لم تمر تصريحات عالم مقاصد الشريعة أحمد الريسوني، في ندوة نظمها "مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق" بقطر، بشأن اصطفافه مع الذين يدعون إلى إلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي الذي يعاقب المفطرين علنا في رمضان، دون أن تثير مواقف رافضة من إسلاميين مغاربة. عبد السلام بلاجي، البرلماني والقيادي في حزب العدالة والتنمية، وأستاذ الدراسات الإسلامية، أبدى رفضه تصريحات زميله في حركة التوحيد والإصلاح، وقال لهسبريس إن "الريسوني ركز على المقاصد الجزئية التي تتعلق بحرية المفطرين في رمضان، ولم يكترث بالمقاصد الكلية". وقال بلاجي، ردا على الخرجة الإعلامية للريسوني، إن القانون المغربي ساير الاتجاه الفقهي العام عندما سن الفصل 222 من القانون الجنائي، والذي ينص على أن "كل من عُرف باعتناقه الدين الإسلامي وتجاهر بالإفطار في نهار رمضان في مكان عمومي دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة ماليّة". وبخصوص المقاصد الجزئية من موضوع الإفطار في رمضان، يضيف بلاجي: "لا أحد يجادل في الحريات الشخصية للأفراد، لكن المقصد الكلي هو أيضا جدير بالتركيز عليه أكثر، وهو احترام العبادات وما يرتبط بها في رمضان، وسمو الأمة والمجتمع على حريات الأفراد". واسترسل القيادي الإسلامي ذاته بالقول: "موقفي من المفطرين في رمضان جهرا وعلانية أنني أطلب لهم الهداية من الله، ولكنهم أحرار في ممارسة حرياتهم الشخصية"، متابعا بأن "النظام العام للدولة في العالم بأسره يعود إلى العقلية الجمعية السائدة، وبالتالي يتعين ألا يُخدش النظام العام الذي تفرضه هيبة رمضان"، حسب تعبيره. وأما بخصوص المآلات، يقول بلاجي في حديثه لجريدة هسبريس، فإنه "من المفترض في المفطرين في نهار رمضان أن لديهم أعذار شرعية، من قبيل السفر أو المرض"، مبرزا أن "صاحب العذر الشرعي من طبيعته لا يجاهر بإفطاره أمام الناس في رمضان، لكونه يعتقد جازما بحرمته". وشدد المتحدث ذاته على أن الذي يجاهر بالإفطار في نهار رمضان إنما يعاكس إرادة المجتمع، ويعاكس النظام العام الذي يسود المجتمع المغربي، مشيرا إلى أن ترك الباب مفتوحا أمام "وكالين رمضان" قد يدخل المجتمع في صراعات هو في غنى عنها، "فتنقلب الحرية الشخصية إلى أمور غير محمودة العواقب"، حسب تعبيره. وخلص بلاجي إلى أنه يُجل الريسوني لعلمه وورعه، "لكنه غابت عنه المقاصد العامة في هذا الموضوع، واهتم فقط بالمقاصد الجزئية"، مبرزا أن "جميع العقوبات في القانون المغربي لا تعاقب على المخالفات في حد ذاتها، مثل الزنا أو السكر العلني أو الإفطار العلني، بل تعاقب على المجاهرة بها". وسار الشيخ السلفي حسن الكتاني على نفس ما ذهب إليه بلاجي، إذ أورد في تدوين على صفحته في "فيسبوك"، أن ما قاله الريسوني بشأن موافقته على إلغاء تجريم الإفطار في نهار رمضان "يخالف مقاصد الشرع"، مردفا بأن "في كلام الشيخ توهين ما بقي في قلوب المغاربة من تعظيم رمضان وهيبة الصيام". وكان الريسوني أكد أن "الحاكم ليس عليه أن يتدخل في العبادات"، وأنه "من العناء غير المجدي أن يتم اعتقال المفطر في رمضان والتحقيق معه، وإرساله إلى النيابة العامة"، مشددا على أن "الأشخاص يحالون على بواطنهم وحوافزهم الداخلية، وأن المجتمع هو الذي يمنع الإفطار العلني في رمضان وليس القانون".