من جديد .. إضرابات وطنية ستشل المستشفيات العمومية    عبد اللطيف حموشي.. قاهر الإرهاب وصانع مجد الأمن المغربي في لعبة الكبار    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء قريب من التوازن    المنتج عبد الحق مبشور في ذمة الله    محمد بن سعيد    كذبة التخفيف الضريبي الكبرى!    مندوبية التخطيط تتوقع ارتفاع الطلب الداخلي إلى 4.2% سنة 2025    النفط ينخفض مع ترقب تحركات ترامب بشأن قيود تصدير النفط الروسي    تراجع أسعار الذهب    حشود تستقبل المعتقلين الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية    "تيك توك" تعود للعمل بأمريكا وبكين تدعو واشنطن لتوفير بيئة منفتحة للشركات    سعر "البتكوين" يسجل مستوى قياسيا جديدا بتخطيه 109 آلاف دولار    ترامب يعود اليوم إلى البيت الأبيض ب "قوة وسرعة غير مسبوقتين".. وبايدن يغادره مذلولا داخليا وخارجيا    عبوب زكرياء يقدم استقالته بعد خسارة الدفاع الحسني الجديدي أمام الوداد    ابتسام الجرايدي تتألق في الدوري السعودي للسيدات وتدخل التشكيلة المثالية للجولة 11    نهضة بركان يحقق فوزاً عريضاً على ستيلينبوش    توقعات أحوال الطقس ليوم الاثنين    لتجاوز التعثرات.. وزارة التربية الوطنية ترسي الدعم المؤسساتي في 2628 مؤسسة للريادة    المدرسة.. الحق في الحُلم أو هندسة الفشل الاجتماعي    كيوسك الإثنين | إعطاء الانطلاقة لعملية انتقال العاملات الموسميات إلى إسبانيا    أب لخمسة أطفال يضع حدا لحياته بطنجة    "هيومن رايت ووتش" وقضية الصحراء.. تطوّر أقل وخروقات أكثر!    تنظيم أول دورة من مهرجان السينما والتاريخ بمراكش    أنت تسأل وغزة تجيب..    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    منها ذهبية واحدة.. جيدو المغرب يحرز 11 ميدالية    أمن البيضاء يحقق في ملابسات تعرض بائعة للضرب وسط سوق للأسماك    هشام جيراندو.. النصاب الذي يَبحث عن "الاهتمام" في اجتماعات الحموشي والمنصوري    إعادة انتخاب فلورينتينو بيريس رئيسا لريال مدريد    إجراءات أمنية مشددة قبيل تنصيب دونالد ترامب    نائب الرئيس الصيني يلتقي إيلون ماسك وقادة الأعمال الأميركيين في واشنطن قبيل تنصيب ترامب    إسرائيل تفرج عن 90 معتقلا فلسطينيا ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل مع حماس    توصيات المنتدى الوطني الخامس للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بأكادير    تخليداً لذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال: منظمة المرأة الاستقلالية بوجدة تناقش مقترحات تعديل مدونة الأسرة    بعد عاصفة ثلجية.. فرق التجهيز والنقل بالحسيمة تتدخل لفتح الطريق الإقليمية 5204    اختطاف مواطن اسباني جنوب الجزائر و نقله الى مالي :    تنظيم تظاهرة "Nador Boxing