واصلت الصحف المغاربية، الصادرة اليوم الأربعاء، اهتمامها بالتعديل الحكومي في تونس بعد منح البرلمان الثقة للتشكيلة الجديدة، والجدل الدائر في الجزائر حول مشروع التعديل الدستوري، والمساعي المبذولة لإطلاق حوار سياسي شامل في موريتانيا. ففي تونس، توقفت الصحف عند رهانات وتحديات الحكومة الجديدة في نسختها الجديدة في سياق تصدر حركة (النهضة) للمشهد البرلماني بعد انسحاب عدد من النواب من كتلة حزب (نداء تونس) نتيجة الصراع الداخلي وانفصال شق محسن مرزوق أمينه العام عن الحزب. وفي هذا السياق، كتبت افتتاحية صحيفة (الصباح) أن الحكومة إذا كانت حريصة على ضمان بقائها والارتقاء بأدائها وتحقيق الأهداف التي جاءت لأجلها، فإنها لا تملك رفاهية الخيار، وليس أمامها إلا أن تنجح، وأن تقنع بأدائها الرأي العام من خلال نتائج واقعية ملموسة تعيد إحياء الأمل المتلاشي لدى شريحة واسعة من الشباب وأهالي المناطق المهمشة، مضيفا أن أول ما يتعين على أعضاء الحكومة أن يحرصوا على الالتزام به هو أن يعجلوا بإسقاط تلك العبارة المتداولة في القاموس الحكومي والتخفي ب"عدم امتلاك عصا سحرية تكفل توفير الحلول المطلوبة للقضايا الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والسياسية العالقة...". ومن جهته، كتب المحرر السياسي في صحيفة (المغرب) أن حكومة الصيد الجديدة "لن تتمتع بما يمكن أن نترجمه حسن الظن .. فهي ستشتغل حتما تحت الضغط .. لا فقط ضغط المعارضة، والتي يبدو أن رقعتها قد اتسعت داخل المجلس، بل وتحت ضغط الإعلام والرأي العام"، مبرزا أنه أمام هذه الحكومة الثانية نفس التحديات التي كانت مطروحة على الأولى، وهي تحديدا مقاومة الإرهاب والبداية في إقلاع اقتصادي فعلي. وفي المقابل، وتحت عنوان "الحكومة.. وضرورة الوعي بالتحديات والمخاطر"، قال المحرر السياسي في صحيفة (الضمير)، في افتتاحية العدد، "نحن ندرك أن هذه الحكومة قد لا تكون الحكومة المثالية التي نريدها كلنا كتونسيين، ولكنها أيضا ليست حكومة الأمر الواقع ولا حكومة الترضيات ولا المحاصصات، كما يروج البعض، إنها في اعتقادنا حكومة الوعي بالمخاطر وبضرورة أن تظل السفينة التونسية مبحرة بهدوء وسلاسة حتى تصل إلى مرساها بسلام. وهذه مسؤولية وطنية كبرى، أن تنجح تونس في امتحان العبور إلى الديمقراطية رغم المخاطر الكبيرة والمحيطة بها من إرهاب أعمى، وتوازنات إقليمية ودولية دقيقة ومعقدة.. وأوضاع اجتماعية صعبة...". ومن جهة ثانية، توقفت الصحف عند مستجدات المشهد البرلماني، حيث أشارت صحيفة (الشروق) إلى أنه بعد الانقسام الحاصل في كتلة (نداء تونس)، انقلبت المعادلات داخل المشهد البرلماني لتتصدر حركة (النهضة) رسميا الترتيب ب69 نائبا، في حين أصبح (نداء تونس) يضم رسميا 64 نائبا، والكتلة الجديدة المنبثقة من النواب المستقيلين من النداء تضم 22 نائبا، في حين نزل الاتحاد الوطني الحر (حزب ضمن الائتلاف الحكومي) إلى المرتبة الرابعة ب16 نائبا، والجبهة الشعبية (معارضة) إلى المرتبة الخامسة ب15 نائبا، وآفاق تونس (رابع احزاب الائتلاف الحاكم) إلى المرتبة السادسة ب9 نواب. وتعليقا على هذا التغيير في المشهد البرلماني، أوردت الصحيفة رسالة رئيس كتلة (نداء تونس) فاضل بن عمران يرد فيها على النواب المستقيلين يؤكد فيها أن "الكتل النيابية الحزبية مغلقة وثابتة ولا يجوز الاستقالة منها والإبقاء على صفة نائب..". وعنونت صحيفة (الصباح) تعليقا على هذا المستجد ب"انشقاقاته تغير المشهد البرلماني: النداء يمنح الصدارة للنهضة.. ومجموعة 22 (المستقيلين من كتلة نداء تونس) هي القوة الثالثة" في البرلمان. ونقلت الصحيفة عن القيادي في حركة (النهضة) قوله، في تصريح صحفي، إن هذه الاستقالات لن تكتسي صبغة رسمية إلا بعد مرور 5 أيام على إيداعها، لكن النهضة لا تسعى إلى الاستفادة من تطورات الحياة الداخلية للأحزاب باعتبار أن موازين القوى تصنعها نتائج الانتخابات لا أزمات الأحزاب. وفي الجزائر، واصلت الصحف في تناقل ردود فعل الطبقة السياسية ومختلف أطياف المجتمع إزاء مشروع تعديل الدستور الذي كانت كشفت عنه رئاسة الجمهورية الأسبوع الماضي. وتوقفت صحيفة (الخبر) عند ما جاء في المشروع من تحديد المناصب السامية في الدولة، التي يحرم منها مزدوجو