يعيش أزيد من 320 بحارا سابقا، من ضمن 1800 ممن كانوا يشتغلون بشركة "كوماناف فيري" المفلسة، أسوأ أيامهم بعد تضييق الخناق عليهم من طرف المصارف التي ترغب في استعادة قروضها السكنية أو مصادرة شققهم، بعدما عجزوا عن مواصلة تسديد أقساطها الشهرية بعد تعرض شركة "كوماناف" للإفلاس سنة 2011، دون التمكن من الحصول على مستحقاتهم وحقوقهم التي يقولون إنها صودرت من طرف صاحب شركتي "كوماريت وكوماناف فيري" اللتين يوجد مقرهما بمدينة طنجة. الأبواب الموصدة منير محمد، واحد من هؤلاء البحارة الذين أوصدت الأبواب في وجوههم، بعدما أصبحوا بين عشية وضحاها عاطلين عن العمل وعاجزين عن سد الحاجيات الأساسية لأفراد أسرهم الصغيرة، وهو الذي لم يزر النوم جفنيه منذ يومين بعدما زاره يوم الخميس مفوض قضائي، مبعوث من محامي أحد المصارف التي يوجد مقرها في مدينة الدارالبيضاء، ليطالبه بسداد المبلغ المتبقي من القرض وإلا سيتم بيع شقته في المزاد العلني. منير محمد، الأب لثلاثة أطفال، الذي حل ليلة الجمعة ببيت صديقه وزميله السابق في العمل حسن السلاهمي ليجد هناك عددا من زملائه في شركة "كوماناف فيري"، اعترف لأصدقائه بأنه لا يستطيع سداد ولو قسط بسيط من القرض الذي بذمته بالتضامن مع الشركة التي كان يشتغل بها. هذا البحار السابق، الذي أصيب بمرض السكري في السنوات الثلاث الأخيرة نتيجة الضغوط النفسية الكبيرة التي خلفها إفلاس الشركة وعدم رغبة صاحبها الثري، عبد العالي عبد المولى، في إيجاد حل لمشاكلهم الاجتماعية أو تعويضهم، وفق تعبيره، تساءل: "واش هاد السيد فوق القانون!". مأساة البحارة التساؤل نفسه أثاره حسن السلاهمي، البحار الذي اشتغل لسنوات على متن بواخر "كوماناف"؛ حيث اعتبر أن ملف هذه الشركة من أخطر الملفات الاجتماعية التي لم تتعامل معها الحكومة الحالية بحرفية، وأن "التسيير الهاوي لملف كوماناف فيري هو الذي تسبب في مأساة مئات البحارة المغاربة". وقال السلاهمي في تصريح لهسبريس: "وزارة التجهيز والنقل يجب أن تعترف بأنها فشلت في تدبير ملف أسطول كوماناف فيري المغربية.. لقد وعد وزيرها العمال الذين تم التخلي عنهم من طرف الشركة بالحصول على كافة مستحقاتهم، وأكد لنا أننا سنشتغل في الأسطول المغربي الذي سيعود من جديد، لكن لا شيء تحقق من هذه الوعود". وأضاف: "كنا ندخل الفرحة والبهجة على أفراد أسرنا، أصبحنا الآن ندخل عليهم المفوضين القضائيين.. كنا ندرس أبناءنا في التعليم الخاص، أصبحنا اليوم نبحث لهم عن مقعد في مؤسسات التعليم العمومي.. كنا نقتني لفلذات أكبادنا ملابسهم من أرفع المحلات.. أصبحنا اليوم نشتري لهم ملابس مستعملة". وأفاد المتحدث بأن "العمال يعيشون أوضاعا مزرية حقيقية. لقد ضعنا في مستحقاتنا وحقوقنا بما فيها الاجتماعية، فقد كان عبد العالي عبد المولى يقتطع واجبات الصناديق الاجتماعية ولا يسددها"، واستطرد السلاهمي: "نحن نريد أن نعرف هل صاحب شركة كوماريت فوق القانون، لقد رفعنا مجموعة من الدعاوى أمام القضاء في هذا الشأن بدون جدوى". وأردف حسن السلاهمي: "نحن نطالب رئيس الحكومة بأن يلتفت إلى حالة 1800 بحار تم حجز منازلهم ومصادرة حقوقهم، وأن يقوم بنفس ما قام به مع عبد العالي عبد المولي عندما صرح أمام الجميع أنه مستثمر مظلوم". وعود واهية محمد فخري، كاتب عام الاتحاد المغربي للشغل بشركة "كوماريت فيري"، قال إن العمال اتصلوا بالمسؤولين الحكوميين مرارا وتكرارا وتلقوا وعودا من وزير التجهيز بأن الأمور ستتحسن، وأضاف: "لقد أخبرنا الرباح أن هناك شركات قادمة ستستثمر في قطاع النقل البحري، ووعدنا بأننا سنحظى بالأولوية كعمال كوماناف فيري أثناء شروع الشركة في التوظيف، وهو ما لم يتم". واعتبر فخري أن عمال شركة "كوماناف فيري" لم تنصفهم وزارة التجهيز والنقل ولا الحكومة، مشيرا إلى هناك مشاكل اجتماعية مؤسفة يمر منها أزيد من 320 من البحارة المهددين بطردهم من شققهم السكنية بسبب المشاكل المادية التي يتخبطون فيها منذ 4 سنوات. وأضاف المتحدث النقابي: "كنا تشتغل معززين مكرمين منذ سنة 1982 إلى غاية 2002؛ حيث تم إخبارنا بعملية المغادرة، قبل أن تقدم الدولة على تفويت شركة كوماناف سنة 2007 لشركةCMA CGM. وبعد مرور سنتين، قامت هذه الأخيرة بتفويت كوماناف فيري لنقل الأشخاص إلى شركة كوماريت لصاحبها عبد العالي عبد المولى".