مع إفتتاح ملعبي مراكش وطنجة، وقرب الإنتهاء من تدشين ملعب أكادير، وتزامن هذين الحدثين مع نيل المغرب شرف تنظيم كأس إفريقيا للأمم سنة 2015، وما يعنيه هذا من تدفق بشري هائل من مشجعين، لاعبين وإعلاميين على المغرب، ستكون هذه فرصة لا محالة لبعض الشباب العاطل لممارسة بعض الأنشطة الإقتصادية الموازية لتظاهرة كروية من هذا الحجم. هكذا سيتحول بعض من الشباب والذي كان طيلة الأعوام السابقة "شاد الحائط لا يطيح على رأس كل زنقة زنقة"، من عاطلين إلى باعة متجولين و"فراشة" -من الفراش طبعا وليس "الفرشة"- والذين سيقررون لا محالة تنويع ما سيعرضونه هذه المرة للبيع، فإلى جانب الأعلام وأقمصة "النايلون" للمنتخبات المشاركة، وأصابع "الفيميجين"، والتذاكر المزورة، سنجدهم هذه المرة يعرضون المناظير(لبعد المدرجات عن رقعة الميدان)، والشموع (لضعف الإنارة)، و"الهيادر" (حتى لا يصاب الجمهور الجالس على "الدص" بالروماتيزم)، وقنينات المياه الفارغة (لقضاء الحاجة، نظرا للحالة الكارثية لأماكن دورات المياه)، وحتى سدادات الأذن (لعدم سماع الكلمات النابية التي يرددها الجمهور). فجميع ملاعبنا الوطنية لا تعدوا كونها أماكن باردة وبلا روح، تغيب عنها اللمسة الفنية الهندسية التي باتت مطلوبة وبشدة في تصميمات كبرى من هذا الحجم، فهاهو المركب الرياضي لفاس الذي لم تمض على إفتتاحه سوى 4 سنوات فقط، يبدو ككتلة إسمنية مهجورة أصابتها "الغمولة"، بتصميم يخيل إلى ناظره أنه بني أوائل القرن الماضي، بمدرجات وكراسي زرقاء شبيهة بتلك المتواجدة بالمركب الرياضي بالرباط. وهاهو الملعب الجديد لمراكش الذي يعتبره البعض "مفخرة" للمغرب، لا يعدو كونه ملعبا بتصميم شبيه -إن لم نقل منقولا- لملعب "لويجي فيراريس" بمدينة جنوى الإيطالية المدشن سنة 1911، زيدت فيه حلبة السباق المطاطية على غير قياس لزيادة طاقته الإستيعابية، الأمر الذي أدى إلى زيادة مدرجات إضافية في أقصى اليمين واليسار من كلتا الجهتين، والتي تصيب الجالسين فيها بآلام في الرقبة، أو كما نسميه نحن ب"بوعنيق"، ولعلهم جميعا وبعد إنتهاء المقابلة -هذا إن أكملوها أصلا- ستجدهم يبحثون في الخارج عن إحدى الكلاب الضالة، حسب وصفات الطب التقليدي والمعتقدات الشعبية المغربية الموغلة في القدم، والتي توصي كل مصاب ب"بوعنيق" بعناق إحدى الكلاب للتخلص من المرض. حتى المركب الرياضي لطنجة لم يسلم بدوره من التشويه، فلما كنا ننتظر رؤية ملعب بمواصفات هندسية معينة، تفتقت عبقرية مهندسيه في اخر المطاف بتعديل تصميمه، وذلك بإزالة المدرجات الأمامية والخلفية، ليبدو الملعب بصورة غير متناسقة، الشيء الذي دفع سكان طنجة لتناقل طرفة تقول: "المغاربة طولانتيين، بناو غير الجهة اللي غادي تبان في الكاميرا". أفلم يئن الأوان بعد لتدشين ملعب يليق بسمعة وتاريخ الكرة المغربية؟ للتواصل مع الكاتب www.facebook.com/karimbelmezrar [email protected]