Champions" إحتفالا بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975    بركان تكتسح "ستيلينبوش" بخماسية    إطلاق الخط الجوي بين الدار البيضاء وشنغهاي.. توجه استراتيجي لتعزيز التعاون بين الصين وإفريقيا    في 3 دقائق.. إبراهيم دياز ومبابي يسجلان هدفين ل ريال مدريد أمام لاس بالماس    توقيع إعلان مشترك بين المغرب وألمانيا لمواجهة التحديات المشتركة    ترحيب دولي بإعلان وقف إطلاق النار في غزة    إبداع النساء المغربيات في أطباق البسطيلة المغربية يبهر العالم    بالصدى : بوحمرون .. وما بعده    فريق كوري يبتكر شبكة عصبية لقراءة نوايا البشر من موجات الدماغ    مهرجان مراكش للكتاب الإنجليزي: حفل تسليم النسخة الأولى من جائزة "كوستا غولدكس"    وائل جسار يعايد مي حريري ويتمنى لها الشفاء    إسدال الستار على فعاليات الدورة ال3 من المهرجان المغربي للموسيقى الأندلسية    المغرب يدخل غمار تصنيع الشاحنات وتصديرها للأسواق الأوروبية والإفريقية    أفضل وجهة في العالم لقضاء شهر العسل    حفل ضخم في "جوي أووردز" بالرياض    توقيف المشتبه به في طعن نجم بوليوود سيف علي خان    الجزائر.. فيروس ينتشر ويملأ مستشفيات البلاد بالمرضى    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات في مفهوم البساطة
نشر في هسبريس يوم 16 - 02 - 2016

لا يهم من تكون أو أين تكون و كم من مليون في رصيدك البنكي و هل أنت سعيد بمقدار ثروتك، ولكن ينبغي عليك أن تحرر نفسك من العبودية التى استحوذت على إدراكك وعقلك. عبودية الاستهلاك... لقد صرح أحد المفكرين الغربيين بأن المجتمعات الاستهلاكية لا يهمها المعنى ولا تبحث عنه، فالسلعة تصبح هي البداية والنهاية وهي مركز الوجود، بل وهي التي تضفي معنى على حياة الإنسان، ما يعني أن السلعة تزيح الإنسان من مركز الكون لتحل محله، وتصبح من هذا المنطلق أكثر أهمية منه.
إن المجتمعات الاستهلاكية تحاول أن توهم الفرد أنه لكي يحقق ذاته لابد له من شراء سيارة جديدة كل عام، ولابد له من شراء قمصان وأحذية من النوع الفلاني، ومن ثمة تتحول كثير من الكماليات إلى ضروريات لا تكتمل السعادة في الحياة الدنيا بدونها. بل إن قطاع اللذة يَعِدُ الإنسان بالفردوس الأرضي الذي سيريحه تماماً من عبء التاريخ والالتزام الخلقي والإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين، بمعنى أن الإنسان تتم محاصرته تماما من الداخل والخارج، فالرسائل التي تصله من الإعلام والأفلام تحمل رسالة الخلاص من خلال السلعة. إن الإنسان من منظور هذه الإمبريالية الفردية الاستهلاكية هو أساسا حيوان اقتصادي جسماني بلا روح لا يبحث إلا عن منفعته الاقتصادية ولذته الحسية، وسلوكه لابد أن يصبح نمطيا حتى يمكن أن يستهلك المزيد و المزيد من السلع التي تنتجها المنظومة الرأسمالية.
