ركزت الصحف المغاربية، الصادرة اليوم الثلاثاء، على الهجوم في مدينة بن قردان التونسية من قبل مجموعة مسلحة، والحوار السياسي المتعثر في موريتانيا. ففي تونس، استأثرت الهجمات الدامية التي استهدفت مراكز أمنية وعسكرية ببن قردان، وأدت إلى مقتل 60 شخصا من بينهم 36 إرهابيا، باهتمامات الصحف المحلية. وتحت عناوين من قبيل "هجمة إرهابية مسلحة مباغتة وغير مسبوقة على مدينة بن قردان"، و"قواتنا البواسل تحبط مخطط الدم وتقبض على العديد من الإرهابيين"، و"بن قردان: محاولة يائسة لإعلان ولاية داعشية"، و"إفشال مخطط داعشي لإقامة (إمارة) في بن قردان: إنها الحرب"، و"بن قردان..مقبرة الجرذان.."، استعادت الصحف المحلية شريط الهجمات الإرهابية غير المسبوقة التي شهدتها المدينة المحاذية للحدود الليبية، وحصيلتها المؤقتة، والقرارات المتخذة على المستويين الرسمي والسياسي للتصدي للإرهاب والسيطرة على الوضع الأمني بالمنطقة. وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة (الشروق)، في افتتاحية العدد، أن "ما شهدته وتشهده مدينة بن قردان يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الإرهابيين قرروا المرور إلى مرحلة المواجهة المباشرة والبحث عن احتلال موطئ قدم لإعلان إمارتهم الشريرة.. بعد أن قضوا شهورا في مرحلة المناوشات والعمليات المنعزلة والإنهاك الاقتصادي". وفي المقابل، أضافت الصحيفة أن "القوات الأمنية والعسكرية حولت شوارع وساحات بن قردان إلى مقبرة للإرهاب، وحولوا جدرانها إلى صخرة تتكسر عليها رؤوس الحاقدين..". وشددت على أنه يتعين على الطبقة السياسية بكل ألوانها وأطيافها وراياتها أن "تعلن فورا التخلي عن كل الرايات والألوان والانصهار في وحدة وطنية قوية تحت راية الوطن". وفي نفس الاتجاه، كتب المحرر السياسي في صحيفة (المغرب) "إننا جميعا بحاجة إلى شجاعة كبيرة... شجاعة نتعالى بها على غلواء النفس وغرورها وجروحها أيضا لكي نثق في بعضنا البعض .. فاليوم هناك معسكران لا ثالث لهما: إما مع تونس أو ضدها". واعتبرت الصحيفة، في افتتاحية العدد، أن "أحداث بن قردان هي الإجابة المتقدمة، والتي ستليها أخرى لمن لا يرضيه إقامة مجتمع، أغلبيته الساحقة من العرب والمسلمين، قوامه مبادئ المساواة بين الجميع والاحتكام لرأي الناخبين في تحديد هوية الحاكمين، ويعلي كرامة البشر وحقوق الإنسان كخياره الحضاري الوحيد". ومن جهتها، أشارت صحيفة (الضمير) إلى أنه من المنتظر أن يتم عقد جلسة مغلقة مع وزيري الداخلية والدفاع في مجلس نواب الشعب حول التطورات الأمنية في بن قردان. وكتب المحلل السياسي في الصحيفة أن "أحد الأوهام التي راهن عليها الإرهابيون في عمليتهم يوم أمس هو إمكانية إيجادهم لحاضنة شعبية بين أهالي بن قردان، فحدث العكس، فأهالي المدينة كانوا طوال يوم كامل إلى جانب قوات الأمن والجيش صفا متراصا يؤازر بعضهم بعضا ضد الإرهاب الأسود الزاحف عليهم". وفي سياق متصل، اعتبرت صحيفة (الصباح) أن معركة أمس تعزز القناعة بأن "تونس جزء هام من المعادلة في محاربة الإرهاب في العالم والقضاء عليه، وهي تضطلع بدور حاسم في التصدي له ومنع تسربه إلى الجيران" . ونقلت الصحيفة عن رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، قوله إن الإرهابيين كانوا ينوون "إقامة إمارة داعشية" في بن قردان، ولكن بفضل تضافر الجهود وتعاون الجيش وقوات الأمن كانت ردة الفعل قوية وسريعة. وعنونت جريدة (الصحافة) صفحتها السياسية ب"المجتمع المدني والسياسي بصوت واحد: جاهزون للتضحية من أجل الانتصار على الإرهاب والإرهابيين". وعلقت على الأحداث "الضربة فجرية...والألم وطني...