الجنسية، موردة أن هذا "الإغفال" يعكس في نظر البعض، انعدام الجدية في الإعداد لمبادرة هامة كتعديل مرجعية القوانين في الدولة. وأشارت إلى أن مشروع تعديل الدستور، وبالتحديد المادة 51 منه يسقط عن الجزائريين مزدوجي الجنسية الترشح للمناصب السامية للدولة والوظائف السياسية. وحسب الصحيفة، فإن جمعية تضم جزائريين مهاجرين في فرنسا ومن دول أوروبية، تسمى (جزائريو الضفتين وأصدقاؤهم) المعروفة اختصارا بÜ(أدار)، أصدرت أمس، بيانا "تدين فيه المادة 51 وترفضها لأنها تكرس التمييز بين الجزائريين وتضرب وحدة وحدتهم في الصميم"، داعية كافة الجزائريين في فرنسا وفي كامل دول أوروبا وبقية العالم إلى "التجند من أجل إسقاط هذه المادة". وتناقلت الصحف أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أعاد النظر في نص المادة 51 من الدستور، بعد أن أثارت الكثير من الجدل، واعتبرها البعض "إقصاء" للكفاءات الجزائرية المقيمة بالخارج، حيث تقرر إضافة فقرة جديدة تتعلق بماهية الوظائف والمسوؤليات العليا التي لا يمكن لمزدوجي الجنسية توليها، والتي لا يعلم إن كانت ستقتصر على رئاسة الجمهورية، والحكومة والقطاعات السيادية أم ستشمل قطاعات أخرى. إلا أن صحيفة (الشروق) اعتبرت قرار الرئيس مراجعة المادة "معاكسا للأصوات التي نادت بإلغاء نص المادة 51 كونها مجحفة وإقصائية" برأيهم لأفراد الجالية، حيث تذهب الإحصائيات والمعطيات إلى أن فيهم من الكفاءات والأدمغة التي جعلتهم يساهمون في تنمية البلدان التي يقطنون بها. وتوقعت الصحيفة أن تتحول المادة 51 هذه إلى قانون مستقل بذاته يفصل فيه البرلمان بغرفتيه قريبا، وفق ما أكده الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني (حزب النظام)، عمار سعداني، الذي قال إن الرئيس بوتفليقة استجاب لمطلبهم، وأقر توسيع المادة 51 من مشروع مراجعة الدستور الذي وافق عليه مجلس الوزراء أول أمس، إلى قانون "يحدد قائمة المناصب العليا في الدولة" التي يعتليها مزدوجو الجنسية، يمر عبر البرلمان. وفي موريتانيا، تطرقت الصحف للمساعي المبذولة لإطلاق حوار سياسي شامل في البلاد. وفي هذا السياق، ذكرت بعض الصحف بالاتصال، الذي تم أمس الثلاثاء، بين الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية مولاي ولد محمد الأغظف والرئيس الدوري للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (معارضة راديكالية) أحمد سالم ولد بوحبيني، موضحة أن الوزير أعرب لولد بوحبيني عن رغبة الحكومة في إجراء لقاء جديد مع المنتدى لتجاوز النقاط العالقة. وحسب ذات المصادر، فإن هناك دينامية جديدة لإطلاق حوار سياسي شامل في موريتانيا. وتساءلت جريدة (لوكوتديان دو نواكشوط) عما إذا كان اللقاء المرتقب بين ولد الأغظف وولد بوحبيني سيفتح باب الحوار على مصراعيه بين الحكومة والأغلبية الداعمة لها والمعارضة. كما أوردت بعض الصحف دعوة زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية في موريتانيا، الحسن ولد محمد، الحكومة وقادة أحزاب المعارضة إلى "تغليب المصلحة العليا على المواقف الشخصية"، والمساهمة في إخراج موريتانيا من "الأزمة السياسية الخانقة التي تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي للبلد". ونقلت هذه الصحف عن ولد محمد قوله خلال ندوة نظمتها مؤسسة المعارضة ،أمس الثلاثاء بنواكشوط، أن "السبيل للخروج من هذه الأزمة" يكمن في البحث عن حل شامل لمختلف هذه الأزمات من خلال "حوار جاد وصريح تلعب فيه مؤسسة المعارضة دورا جوهريا". ومن جهتها، أشارت صحيفة (الأمل الجديد) إلى أنه في ظل الحديث عن تعديل وزاري وشيك، اجتمع الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، مع الوزير الأول، يحي ولد حدمين، وبعض الوزراء ورئيس الحزب الحاكم (الاتحاد من أجل الجمهورية)، سيدي محمد ولد محم. وعلى صعيد آخر، تطرقت الصحف الموريتانية للزيارة التفقدية التي قام بها الرئيس محمد ولد عبد العزيز للكتيبة العسكرية التي ستوفدها موريتانيا لجمهورية إفريقيا الوسطى ضمن قوات حفظ السلام الأممية، وإدانة موريتانيا الشديدة للتفجير الإرهابي الذي وقع، أمس الثلاثاء، في إسطنبول وخلف العديد من القتلى والجرحى، وإنشاء فريق برلماني لحماية المدن القديمة والتراث القيمي.