تفتح هسبريس هذه الزّاوية خلال شهر رمضان لمجموعة من الفنانين الأمازيغ، خاصة الممثلون الذين أفنوا أعمارهم في التمثيل، ليتحدثوا عن تجربتهم الإنسانية، بداياتهم، طفولتهم، وقصة ولوجهم إلى المجال الفني. فنانون يعرفهم الصغير والكبير، من خلال أعمالهم التي اشتهروا بها منذ ما يزيد عن عقدين، بعضهم ما زال يتسلق جبلَ النجاح، وبعضهم "اعتزل" وطرق أبواب الضيعات والمعامل بحثا عن لقمة العيش، وآخرون يعانون في صمت دون أن يجدوا أذنا صاغية، بعد أن تنكر لهم الجميع، وهم الذين أفنوا زهرة شبابهم في إمتاع الجُمهور وإضحاكه.. يتحدثون بكل عفوية، ولا نغير شيئا من كلامهم سوى ترجمته من الأمازيغية إلى العربية. عائشة بوالحوجّات (من مواليد 1974 بتيكيوين) ولدتُ بتيكيوين، عشت مدة بتاغزوت، وبالدشيرة، ثم بمنطقة تارّاست التي أعيش فيها منذ 1984. أم لبنتين، إحداهما طالبة بشعبة علم الاجتماع، والصغيرة عمرها ثلاث سنوات وبضعة أشهر. درست بمدرسة علال الفاسي، ثم بمدرسة العرفان بتاراست، فالمنصور الذهبي بإنزكان، وكذلك مؤسسة الرحال، وتركت مقاعد الدراسة سنة 1990. ولجتُ المجال الفني سنة 1994، جاء إلى بيت أهلي المنتج لحسن بيجديكن، رفقة الفنان لحسن إكثير، وطلبا من أهلي أن يسمحوا لي بالمشاركة في عمل فني، لكن أسرتي رفضت ذلك، بعد مدة عادا من جديد بالطلب نفسه وكذلك قوبل بالرفض. لم ييأسا، إذ عادا للمرة الثالثة لاقتناع أهلي فسمحوا لي أخيرا بالمشاركة في أول عمل فني لي. أذكر أن اسمه " تَمارَا نْ تُودْرْتْ". المسرح اجتزت تدريبا بالمؤسسة الفرنسية بأكادير، أعشق المسرح وأزاوله، أشتغل رفقة فرقة "الأنامل الساحرة" بالرباط، سبق أن قدمنا مسرحية سنة 2005 بعنوان "تَامغَارْتْ أيْسّاقْلاَيْنْ نتّاتْ أيْزُكُوزنْ"، والتي تم تسجيلها للقناة الأمازيغية هذه الأيام. واشتغلنا في 2016 على مسرحية ""مال مالولو"" بدعم من وزارة الثقافة. صحيح إنني لم أتخرج في معهد التنشيط الثقافي، لكنني أعشق أب الفنون، أمارسه، وأجتهد لأنني أحب هذا المجال وسأبدع فيه. الندم والفخر لم أندم على أي عملٍ شاركت فيه، لكنني كلما شاهدت مجموعة من أعمالي السابقة، أشعر بأن بعضها يشوبه بعض النقص، من حيث السيناريو، أو من حيث الإخراج أو غير ذلك، لكنها مقبولة كبداية عندما أقارنها بأعمالي الأخيرة. أما بالنسبة للأعمال التي أحبها فهي مسلسل "تلاتيك"، أعجبني، ليس فقط لأنه أول مسلسل أمازيغي، لكنه أعجبني كعمل، وهناك أعمال كثيرة أعتقد أنها جيدة، وإن كان الحكم للجمهور، فهو الذي يقيم الأعمال وأداء الفنانين. العنصرية والزبونية الفنان المغربي محكور، خاصة الأمازيغي. الحكومة لم تعطينا حقّنا، ولا تعاملنا كالعرَب، هناك فرق كبير بيننا وبينهم، رغم أننا نبذل جهدا كبيرا من أجل الأمازيغية. ثم إن الأمازيغ يحتقرون بعضهم البعض. أثناء التكريمات في المهرجانات الوطنية، يتم تكريم الوجوه نفسها، وإذا ما تم تكريم أمازيغي فإنهم يقدمون له شهادة تذكارية أو رسما دون أي قيمة.. يعج العمل في الأوساط الفنية بالزبونية والعنصرية، يتم استدعاء أشخاص من الرباط والدار البيضاء أثناء تصوير أعمال بأكادير، وتهميش فناني المدينة، أولئك الذين يعيشون من التمثيل والسينما. أما أفلام الڤي سي دي التي كنا نشتغل بها، فلم تعد قائمة بسبب القرصنة وإفلاس الشركات التي كانت تشتغل في المجال. الأمازيغ لا يشجعون فنهم، ولا يشجعون بعضهم البعض. أصحاب المال هنا لا يستثمرون في الفن، عكس بعض الدول؛ حيث تستشعر الفرق بمجرد خروجك من هذا البلد نحو دولة أجنبية. قيمة الفنان على الفنان الأمازيغي ألا يقبل العمل بأقل الأجور، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لاحترامه، لأن هناك من هو مستعد لأن يشتغل بأي ثمن أو بالمجان، فقط من أجل أن يظهر على الشاشة، في الوقت الذي يجب فيه أن نعطي القيمة لأنفسنا ونناضل من أجل هويتنا. على الفنانين أن يتحدوا وأن يأخذوا بزمام المبادرة، بدل الانتظار، علينا أن نعمل ونكون فرقا مسرحية في أكادير، لأن المسرح يوجد فقط في الرباط والدار البيضاء، في حين إن الفنانين هنا في أكادير ينتظرون فقط من ينادي عليهم لتمثيل فيلم أو مسلسل. وعلى الجميع أن يساند الفنان، كل حسب مسؤوليته، من دعم وإعلام وغير ذلك.