شوارعُنا وأحياؤُنا تحوّلتْ إلى عَرْبدة للاّأمن.. «قانونُ الغاب» يصنعُ السّيبةَ في كلّ مكان.. شبابٌ مُتوتّرون يجوبُون الأحياءَ والشوارع، بسيُوفٍ وخناجر، يُهدّدون النّاس، ويعتدُون على الصغيرِ والكبير، أمام أنظارِ الحكومة! ترعيبٌ وتخويفٌ وترهيبٌ واعتداءاتٌ أقلُّ ما يُقالُ فيها إنها ليست عاديًّة، ولا حاصلة بالصُّدفَة.. على الأقلّ، تقفُ وراءها «عصاباتٌ» يسْتهوِيها ترعيبُ المواطنين.. ألا تكونُ الحكومةُ نفسُها تغُضُّ الطرفَ عن هذا التّرهيب، لكي ينشغلَ الناسُ بالمشكلِ الأمني، على حساب واجباتِهم الأُسَرية؟ وإذا لم تكُن الحكومةُ مسؤولةً بشكلٍ مُباشر، نتيجةَ لامُبالاةٍ أو غَباء، أليست مسؤولةً أُولَى عن أمنِ المواطنين؟ وهل مُستبعَدٌ أن تكونَ الحكومةُ نفسُها هي من أوْقَفَ شجرةَ اللاّأمن، كي تُخْفيَ عن المواطنين غابةً من الحقوق الأخرى التي شكّلت محورَ مَسيراتٍ ومُظاهراتٍ واحتجاجاتٍ شعبية، طيلةَ السنواتِ الماضية؟ هذا الإرهابُ له أسبابٌ لا تجهلُها الحكومة! ومن أسبابِه قضايا اجتماعية تملّصَت الحكومةُ من تسويتِها بشكلٍ عادِل.. وهذا لا يُبرّرُ العُنف.. ومهما تكُن أسبابُه، لا مُبرّرَ له.. ويتوجّبُ اجتثاثُه من الأساس.. والخوفُ كلُّ الخوف أن يكونَ هذا العُنف مُجرّدَ جرائمَ مبرمَجة، يُرادُ لها أن تَخرُج إلى الشوارع من أجل ترهيب الناس وجعلِهم ينشغلُون عن حقوقِهم وواجباتِهم.. العقلُ يقول هذا.. أفَلا تعرفُ الحكومةُ من يقفُون وراءَ هذه الظاهرة المدمِّرَة؟ ومن سواها يُمْكنُ أن يعرف؟ هي تُديرُ الأجهزة، والإدارات، والوزارات... ونحن نُحاسبُها هي، لأنها خرجت من أصواتِنا.. هي مسؤولةٌ أمامَنا.. مسؤولةٌ بشكلٍ مُباشر أو غيرِ مباشر.. فلماذا أوقعَتْ حياتَنا العامّة والخاصّة في قبضةِ عصابات؟ لماذا غضّتْ وتغُضُّ الطرفَ عن قانونِ الغاب الذي أصبحَ سيّدَ الموقف في حياتِنا اليومية؟ هل هي بدُونِ عيُون؟ وبدونِ آذان؟ ألا ترى ولا تسمع؟ ولا تُدرِك؟ ولا تستقرىء الآتي؟ أم تُراها تستعذبُ أن يقتصرَ المكروهُ على بناتِ وأبناءِ البلد؟ يجبُ فتحُ تحقيقٍ قانوني ضدّ هذه الحكومة التي أضرّتْ وتضرُّ أيّما إضرار بأمنِنا، وبحقوقِنا الوطنية.. هي ليست فوق القانون.. يتوجبُ مُحاسبتُها، بوُزرائها، ومعهُم رئيسُ الحكومة.. ماذا أنجزت هذه المجموعةُ الوزارية؟ كان عليها أن تحمي الحقوقَ والواجبات.. لها سلطةُ القرار.. وكان عليها أن تضبط الملفاتِ الاجتماعيةَ التي لا يجوزُ المساسُ بها، من قريبٍ أو بعيد.. وإذا لم تكُن تعلم، باستطاعتِها أن تستعينَ بخُبراءِ «الحاجاتِ الإنسانية»، فتُدركَ أن هذ الحاجاتِ تتحدّدُ في مضمُونِ «هرم ماسْلُو»: 1 الحاجات الجسدية: الطعامُ والسكن... 2 الأمنُ والأمان... 3 الاحتياجاتُ الاجتماعية، ومنها الأسرةُ والعمل... 4 الاحترامُ والتقدير... 5 تحقيقُ الذات... لكن الحكومة ضربت كلَّ هذه الحقوق في الصميم.. وبدلَ التركيز على حلّ مشاكلِ المجتمع، هي مُشغِلةٌ في «حملةٍ انتخابية» سابقةٍ لأوانها.. إنهُ عبثٌ حكومي يستوجبُ الحساب، وما بعدَ الحساب!