الحب إكسير الحياة، يعطي لها معنى جميلا، وهو نعمة ممتدة، واستقرار للنفس و جمال وتواصل و روح تسري. وحياة خالية من الحب لا ضياء فيها، مليئة بالضعف والملل واضطراب النفس والجسد والعقل، لهذا قيل (حياة لا حب فيها كجدول لا ماء فيه). الحب فعل وسلوك، الحب هو شيء نفعله، إنه التضحية التي نقدمها، إنه بذل الذات ، إنه يمثل الأم التي تخرج وليدا إلى الدنيا. الحب قيمة يتم تجسيدها عبر أفعال تتسم بالمحبة، الحب في أنقى صوره يحتاج إلى قوانين ثلاث هي: أولا: القبول بدل الرفض القبول من الحاجات العاطفية المهمة، يحمل معنى الرعاية والحب وتقبل الطرف الآخر والرضا به دون محاولة تغييره، لأن محاولتك تغييره تشعره أنه غير مقبول . إن هذا القبول لا يعني أنك تعتقد أن الشخص كامل وخال من النقص ولكنه يعني أنه ليس من اختصاصك تطويره بل هذا التطوير والتغيير مهمته هو، قال أحد علماء النفس ( ليس بمقدور أحد أن يقوم إنسانا آخر ، ولكن بحبك لهذا الإنسان الآخر على ما هو عليه ، تستطيع أن تمنحه القوة لتغيير نفسه. ولعل من أكبر المآسي التي نعيشها في حياتنا أن لا يتقبل أحدنا الآخر، مما يخلق المقاومة. الزوجة التي ترفض زوجها المدمن على الكحول، تهاجمه وتتشاجر معه باستمرار من أجل ذلك، وتستاء وتنزعج، رفضها يزيد من قلق الزوج ومن اضطراب العلاقة، وقد تتفاقم مشكلة الزوج أكثر. الزوج الذي يرفض زوجته لأنها كثيرة الشكوى والتذمر، ينتقدها ويبتعد عنها بحثا عن الراحة، رفضه لها يؤذيها ويزيد من شكواها ومن اضطراب العلاقة بينهما . لابد من تقبل الطرف الأخر، وإلا فإن رفضه سيفرز الكثير من المتاعب والصراعات. ثانيا : التفاهم بدل إصدار الأحكام كل شخص بحاجة لأن يحبه الآخرون، والعنصر الأساسي لذلك يكون بالفهم، فأقوى ما يلهث وراؤه الإنسان هو أن يفهمه الآخرون . الفهم لا يعني أن نعرف ما يدور في عقل الآخر، وإنما يعني أن نستمع بتعاطف ونربط بين الكلمات والمشاعر، ونجمع المعاني لنحسن الاتصال، ولا نندفع نحو إصدار الأحكام. متاعب الأسرة الأساسية اليوم سببها سوء الفهم، فمعظم أخطاء أطفالنا وأزواجنا وجميع أفراد الأسرة ليس نتيجة سوء النية، بل لأننا لم نفهمهم جيدا، ولم نستطيع التوصل إلى معرفة ما في قلوبهم، وما نميل إليه هو القيام بدور القاضي، فنصدر الأحكام، فنعيق بذلك عملية الفهم. من أهم الطرق الجيدة لتعلم كيفية الاستماع، هي ببساطة تغيير دورك، وأن ترى نفسك مترجما أجنبيا. ثالثا: التعاون بدلا من الاستغلال التعاون روح خلاقة، حافلة بالتفاهم وقبول الآخرين، بواسطته نطلق العنان للقدرات الكامنة، ونوطد الصلة بين الأفراد. وحياة أسرية بلا تعاون، حياة بائسة، لا روح فيها، تطبعها الوحدانية والانعزالية. وأفضل طريقة لتعلم التعاون والتدرب عليه، هي محاكاة تعاون الجسد حينما يشتكي منه عضو من الأعضاء، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى).(أخرجه البخاري ومسلم). الحب شجرة عظيمة، غداؤها التفاهم، وهواؤها قبول الآخرين، وأعلى ثمرة فيها التعاون. *مرشدة أسرية