من منا لا يحلم بمجتمع أفضل وحياة مستقرة كريمة، كلنا نتطلع إلى دولة توفر أبسط الشروط لمواطنيها يضمن حياة كريمة وعمل، والتمتع بحقه في السكن اللائق. كما صنفها العالم ماسلوا -في هرم الاحتياجات- حيث انطلق من احتياجات فيزيولوجية وصولا إلى مستوى الرفاهية والتقدير. فالعيش بأمان واطمئنان والتعبير عن الرأي بكل حرية والانتماء لأية مؤسسة أو حزب هو حق، يبقى قائما مع احترام الاختلاف في التفكير وقبول الآخر دون ممارسة التضييق من طرف الدولة. إذن، ما الدولة؟ الدولة هي الحاكم والإدارة والمواطن، فما دور كل مكون من هذه المكونات في تحقيق التوازن الاجتماعي؟ المواطن هو الحلقة الأهم، الذي يشكل أكبر وأبرز مكون في الدولة، فهو من يتحمل المسؤولية في تحقيق هذا التوازن بما أنه جزء منها، وهذا ما سأتطرق إليه في مقالي هذا. تتجلى المسؤولية الفردية في إحساس كل فرد بدوره المهم في تجسيد قيم التعاون والتكافل ومساعدة الآخرين لكونهم ينتمون لمحيطه الداخلى (الأسرة) والخارجي (الحي والمدرسة والعمل). فالإحسان إلى الجار وتفقد حالته الصحية والسهر على حالته -والتأكد من أنه لا يحتاج إلى طعام أو غطاء- قدر المستطاع، مع استحضار ما تقوم به هو فرض وواجب لا نافلة مستحبة. فالسعادة لا تكمن في جمع الأموال وكنزها، بل في إدخال السرور والبهجة والشعور بالابتسامة حين يبتسم الجار الأقرب فالأقرب، حيث نضع نصب أعيننا أننا سخرنا للقيام بهذا الواجب والتحلي بقيمتي القناعة والإيثار. وهنا سأستحضر قصة إمرأة إسبانية مسيحية عاشت ترعى أولاد رجل منذ أن توفيت زوجته، فكانت تهتم بصحتهم وأوقات دراستهم…، في المقابل كان الزوج يعاملها بالمثل فيوفر لها الطعام ويحرص على صحتها. فإخواننا الذين نشاركهم نفس الدين والمعتقد، أليس من الأجدر أن نحس اتجاههم بثقل المسؤولية التي كلفنا بها الله ! آوليس نحن من قال فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» ووصيته على الجار ! آولم يوصينا الله عز وجل على الفقراء والمساكين ! وهنا أذكر سيدنا أبو بكر رضي الله عنه قبل أن يولى الخلافة كان يتصدق بماله كله، وسيدنا عمر ابن الخطاب كان يتصدق بنصف ماله. نعم، تغير الزمان والمكان لكن القيم والمبادئ لا تتغير، كلنا مواطنون مسؤولون عن التغيير، فحذاري أن نكون مستهلكين للمال والمشاعر، دعونا نشارك كل ما نملك مع الآخرين فيسود التفاهم وتتوحد الكلمة وتنقص المآسي، فلا نظلم بعضنا البعض ولا ننتهك حقوقنا ونحاول التغيير من ذواتنا لنحقق مبدأ الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. الله عز وجل خاطب في محكم تنزيله المومنين ولم يخاطب ولاة أمورنا، فهو جعلنا مستخلفين في الأرض مهمتنا تأدية الرسالة وتبليغها سواء كنا فرادى أو جماعات. لكن هذا لا يعني أن نسقط مسؤولية الدولة، لكنها تبقى في نهاية المطاف مجموعة من الأفراد إذا صلحوا صلحت وإذا فسدوا فسدت.