والعهد تونسي". والأمر نفسه بالنسبة للصحف الجزائرية التي تناولت الهجوم على بن قردان منها صحيفة (الشروق) التي قالت إن "داعش تضرب في تونس"، مفيدة بأن الوحدات الأمنية والعسكرية التونسية تمكنت من إنقاذ مدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا من السقوط في يد تنظيم (داعش) الذي هاجمها بغتة، فجر أمس الاثنين، بأعدادò كبيرة من عناصره "لاحتلالها بطريقة لا تختلف في شيء عن احتلاله مدنا كثيرة في العراق وسوريا وكذا ليبيا". ونشرت الصحيفة حوارا مع خبير عسكري جزائري وصف فيها هذا الهجوم ب"المنعرج الخطير في النشاط الإرهابي في تونس"، معتبرا أنه "انتقامي بالدرجة الأولى من النتائج والضربات التي حققها الجيش التونسي ضد المتشددين في الحدود وداخل تونس، بعد نجاحه في الإيقاع بعديد الخلايا النائمة وشبكات الدعم والقضاء على عديد الإرهابيين". ونقلت صحيفة (النهار)، في سياق متابعتها لهذا الهجوم، عن وزير الدفاع التونسي أن تقنيين من الولاياتالمتحدةالأمريكية وألمانيا وصلوا إلى تونس من أجل تركيب منظومة المراقبة الإلكترونية لمراقبة الحدود مع ليبيا ومنع تسلل العناصر الإرهابية. وقالت صحيفة (المحور اليومي) إن الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، دعا، أمس في تصريح إذاعي، أهالي الجنوب إلى تعزيز ثقتهم في الدولة ومساندتها في مكافحة الإرهاب، مضيفة أنه تم إغلاق الحدود البرية مع الجارة ليبيا من قبل السلطات التونسية. وأوردت صحيفة (الفجر) أن شهودا عيان أفادوا بأن المجموعة التي هاجمت ثكنة المدينة، أمس، أكبر من المجموعة السابقة التي هاجمت المدينة الخميس الماضي (تم القضاء على 5 منهم)، وأنهم تسللوا إلى المدينة على متن سيارات جابت المنطقة الحدودية مع ليبيا. وأضافت أنه تم إغلاق المعابر الحدودية مع ليبيا مباشرة بعد الهجوم على بن قردان، مع السماح بعبور الليبيين العائدين إلى بلادهم، وكذلك الأمر بالنسبة للتونسيين العائدين إلى تونس. وفي موريتانيا، تطرقت الصحف للحوار السياسي في البلاد من وجهة نظر المعارضة. وفي هذا السياق، أشارت إلى كلمة رئيس المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (معارضة راديكالية) أحمد سالم ولد بوحبينى، خلال حفل تسليمه الرئاسة الدورية للمنتدى لزعيم حزب الوحدة والتغيير صالح ولدحننا، والتي اتهم فيها بعض أطراف السلطة والمعارضة بعرقلة أي جهد جدي للحوار. وأكد ولد بوحبيني أن الحوار كان وما يزال الخيار الرسمي للمنتدى، معتبرا في ذات الوقت أن الحوار "يشكل الخيار الأسلم والأقل كلفة لحل كل المشاكل السياسية في العالم بأسره وفي موريتانيا على وجه الخصوص". وبرأي ولد بوحبيني، فإن المعارضة فشلت في تجاربها السابقة وأن عجلتها انزلقت عن كل المنعرجات الديمقراطية منذ 1991 إلى الآن، داعيا إلى "وحدة المعارضة وتوحد رؤاها وانسجام خطابها كي تتمكن من تجسيد طموحات جماهيرها المخلصة". وتناولت جريدة (الصحيفة) الوضع الاقتصادي في البلاد الذي وصفه تقرير لصندوق النقد الدولي ب"المتباطئ"، مضيفة أن الحكومة بدأت في تنفيذ سياسة تقشفية خاصة مع التراجع المهول لأسعار الحديد في الأسواق العالمية. وذكرت الصحيفة أن الكثير من المراقبين يرون أن البلاد تعيش "أزمة اقتصادية صامتة" تترجمها فعلا ارتفاعات الأسعار المتكررة وضعف الرواتب وارتفاع نسبة البطالة وتدهور الخدمات العمومية. وعلى صعيد آخر، توقفت الصحف عند قرار الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، بالعفو عن عدد من السجينات في مختلف سجون البلاد وتخفيف العقوبة عن أخريات دون تحديد عدد المشمولات بالعفو أو التخفيف، مشيرة إلى أن هذا القرار يأتي بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يتزامن مع ثامن مارس من كل سنة.