واصلت الصحف المغاربية، الصادرة اليوم الثلاثاء، إثارة أوجه الحرب على الإرهاب في تونس، والتحضيرات الأمنية في الجزائر تحسبا لأي اعتداءات قد تأتي من التراب الليبي. ففي تونس، تابعت الصحف أوجه الحرب على الإرهاب على خلفية الهجوم على مدينة بن قردان بعد أسبوع من وقوعها وما خلفته من ضحايا في الأرواح بين مدنيين وأمنيين، فضلا عن مقتل العشرات من منفذيه وإلقاء القبض على نحو عشرة آخرين. صحيفة (المغرب)، في افتتاحيتها بعنوان "لماذا بن قردان¿"، عبرت عن الأسف لحجم الدمار النفسي والروحي الذي يصيب اليوم جزءا من الشباب التونسي، "ذلك أنه بينما نبكي نحن شهداءنا ونفرح لانتصار أبطالنا، يرى بعض شبابنا عكس ما نراه، فهم يبكون الإرهابيين ويفرحون لسفك دماء شهدائنا"، معتبرة أنها "مأساة كبرى أن يكون جزء من شبابنا على هذه الشاكلة حتى وإن كان عددا قليلا نسبيا، وهو يؤشر على نوع من الفشل الجماعي نتحمل جميعا مسؤوليته". ووقفت الافتتاحية عند واقع الفعل ضد الإرهاب، في إشارة منها إلى صندوق مكافحة هذه الآفة، الذي قالت إنه لا يحتوي حتى صبيحة أمس إلا على 25 ألف دينار (حوالي 12 ألف أورو) مما يدل على "صعوبة تحويل العواطف إلى أفعال في بلادنا، فالكل يعشق بلاده ويفديها بالنفس والنفيس، هذا على مستوى القول، أما عندما نريد ترجمة هذه الروح.. فإننا نجد صعوبات جمة تعود إلى حساباتنا الفردية الضيقة". وأثارت صحيفة (الصباح) بدورها وضعية الصندوق الوطني لمكافحة الإرهاب. فكتبت، في افتتاحيتها، أن خلل الصندوق يتمثل في عدم وضوح نوعية العلاقة بين المواطن والدولة أولا، وفق المفهوم المتعارف، ويتمثل ثانيا في إشكالية سهر الدولة على تنفيذ القانون، خاصة في المجال الضريبي. ورأت أنه من غير المعقول أن تبقى الدولة في كل مناسبة أو أي ظرف مجبرة على "الاستجداء"، والحال أن لها خيارات قانونية لتعبئة خزينتها، معتبرة أن مبادرة رئيس الجمهورية بالتبرع للصندوق حاثا الجميع على المساهمة في المجهود الوطني، "إشارة إلى وجود خلل ما كثيرا ما يلقي بثقله في مناسبات عدة أهمها البحث عن موارد لميزانية الدولة وفي سياقات مختلفة كلما كانت هناك حاجة لتقديم مساعدات لعائلات الشهداء وضحايا الإرهاب أو لتعزيز القدرات الأمنية في محاربة الآفة. ونقلت صحيفة (الشروق) عن أطر أمنية أن تونس في حاجة إلى استراتيجية عامة تنخرط فيها الدولة حتى تنتصر على الإرهاب وطي صفحته، داعين إلى ضرورة القيام بمجموعة من الإجراءات تكون بمثابة الوصفة الطبية لمحاربة المجموعات الإرهابية والحسم في الحرب على الإرهاب. وتابعت صحيفة (الضمير) تفاصيل زيارة راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (أحد أحزاب الائتلاف المشكل للحكومة التونسية) للجزائر على خلفية عملية بن قردان، ناقلة قوله، في تصريح صحفي، إن تعامل تونس مع ملف الإرهاب "انتقل من مرحلة الدفاع إلى الهجوم على الجماعات الإرهابية، وهو ما أثبتته عملية بن قردان الأخيرة". وفي الجزائر، حظي الوضع الأمني بمتابعة الصحف في ظل دعوات قيادات الجيش إلى التعبئة تحسبا لعمليات إرهابية ضد الجزائر، على خلفية خطاب وجهه قائد الجيش الفريق قايد صالح مؤخرا من ورقلة (جنوب). وكتبت صحيفة (الخبر) أن هذا الخطاب "الناري" لم يكن أقل من صافرة إنذار إزاء "نار حرب" تقترب من الحدود الجزائرية بخطى ثابتة، عكستها خرجات العسكري رقم واحد في البلاد، اختار التوجه للمواطنين من خلال إطارات الجيش بضرورة الاستعداد للآتي من مخاطر إرهابية لم تعد تستهدف الناس فقط، ولكن سيادة الدولة الجزائرية. وقال ضباط سامون متقاعدون وخبراء للصحيفة أن المستجدات الأمنية في ليبيا لا تؤشر على هدوء في الحدود الملتهبة منذ سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي في 2011، لكنها في نفس الوقت لا تعني أن تنظيم (داعش) يحسب كثيرا لأي اعتداء قد يشنه على الجزائر أو مصالحها. ورأوا في خطاب الفريق قايد صالح وضوحا ولا يحتاج إلى قراءات أو فك طلاسم، "هناك واقع أمني خطير وتهديد صريح لاستقرار بلدنا والمنطقة ككل .. ولا يجب انتظار أي راحة بال من حدودنا الشرقية، فاليقظة والحذر