تم بدار الثقافة ببني ملال، توقيع رواية "المغاربة" للروائي والمترجم عبد الكريم جويطي، والتي تتناول محكيات لمحطات من التاريخ المغربي ممزوجة بصور جمالية تنهل من التراث الشعبي المغربي الأصيل. وتمثل هذه الرواية، التي تقع في 403 صفحة من الحجم المتوسط، والصادرة عن المركز الثقافي العربي، عوالم متداخلة في ملامسة واقع وحياة المغاربة، انطلاقا من ذاكرتهم الشعبية التي تمثل التقاليد والعادات بمختلف تجلياتها، كما تشكل صورة جلية تظهر لغتها السردية الآسرة وعوالمها التخييلية المبتكرة تمكن من خلق المشاهد الروائية التي تؤثر وبقوة على متلقيها. وحسب المؤلف، فإن رواية "المغاربة" يتداخل فيها صوتان، صوت مدينة تصحو على ظهور جماجم وعلى عودة باشا من منفى طويل، وعلى مآلات شخصية مأساوية لأخوين واحد يصاب بالعمى والآخر يعود معطوبا من الحرب، فيتناوبان على حكي عالم قاس لم يعد يرحم أحدا، وصوت التاريخ الذي يحضر من خلال هذايانات عن المغاربة والسلاطين والأولياء الصالحين، حيث يتداخل الصوتان وبنيات صورة روائية للمغاربة. وقال الباحث والناقد نور الدين درموش، في قراءة للرواية، "إن المؤلف الجديد للجويطي جاوز الأبعاد المعتادة في الكتابة الروائية حيث لامست أبعادا أخرى أوسع وأعمق إذ بدا طموحها إدراك ما يمكن وسمه ب(الكينونة المغربية)، مما تطلب اشتغالا متأنيا على التاريخ المغربي (قديمه ووسيطه وحديثه)، سواء بجعل هذا التاريخ خلفية للمصائر التي تعيشها شخوص الرواية، أو بجعل محطات التاريخ المتباعدة، موضوعا لكتابات شذرية، مفعمة بالتأملات الحاذقة والكاشفة، أو بضم مقاطع من كتب ومدونات تاريخية مأثورة أو نادرة، ناطقة بفداحة وقائع تاريخية بعينها". وأضاف أن "الرواية حاولت أن تستخلص القار والثابت في حركة تاريخ عنيف، فيما تمثل الكينونة المغربية، في هذا السياق، نتاجا يمكن تسميته "عودا أبديا" لما يشبه "عدما تاريخيا"، جاوز في حالاته العديدة حدود "المأساة المأثورة"، مشيرا إلى أن التاريخ في الرواية هو تمظهر "ملموس"، أو تجل "عياني" لوجود إنساني "أصله" مختل ومنحط وقاتم. وأكد أن رواية "المغاربة" انطبعت بسرود شائقة وتأملات نافذة لم تخل من مفارقات مرحة عكست رغبة مبطنة في مجاوزة الاشتراطات القاسية للوجود، سرود نضحت بمشاعر الحب والتوادد، وبالاستماتة في تلافي إعاقات مزمنة (العجز، العمى ...). يذكر أن عبد الكريم جويطي، الذي يجمع بين ممارسة التأليف والترجمة، صدرت له أعمال روائية "ليل الشمس" و"زغاريد الموت" و"كتيبة الخراب"، ونصوص مترجمة من قبيل نص رواية "أميلي نوثوب" و"نظافة القاتل"، كما صدرت له، ضمن أدب الرحلة، كتاب "زهرة الموريلا الصفراء".