على بعد أزيد من سبعة أشهر من موعد الانتخابات التشريعية الثانية في ظل دستور 2011، بدأت تتشكل ملامح التحالفات المستقبلية بين الأحزاب السياسية، من خلال الإشارات التي أعطتها بعض القيادات الحزبية، في مشهد بات يعج بالتصريحات والاتهامات المتبادلة. فمنذ الإعلان عن نتائج انتخابات الرابع من شتنبر، وما أفرزته من مواقف سياسية متباينة، جرت تحت جسر المشهد السياسي الكثير من المياه الراكدة، بعدما أعادت بعض الأحزاب ترتيب أوراقها، كما حصل مع حزب الاستقلال الذي قرر فض تحالفه مع حزب "البام" في المعارضة وأعلن مساندته النقدية للحكومة. وإذ كانت بعض القيادات الحزبية قد لمّحت، في تصريحاتها، إلى هوية الحليف المرتقب، فإن حزبي "الوردة" و"الجرار" اختارا الإفصاح بشكل علني، نهاية الشهر الماضي، من خلال إعلان مشترك، عن تحالفهما في أفق الانتخابات التشريعية المقبلة. وبعيدا عن الخطوات الرسمية، اكتفى عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بالتلميح إلى استمرار تحالف حزبه مع رفاق نبيل بن عبد الله، بعدما قال، في ندوة سابقة نظمها حزبه، "يبدو أننا والتقدم والاشتراكية نسير في اتجاه نَبْقاوْ متحالفين"، مضيفا أن "تصريحات قياديين في الحركة الشعبية تسير في اتجاه المحافظة على هذا التحالف". محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش، أوضح أن هذه التحالفات تبقى هشة وعديمة الأثر على التوازنات السياسية الكبرى، لأنها لا تتعدى الزمن الانتخابي، معتبرا إياها مجرد تحركات "تكتيكية" هدفها التأثير نفسيا على الخصم أو ملء الفراغ. وأردف الغالي، في تصريح لهسبريس، أن التحالفات التي تنخرط فيها القيادات الحزبية قبل موعد الانتخابات لا تستند إلى قواعدها، مؤكدا أنه "في نهاية المطاف، كل حزب يقدم مرشحه، بمعنى أن هذه التحالفات غير مؤسسة على ثقة أو قاعدة شعبية". بن يونس المرزوقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة، يرى أن التحالفات التي يتم عقدها الآن لا يمكن أن تكون ناجعة إلا في حالة اعتماد أسلوب الاقتراع بالأغلبية، والذي من شأنه أن يؤدي إلى تقديم مرشح مشترك، مؤكدا أن التحالفات الحقيقية لا تظهر إلا بعد إعلان النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع. وأوضح المرزوقي، في تصريح لهسبريس، أن ما يجري حاليا في المشهد السياسي لا يعدو كونه تحالفات ظرفية تعقدها الأحزاب لفرض وجهات نظرها حول إصلاح المنظومة الانتحابية، كما حصل في اللقاء الذي جمع بين إدريس لشكر وإلياس العماري، لأن النقاش مع الحكومة حول مقترحات أو تعديلات في القوانين الانتخابية لا يمكن أن يتم إلا في إطار تحالفات قوية. وختم المرزوقي حديثه بالتحذير من كون النقاش حول التحالفات خلال هذا التوقيت المبكر، من شأنه أن يغطي على "نقاش عمومي، جوهري ومصيري" بالنسبة للمغرب، يتعلق بالقانون التنظيمي لترسيم الأمازيغية، والقانون التنظيمي للإضراب الذي طال انتظاره منذ دستور 1992. *صحافي متدرّب