مطلوبان أكثر فأكثر". وأوردت صحيفة (الشروق) أن خبراء ومختصين قانونيين طالبوا بضرورة اتخاذ قرارات ميدانية لمواجهة ظاهرة الإرهاب التي أضحت عابرة للقارات، بحجب المواقع "الجهادية" التي غزت شبكة الإنترنت وأصبحت ميدانا خصبا للتحريض والإشادة بالجماعات الإرهابية، مصرين على عدم الاكتفاء بالتشريع القانوني فقط، خاصة أن التهديدات المحيطة بالجزائر "واقعية"، وتترجمها أرقام المصالح الأمنية التي ترصد يوميا محاولات لاختراق الحدود وإغراق الجزائر بالأسلحة. وذكرت أن اللجنة القانونية بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية بالبرلمان الجزائري) باشرت جلسات الاستماع إلى مختصين وخبراء لإثراء مشروع قانون مكافحة وملاحقة الجزائريين أو الأجانب المقيمين على الأراضي الجزائرية، الذين يلتحقون بجماعات إرهابية في الخارج، وأن جل المداخلات ركزت على ضرورة مواصلة حصر هذه الأعمال "المشينة" بالقوانين وعدم التسامح مع الظاهرة التي أضحت تهدد البلدان. وكشفت صحيفة (المحور اليومي) أن السلطات العسكرية العليا بالجزائر قررت الرفع من التعداد العسكري بالشريط الحدودي الشرقي، وذلك تزامنا مع بدء العد التنازلي للتدخل العسكري الغربي بليبيا للقضاء على عناصر تنظيم (داعش). وأفادت، نقلا عن مصادر مطلعة، أن القيادة العامة العليا للقوات المسلحة قد قررت، مطلع الأسبوع الجاري، إرسال ما يزيد عن 12 ألف عسكري إضافي للحدود الشرقية، وذلك تزامنا مع بدء العد التنازلي للتدخل العسكري الغربي لقوات حلف شمال الأطلسي، مضيفة أن السلطات العليا سارعت أيضا إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الأمنية الصارمة، من أبرزها "إعطاء إشارة وضع الحدود في حالة طوارئ وتأهب قصوى، مع غلق المجالين البري والجوي، بما في ذلك منافذ النجدة التي كانت تستغل بالأمس القريب في إغاثة العائلات الفارة من المعارك الطاحنة، وذلك بعد تحويلها لنقاط عسكرية مغلقة". وفي موريتانيا، واصلت الصحف المحلية اهتمامها بما أسمته لعبة شد الحبل بين الحكومة والأغلبية الداعمة لها والمعارضة أو "حرب" المهرجانات. وفي هذا السياق، كتبت (الصحيفة) أنه مع ركود الحراك السياسي وانعدام فرص التوافق السياسي بين السلطة والمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض حول تنظيم حوار سياسي شامل، يبدو أن الطرفين فضلا الركون إلى الشارع مجددا في "مهرجانات استعراضية يحاول كل منهما إثبات وجوده من خلالها". ولاحظت الصحيفة أنه بفعل الفتور في العلاقة بين السلطة والمنتدى من جهة، وصعوبة الوضع الاقتصادي وتشرذم الساحة السياسية من جهة أخرى، عاد الطرفان لساحات المهرجانات لنقل صراعاتهما إليها. ونقلت عن مراقبين قولهم أن هذا الخيار لن يجدي نفعا وسيعمق الخلافات أكثر ولن يفيد المعارضة في جعل السلطة ترضخ لشروطها قبل استئناف الحوار. أما صحيفة (الفجر)، فترى أن المنتدى "غزا" الحكومة في مراكز ثقلها الانتخابي. وسجلت أن أنشطة الحكومة في الداخل لاستعراض منجزاتها التي قالت إنها حققتها في السنوات الأخيرة، جاءت متزامنة مع الجولة التي يقوم بها المنتدى في الولايات الشرقية "للتعبئة" ضد السلطة. وركزت صحيفة (لوتانتيك) على الاعتداء الإرهابي الذي تعرض له منتجع (غران بسام) في ضواحي أبيدجان والذي خلف عددا من القتلى والجرحي. ولاحظت أنه بعد تضييق الخناق عليه وطرده من معاقل بكيدال وتمبكتو ومواقع أخرى في مالي كان يحتلها عامي 2012 و2013، وسع تنظيم القاعدة دائرة نشاطه الإرهابي فضرب فندقي (راديسون بلو) في باماكو و(سبلانديد) ومقهى ومطعم (كابوتشينو) في واغادوغو فمنتجع (غران بسام) في ضاحية أبيدجان، متسائلة عمن سيكون الهدف المقبل لهذا التنظيم الإرهابي. وتوقفت الصحف الموريتانية عند إطلاق الحكومة، أمس الاثنين، رسميا من ولاية كيدي ماغا (جنوب البلاد)، البرنامج الوطني لإحياء التراث القيمي ضمن المخطط الوطني للتنمية الثقافية الذي يمتد على مدى خمس سنوات، وإقامة ورشة لإطلاق مشروع تعزيز القدرات لمواجهة انعدام الأمن الغذائي في موريتانيا الممول بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية.