الخطوة تكتيكية محسوبة لتوريط البوليساريو المتمادية في خرق اتفاق وقف إطلاق النار انسحاب المغرب من المنطقة ليس فيه أي مس بسيادته أو تأثير على وحدته الترابية الرباط: العلم في خطوة ذكية ومحسوبة بدقة أعلنت المملكة عن انسحاب أحادي الجانب من منطقة الكركرات، الواقعة على الحدود مع موريتانيا .بلاغ صادر الأحد الصادر عن وزارة الخارجية والتعاون أفاد بأن المملكة المغربية أخذت علما، باهتمام، بالتصريح الصادر، يوم السبت، عن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الوضعية الخطيرة في منطقة الكركرات بالصحراء المغربية، مبرزا أن المغرب يسجل توصيات وتقييمات الأمين العام المنسجمة مع الشرعية الدولية، وأن هذا التصريح يأتي على إثر الاتصال الهاتفي الذي أجراه صاحب الجلالة، الملك محمد السادس مع السيد أنطونيو غيتريس، الأمين العام الأممي يوم 24 فبراير الجاري . القراءة الموضوعية للخطوة المغربية تعكس إرادة المملكة لقطع الطريق أمام جبهة الانفصاليين ومحركيها عن مواصلة استثمار أزمة معبر الكركرات لإثارة انتباه المنتظم الدولي وإحراج المغرب أمام منظمة الاتحاد الإفريقي، خاصة لدى مفوضية السلم والأمن التي ترأسها الجزائر مع عدم السماح لعصابة الرابوني بتهريب أجواء الاحتقان الداخلي والخلافات العاصفة بين زعامات الجبهة خارج حدود مخيمات العار بتندوف، والدفع بالجزائر لراعي الرسمي للمشروع الانفصالي الى الاستمرار في تحمل كلفته السياسية و المادية الثقيلة. في هذا السياق، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، إن انسحاب المغرب من منطقة الكركارات الحدودية مع موريتانيا، ليس فيه أي مس بسيادته أو تأثير على وحدته الترابية، مضيفا في تصريح ل"العلم"، أن خطوة المغرب التي أشاد بها المجتمع الدولي جاءت للتعبير عن حسن نية المغرب تجاه الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، واحتراما لبنود اتفاقية وقف إطلاق النار بين الطرفية، التي تنص على إخلاء المنطقة العازلة من أي وجود مسلح. الخطوة تكتيكية محسوبة لتوريط البوليساريو المتمادية في خرق اتفاق وقف إطلاق النار وشدد الحسني، على أن ادعاءات البوليساريو لاحتلالها أو تحريرها وفق تعبير الجبها، للمنطقة التي تفتح طريقا نحو العمق الإفريقي، هو مجانب للصواب، حيث إنها وفق اتفاقية الأممالمتحدة، منطقة عازلة ضمن المنطقة الجنوبية الشرقية من الحدود، التي تخضع لمراقبة وضبط، بعثة المينورسو، موضحا أن الجبهة الانفصالية ومن ورائها الجزائر ضاعفت عملياتها الاستفزازية خلال غشت الماضي، وهي الفترة التي واكبت تقدم المغرب بطلب الانضمام للاتحاد الإفريقي للتشويش عليه، حيث بلغت المسألة ذروتها يوم 24 و25 فبراير حيث شهدت المنطقة توترات خطيرة عندما لم يعد يفصل بين مقاتلي الجبهة والجيش المغربي سوى 120 متر، بيد أن المغرب لم يستجب لهذه الاستفزازات. عناصر البوليساريو في آخر استفزاز لهم للمغرب، بثوا فيديوهات تظهرهم وقد انتقلوا للطريق التي أنشأتها المملكة في المنطقة وهم يحتفلون بالاستيلاء عليها، وهو ما علق عليه نفس المحلل، بأن المغرب اختار الانصياع للشرعية الدولية بالانسحاب الأحادي من المنطقة، وهو ينتظر أحد الخيارات إما أن تسحب الجبهة عناصرها من المنطقة، أو أن تتدخل الأممالمتحدة، أو أن تكون بلادنا مضطرة للعودة للمنطقة لوقف تهديد العناصر الانفصالية للأمن والاستقرار بالمنطقة حتى لو كلفها ذلك الدخول في مواجهة مسلحة معهم. وذكّر الحسيني بتصريحات ما يسمى مبعوث البوليساريو لفرنسا، الذي قال إن الجبهة لن تنسحب من الكركرات حتى تتوصل بضمانات معينة، معتبرا أن تحدي البوليساريو للقرارات الدولية هو خطأ كبير بجعله في صبغة اشتراطية، حيث يربط بين مسارين مختلفين، المسار الأول هو مسار التسوية وله جدولة من طرف الأمين العام الأممي ومبعوثه الشخصي، والمسار الثاني، وهو مسار الانسحاب الإلزامي من المنطقة العازلة وهو خاضع لمقتضيات اتفاق وقف اطلاق النار خلال التسعينات الذي تم برعاية أممية. وأضاف أن أي ربط بين المسارين هو تهديد للمنطقة تتحمل البوليساريو والجزائر مسؤوليته. في المقابل، رحبت فرنسا الفاعل الأساسي بالمنطقة وبمجلس الأمن والمطلعة على خبايا ملف النزاع المفتعل، بإعلان المغرب انسحابه بشكل أحادي الجانب من الكركرات، مؤكدة أن الأمر يتعلق بمبادرة هامة في اتجاه التهدئة، تأخذ بنظر الاعتبار استقرار ومصالح المنطقة. خاصة أن باريس كانت تتجه لطلب عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن حول التطورات الخطيرة بالمنطقة. وأكد الناطق باسم الخارجية الفرنسية، رومان نادال، بأن باريس تدعو كافة الأطراف إلى التصرف بمسؤولية، وأن تسحب بدون شروط العناصر المسلحة الموجودة بالمنطقة، طبقا لاتفاقيات وقف إطلاق النار، مذكرا بأن فرنسا تجدد دعمها للبحث عن حل عادل ودائم ومقبول من الاطراف لقضية الصحراء ، تحت اشراف الاممالمتحدة، طبقا لقرارات مجلس الأمن، وتعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 ، تشكل "قاعدة جدية وذات مصداقية" لتسوية هذا النزاع. بدورها رحبت الحكومة الاسبانية بإعلان المغرب رسميا، انسحابا أحادي الجانب فوري من منطقة الكركرات. وأوضح بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الاسبانية أن مدريد دعت الأطراف الأخرى للقيام، وب"طريقة فورية"، بسحب كافة العناصر من المنطقة المعنية استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة. الجزائر بدورها، كشفت عن تخطيطها وضلوعها في ما يحدث، حيث أعلنت الرئاسة بالجارة الشرقية أن بوتفليقة بعثت برسالة إلى زعيم البوليساريو يجدد فيها دعم بلاده المتواصل للانفصاليين لنيل ما وصفه بحقهم في تقرير مصيرهم. وهو ما يبين أن الجزائر تحاول من خلال هذه التحركات فتح جبهة جديدة في صراعها مع المغرب خاصة بعد عودته إلى الاتحاد الأفريقي.