر. تعليقا على هذا الموضوع، يرى الباحث في العلاقات الدولية أحمد نور الدين أن ما قامت به جبهة الانفصاليين من تصعيد في قضية الكركرات يدخل ضمن "استراتيجية مواصلة الضغط" على مجلس الأمن بكل الوسائل الدعائية لابتزازه أو تضليله أو التأثير على قراراته، "واستراتيجية الضغط هذه معروفة في أبجديات الحرب النفسية". وعدّد نور الدين، في تصريح لهسبريس، الأهداف من وراء الحملة الإعلامية والبروباغاندا التي ترافقها؛ أولها الدفع نحو استئناف المفاوضات، "لأنّ غياب المفاوضات سيعجل من الانهيار الكامل لما تبقى من أشلاء الجبهة الانفصالية. ومعلوم أنها تعيش موتاً سريرياً وتَصَدُّعاً داخلياً من أبرز مؤشراته انشقاق خط الشهيد، وفرض المرشح الوحيد لخلافة عبد العزيز، ومنع الصحافة المستقلة حتى الجزائرية منها من تغطية مسرحية انتخاب هذا المرشح، بالإضافة إلى رفض الانفصاليين وراعيتهم الجزائر إحصاء وعودة اللاجئين إلى أرض الوطن"، يقول نور الدين. أما الهدف الثاني، بحسب الباحث في العلاقات الدولية، فهو التأثير على تقرير الأمين العام الأممي الذي يُنتظر أن يصدر حول الفترة الممتدة من يوليوز 2015 إلى يونيو 2016، والتي تشمل زيارته إلى مخيمات تندوف والجزائر، وذلك بهدف دفع الأمين العام إلى كتابة فقرة أو أكثر تناصر الأطروحة الانفصالية. وتابع المتحدث ذاته أن إثارة زوبعة إعلامية ودبلوماسية من خلال المراسلات الموجهة إلى مجلس الأمن للتأثير على أشغال الاجتماع السنوي للجمعية العمومية واللجنة الرابعة نهاية هذا الشهر، يمثل هدفا ثالثا، في الوقت الذي تسعى فيه الجبهة، كهدف رابع، إلى تضليل الأحزاب اليسارية الأوربية والمنظمات الحقوقية التي تتعاطف مع أطروحتها الانفصالية، من خلال عملية بروباغاندا ضخمة يقف وراءها نظام العسكرتاريا الجزائري بكل أجهزته الدبلوماسية والاستخباراتية والإعلامية ويسخر لها كل إمكانيات البترودولار. أما المسعى الخامس، يضيف أحمد نور الدين، فهو استباق المغرب وادعاء أنه خرق اتفاق 1991، "والصحيح أن المغرب هو من يجب أن يحتج رسمياً عبر رسائل موجهة إلى مجلس الأمن حول خرق الانفصاليين لهذا الاتفاق من خلال تدنيسهم للمنطقة العازلة وإجرائهم مناورات تحت أعين قوات المينورسو، في خرق سافر لمقتضيات وقف إطلاق النار"، يخلص نور الدين.