حظي موضوع الإرهاب بمتابعة واسعة من قبل الصحف التونسية الصادرة اليوم الأربعاء، بينما وقفت نظيرتها الجزائرية عند الوضع الاقتصادي للبلاد، فيما واصلت الجرائد الموريتانية رصد الحوار السياسي المتعثر في البلد. ففي تونس، مازال موضوع الإرهاب يستأثر باهتمام الصحف التونسية، التي توقفت عند حلول الذكرى الأولى للهجوم على متحف باردو وسط العاصمة (18 مارس 2015 ومصرع 23 شخصا ضمنهم 21 سائحا أجنبيا). صحيفة (الصباح) خصصت افتتاحيتها لهذا الهجوم تحت عنوان "حتى يبقى باردو في الذاكرة الإنسانية"، اعتبرت فيها أن هذا الحدث استهدف تونس في الحقيقة، وتجاوز حدودها بالنظر إلى رمزية وموقع وتاريخ هذا المتحف في بعده الحضاري والإنساني والثقافي. وقالت إن إحياء هذه الذكرى بعد أيام على ملحمة بن قردان التي تابع العالم أطوارها والتي اشترك في صنعها رجال وطنيون آمنوا براية تونس ولم يقبلوا لها بديلا، لا يمكن أن يكون إلا إشارة إضافية للمجتمع الدولي بأن ما حدث في تونس ليس سوى معركة من حرب طويلة لا خيار فيها سوى الانتصار ودحر أنصار ثقافة الموت والعداء للإنسان وللحضارة والحياة. وعادت باقي الصحف للحديث عن الهجوم على مدينة بن قردان (جنوب-شرق) بعد نحو عشرة أيام من وقوعه، منها صحيفة (المغرب) التي نشرت حوارا مع رفيق الشلي كاتب الدولة المكلف بالشؤون الأمنية سابقا، أكد فيه أن عملية بن قردان "كانت متوقعة"، وأن القوات العسكرية والأمنية ومختلف الأجهزة "أثبتت جدارتها وجاهزيتها" فضلا عن التنسيق الجيد بين مختلف الهياكل ووحدة القيادة التي مكنت من إفشال مخطط إعلان "إمارة داعشية" في الجنوبالتونسي وهو حلم المجموعات الإرهابية منذ أكثر من سنتين. ودعت الصحيفة في مقال بعنوان "أيام بعد المفاجأة المتوقعة"، المثقفين التونسيين إلى إدراك حجم البون الذي أصبح يفصلهم عن الشباب، شأنهم في ذلك شأن الجامعيين الذين يتعين عليهم الخروج من بوتقة مكاتبهم ورقعة ملكات أفكارهم ليدركوا أن أغلب من خرج من تونس من الشباب ليعودوا إليها وحوشا هم من الطلبة، ومعركتهم الحقيقية تكمن في مدى قدرتهم على نحت العقول والتأطير وغرس مثل الحياة وقيمة الوطن مهما تعددت الاختصاصات والأساليب. واستعادت صحيفة (الضمير) شريط الهجوم على بن قردان. وكتبت أنه في فجر يوم سابع مارس الجاري، ظن "الدواعش" أنهم منتصرون، وأن المسألة مجرد جولة قصيرة، بضع ساعات ويكونون قد قضوا على كل من اعترضهم من أمنيين وعسكريين ومدنيين وقد تمكنوا من الثكنة العسكرية والمقار الأمنية، وأن الأهالي سيأتون طائعين مهللين... لكن كل ذلك لم يحدث، وخاب مخططهم، فما سيطروا على الأرض ولا أحدثوا ثقبا في درع الوطن. وتحت عنوان "تونس العصية"، قالت جريدة (الصحافة) إنه بقدر ما رفع الهجوم على بن قردان من ثقة مؤسسات الدولة وأجهزتها في أدائها أمنيا وعسكريا بقدر ما قاد بتونس إلى نوع من الاستياء من شركائها إقليميا ودوليا "حيث اكتفوا بالتعبير عن تضامنهم وتقديرهم لجهودها دون مساعدة ملموسة". وفي الجزائر، اختارت الصحف المحلية النبش في الوضع الاقتصادي للبلاد الذي تأثر بشكل بالغ بتراجع عائداتها من النفط وتدخل صندوق النقد الدولي على الخط باقتراحه لجوء السلطات الجزائرية إلى الاستدانة كأحد الحلول للخروج من الأزمة. صحيفة (الفجر) نقلت دعوة صندوق النقد الدولي الجزائر إلى التأقلم مع انخفاض أسعار النفط، وحثها في الوقت ذاته على الحفاظ على مستوى استثماراتها العمومية من أجل دعم النمو. وأوردت ، في هذا الصدد ، تصريح أحمد مسعود ، مسؤول قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، شدد فيه على أن البلدان النفطية للمنطقة مطالبة بالتكيف مع نفط رخيص الثمن، مضيفا "على غرار ما شهدته البلدان في سنوات الثمانينات، فإن تخفيضا غير مدروس للاستثمارات قد يؤدي إلى شل النمو" على مستوى البلدان المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأكد