في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية بالقمة الخليجية-المغربية يوم الأربعاء الماضي بالرياض، الأولى من نوعها، نبه الملك محمد السادس إلى "الوضع الخطير" الذي يتهدد الدول العربية-الإسلامية. وعلى خلفية فشل ما يسمى "الربيع العربي"، الذي تسبب في الكثير من الضرر والدمار والخراب والمآسي الإنسانية، حذر الملك من "مخططات مبرمجة" تستهدف الدول العربية، ومؤامرات تستهدف المس بالأمن الجماعي لدول الخليج والمغرب والأردن، مشيرا إلى أن المنطقة العربية تعيش على وقع تدخلات أجنبية تحاول قلب الأنظمة وتقسيم الدول، كما هو الشأن في سوريا والعراق وليبيا، بالإضافة إلى ما يواكب ذلك من إرهاب وعنف وتقتيل وتشريد وتهجير لأبناء المنطقة. وأضاف في هذا السياق أنه بعد تمزيق وتدمير عدد من دول الشرق الأوسط، هناك مخططات اليوم تستهدف المغرب الكبير، وعلى رأسها المناورات التي تحاك ضد وحدة المغرب الترابية. وصنف الملك الوضع الحالي في المنطقة العربية ب"الخريف الكارثي" الذي يستهدف الاستيلاء على خيرات البلدان العربية-الإسلامية، ومحاولة طمس وتبخيس التجارب الناجحة لدول مثل المغرب، الذي يسير بخطى حثيثة نحو الديمقراطية التشاركية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة. وأكد الملك أهمية القمة، موضحا أن الشراكة المغربية الخليجية ليست وليدة اليوم، أو نتيجة حسابات آنية ضيقة، "وإنما تستمد قوتها من الإيمان الصادق بوحدة المصير"، وأشار إلى أن المغرب ودول الخليج "يتقاسمان نفس التحديات، ويواجهان التهديدات نفسها، خاصة في المجال الأمني". واعتبر الملك أن الوضع الحالي خطير للغاية، وغير مسبوق في تاريخ النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، منتقدا موقف الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي "يمس بحقوق المغرب التاريخية والمشروعة في صحرائه". ويعتبر خطاب الملك رسالة أمل لشعوب المنطقة التواقة لمزيد من التعاون الملموس والمشاريع الوحدوية والإنمائية، رغم الظروف الصعبة التي تشهدها الأمة العربية حاليا. ويأتي هذا الخطاب الملكي لإعطاء دفعة قوية للشراكة المغربية-الخليجية، التي بلغت درجة كبيرة من النضج، ولتعزيز موقف المغرب وثبات مشروعية قضيته الوطنية الأولى. ولقي خطاب الملك ترحيبا كبيرا لدى أشقائه العرب، إذ عبرت القمة المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب عن دعمها التام لقضية الصحراء المغربية. وفي كلمته الافتتاحية أكد العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، مخاطبا الملك محمد السادس، "تضامن دول الخليج مع كل القضايا السياسية والأمنية التي تهم المغرب، وفي مقدمتها الصحراء المغربية"، التي يعتبرها أيضا قضية دول مجلس التعاون الخليجي. وهذا الدعم القوي يعد في حد ذاته نجاحا كبيرا للرحلة والخطاب الملكي في الرياض. وفي الواقع، فإن دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، قطر، عمان) كلها أعربت عن دعمها المتواصل لمغربية الصحراء، وخطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب لتسوية دائمة ونهائية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل بشكل خاص من قبل أعداء الوحدة الترابية الوطنية. وأخيرا، سمحت قمة الرياض لقادة دول الخليج والمغرب بدراسة الخطى التي يجب اتخاذها للانخراط الجماعي في مواجهة التهديدات التي تحاك ضد العالم العربي والإسلامي، بسبب الطموحات التوسعية الخارجية، وتصاعد المجموعات الإرهابية والجماعات الانفصالية التي تسعى إلى زرع العنف والفتنة في المنطقة. *مؤلف وباحث ورئيس مركز جنوب شمال