وجّهت قيادة جبهة البوليساريو الانفصالية رسالة إلى أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، تندد فيها بما أسمته "الخرق الجديد لاتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991 والاتفاقية العسكرية رقم 1 المكملة له سنة 1997". رسالة البوليساريو، التي بعثها إبراهيم غالي ليل أمس السبت، اعتبرت أن وجود زوارق البحرية الملكية في المياه الموجودة ما بين الكركرات ولكويرة "عمل تصعيدي استفزازي"، معبرة عن "إدانتها لهذا السلوك الذي يعكس غياباً واضحاً للجدية في التعاطي الإيجابي مع روح ونص القرار 2351 الذي صادق عليه مجلس الأمن الدولي منذ عشرة أيام فقط"، بتعبير "الجبهة". ودعت الجبهة الانفصالية الأمين العام للأمم المتحدة إلى "اتخاذ التدابير العاجلة لوقف مثل هذه الممارسات الخطيرة، ووضع حد للخروقات السافرة والمتكررة لوقف إطلاق النار من طرف المغرب، والتي تتجلى في استمرار النشاط المدني ومرور مئات الشاحنات من معبر الكركرات، ونشاط القوات البحرية المغربية بلا انقطاع على السواحل"، وفق الوثيقة ذاتها. أحمد نور الدين، الباحث في ملف شؤون الصحراء، اعتبر أن "المغرب ارتكب خطأ إستراتيجيا حين سمح لميليشيات البوليساريو بالتغلغل في المنطقة العازلة؛ لأن هذه الأخيرة ليست هي منطقة الكركرات كما يتم الترويج له حاليا، وإنما تبتدئ من الشريط العازل في حدود تندوف، مرورا بالحدود الموريتانية ،وصولا إلى المحيط الأطلسي". ولفت الباحث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن "الجزائر نجحت في تحويل المعركة بجعل الحديث يقتصر فقط على منطقة الكركرات، بينما كان على المغرب أن يحتج على الأممالمتحدة ويوقف المسار الأممي حتى تسترجع المنطقة العازلة كلها طهارتها التي كانت عليها قبل دخول البوليساريو إليها". واعتبر أحمد نور الدين أن "رسالة الجبهة إلى الأممالمتحدة تدخل في نطاق الهجوم على المغرب في كل ما يقوم به ضمن المنطقة الفاصلة بينه وبين موريتانيا"، مؤكدا أن هذه الإستراتيجية أضحت واضحة خاصة بعد طلب الجارة الموريتانية الانضمام إلى مجموعة "سيداو"، إذ "أحست الجزائر بالخطر، وبوجود خطة مغربية موريتانية للانضمام إلى المجموعة؛ وهو ما سيعزل الانفصاليين بالمطلق". وبخصوص اعتبار إبراهيم غالي في رسالته أن المغرب خرق اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991، أكد الباحث في ملف شؤون الصحراء أن البوليساريو هي من بادرت بخرقه؛ ذلك أن "الاتفاق ينص على أنه على الأطراف الموقعة عليه أن تبقي قواتها في المواقع التي كانت عليها عشية التوقيع في يونيو 1991"، مضيفا أنه "بالعودة إلى هذا التاريخ، فإن القوات المغربية كانت غرب الجدار الأمني، بينما يوجد الانفصاليون فوق التراب الذي تديره الإدارة الجزائرية؛ لأنهم لم يكونوا يجرؤون على دخول المنطقة العازلة التي كانت بمثابة تكتيك عسكري مغربي لضرب أي فلول للبوليساريو إذا هاجمت الجدار". وأردف نور الدين أن المغرب كان عليه أن يحتج ساعتها قبل وصول الجبهة إلى الكركرات، "ويعتبره خرقا لإطلاق النار؛ لأن الانفصاليين تحركوا من مناطق كانوا عليها قبل اتفاق 1991 إلى مناطق لم يكونوا يوجدون بها بتاتا، بينما ظل المغرب في مكانه خلف الجدار، وبالتالي فإن الخرق جاء من لدن البوليساريو التي كانت بتندوف حينها". واعتبر الخبير في شؤون الصحراء أن المطلوب اليوم من المغرب، للرد على تحركات البوليساريو، أن "يشترط وقف المسلسل التفاوضي حتى يتم إخلاء المنطقة العازلة والعودة إلى ما قبل اتفاق 1991، أي إخلاء منطقة بئر لحلو ومنطقة تيفاريتي". وشدد المتحدث نفسه على أن المغرب يجب أن يشترط أيضا إحصاء اللاجئين في المخيمات؛ لأن ذلك من شأنه أن يعزل الجبهة الانفصالية، خاصة أن الإحصاء ليس كما يتم الترويج له باحتساب عددهم وإنما استفسارهم عن مدى رغبتهم في البقاء بالمخيمات أو العودة إلى المغرب أو الانتقال إلى أحد البلدان الأخرى، ما يعني أن المخيمات سيتم إخلاؤها ويحل المشكل".