أن "المصدرين لا ينبغي أن ينتظروا نهاية فترة انخفاض الأسعار وإنما التكيف مع الواقع الجديد". وحسب الصحيفة، فإن انخفاض سعر البرميل في 2015 كلف مصدري النفط بالمنطقة خسارة بÜ360 مليار دولار، أي سدس إنتاجهم الإجمالي، وفق أرقام صندوق النقد الدولي الذي توقع تفاقم الخسائر خلال هذه السنة مع استمرار انخفاض الأسعار في نهاية 2015 ومطلع سنة 2016. صحيفة (الخبر) علقت على دعوة أحمد مسعود بالقول بأن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر "نبش في جرح عميق يذكر الجزائريين بسنوات القحط والدم والتشرد أيضا، بدعوته الحكومة إلى الاستدانة من الخارج من أجل تجاوز تبعات انهيار أسعار النفط". وتابعت أن "الجزائريين، بعد أن +تبحبحت+ خزينتهم العمومية بأموال النفط، لسنوات، صاروا ، بمجرد سماعهم اسم صندوق النقد الدولي ، يصابون برعشة، بينما أنصار رئيس الجمهورية رفعوا عاليا، ولسنوات، شعار بوتفليقة، صاحب إنجاز محو المديونية، واسترجاع سيادة القرار الاقتصادي"، لكن هؤلاء المناصرين لإنجازات الرئيس - تضيف الصحيفة - أصبحوا، اليوم، "لا يخجلون من اللجوء إلى الاستدانة مرة أخرى". إلى ذلك، كشف وزير المالية الجزائري عبد الرحمان بن خالفة ، أمس، كما أشارت إلى ذلك صحيفة (المحور اليومي) عن تحصيل ضريبي في البنوك قدره 140 مليار دينار (100 دينار يساوي نحو 8 أورو) منذ بداية السنة الجارية، مؤكدا استعداد السلطات العمومية لإطلاق القرض السندي شهر أبريل المقبل. وقال إن "الجزائر ستعتمد على الاستدانة الداخلية لتمويل المشاريع الكبرى وحتى الخارجية". وفي موريتانيا، ركزت الصحف على الحوار السياسي المرتقب بين الحكومة والأغلبية الداعمة لها والمعارضة بشقيها الراديكالي والمعتدل. وهكذا تناولت الصحف التصريح الذي أدلى به، أمس الثلاثاء، الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز للصحافة خلال زيارة ميدانية بالعاصمة نواكشوط والذي قال فيه إن الاتصالات ما تزال قائمة مع جميع الأطراف المعنية ، لكنه ما يزال مطروحا بالطريقة التي طرح بها في أول الأمر، أي بدون أية شروط مسبقة. ونقلت عن الرئيس ولد عبد العزيز قوله إن المعارضة لها الحق في الوصول إلى أي مكان في البلاد والقيام بما تشاء من الاتصالات وأنها "قد تأخرت في ذلك وهذا حقها وهو أمر طبيعي". وترى صحيفة (لاتريبون) أنه عوض المواجهة في مهرجانات "كرنفالية"، فإنه ينبغي على الأحزاب السياسية الدخول في حوار جاد ومسؤول للانكباب على دراسة التحولات المؤسساتية وتعزيز استقلالية المؤسسات المكلفة بالعمليات الانتخابية (اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري) لمنح مزيد من الثقة للفاعلين السياسيين بهدف إجراء انتخابات بلدية وتشريعية تمكن جميع الفاعلين من المشاركة في جو من الهدوء والاطمئنان. وفي سياق متصل، أوردت صحيفة (الفجر) أن مؤسسة المعارضة الديمقراطية اتهمت الحكومة ب"مضايقة" أنشطة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة في الولايات الشرقية للبلاد و"استخدامها كل وسائل التشويش والعرقلة من قبيل تنظيم لقاءات وأنشطة موازية". وارتباطا بالشأن السياسي الداخلي، تحدثت جريدة (الأخبار أنفو) عن "خلافات متصاعدة" بين الحكومة وقيادة الحزب الحاكم (الاتحاد من أجل الجمهورية)، مبينة أن الأولى تتهم الحزب ب "التقاعس" عن دوره و"تركها مكشوفة الظهر سياسيا"، فيما تتهم قيادة الحزب الحكومة ب"الاستغراق في العمل السياسي وتسييس الإنجازات والوزارات التقنية". ومن جهتها، أفادت صحيفة (الأمل الجديد) بأن البرلمان الموريتاني يتدارس حاليا في دورته الاستثنائية مشروع قانون حول مكافحة الفساد والذي ينص في أحد بنوده على إلحاق عقوبة الحرمان مدة عشر سنوات من ممارسة أي وظيفة انتخابية أو عمومية في حق كل من يتورطون في التأثير على اختيارات الناخبين.