يمضي معظمنا حياته ممتلكا و مستهلكا لأغراض و رؤى عديمة الفائدة : ملابس قديمة مكدسة في الحقائب مصيرها الأفضل أن ترمى أو تعطى عوض أن يحتفظ بها، تحف و ديكورات تملأ أرجاء البيت و تفسد جماله و ما ينبغي أن يجسده كمكان باعث على الراحة و الهدوء، أفكار متوارثة غير خاضعة في عقولنا للتمحيص و النقد. أما آن الأوان لنبدأ في التفكير و السؤال : لماذا نحن شديدي التعلق بالأشياء ؟ لماذا أصبح الامتلاك مرادفا للكينونة و عدمه دليلا ساطعا على الألم و الحرمان ؟ ما الذي أحرص على امتلاكه دون أدنى رغبة في التخلص منه و يعقد لي حياتي ؟ هل يستحق مني كل هذا الإجهاد النفسي و العناء ؟ متى أكون أكثر سعادة ؟ هل بأفعال لا تنتهي من الشراء ؟ هل الشراء اللامحدود هو الوجود ؟ إلى أي حد يمكن أن أرضى بالقليل دون أن أقع في شظف العيش ؟
لم نعد نعرف في مجتمعنا المغربي كيف نعيش ببساطة. لقد أصبحنا مستهلكين من الدرجة الأولى : كثير من المقتنيات، أحدث هاتف ذكي، وجبات كثيرة في أقل من يوم واحد، حلم امتلاك منزل فسيح و سيارة فارهة و ارتداء أغلى الملابس و الاكسسوارات و رغبات و شهوات لا تنتهي. لقد أصبحنا مبذرين و مخربين بشكل لا يطاق. نستخدم أشياء للمرة الأولى و الأخيرة، و نرميها في القمامة. نركب مزيدا من السيارات و وسائل النقل العمومي عوض المشي و حرق الدهون و تحرير الجسد من الخمول و الكسل و الجمود (على الأقل في أوقات الفراغ لا العمل). الماء و الهواء و الطبيعة و فضاءات العيش، كل ذلك نعرضه لمزيد من التلف دون أن نشعر. لا يمكن لأفكار جديدة أن تدخل في نظام القيم لدينا إلا بعد أن نلغي أفكارنا القديمة. ليس كل الأفكار طبعا، و لكن تلك المتعلقة بالتقليد غير الواعي و تكديس أغراض لا فائدة منها و إضافة أشخاص لا نعرفهم على مواقع التواصل الاجتماعي و المنافسة الهدامة في العمل عوض تغليب قيم التعاون و التكامل و الكف عن تخيل أن أكبر عدد من الممتلكات هو طريقنا المباشر إلى السعادة.
إننا نعيش في ثقافة تبجل المال و تمظهراته المادية المجردة و تجد صعوبة بالغة في تقبل من اختار حياة الزهد و البساطة. لماذا ؟ لأن هذا الصنف من البشر يشكلون خطورة على المجتمع الاستهلاكي، و هم في نظر الكثيرين يبعثون على الشفقة، لذلك نخاف أن نحذو حذوهم. الخوف ؟ للخوف أسباب عديدة : الخوف من العجز، من الفقر، من المرض، من الهرم، من الأذى، من الأجانب، من المرتفعات، من العقارب، من بعض الألوان. لكن في الجوهر،الخوف هروب نفسي من الموت و الفناء. و بما أن تملك الأشياء في المجتمع المعاصر هو سمة الغنى المؤدي بطريقة إستيهامية إلى الخلود فإن عدم الامتلاك معناه الموت، ذلك الشبح الذي نخشاه جميعا.
لم نعد نعرف و نعي في مجتمعنا كيف نعيش ببساطة. و لكن لأني حريص أن أنهي هذا المقال بنبرة تفاؤلية، فإليك صديقي القارئ، أربع وصايا لحياة ملؤها البساطة و السعادة:
1- تؤدي شواغل الحياة العصرية إلى الاكتئاب و التوتر. لا تسأل نفسك لماذا تعيش، بل ماذا تنتظر منك الحياة ؟ سافر إذا لتنتعش روحك و ترتفع معنوياتك. سافر بأقل الإمكانيات، فالرحلات تجعلك أقل تشنجا و أكثر إقبالا على الحياة.
2- اضحك و امرح، ركز على اللحظة الراهنة، فهي في حد ذاتها غنية بما فيه الكفاية. قل لنفسك بأن كل شيء يتغير، الوديان و النبات و المدن و الإنسان و معه الهموم و الأحزان، و أن الدوام لوجه الله.
3- توقع الأسوأ و تقبل الحياة كما هي. قل لنفسك : إن ما يستجد في حياتي كله خير لي و فيه صلاحي، قل لنفسك أنك تنجح لتزداد نجاحا و تفشل بعض الأحيان لتستخلص دروسا مهداة من الحياة.
4- أحسن تقدير الحياة. فبما أن وقتنا محدود على هذه الأرض فإن السعادة أن نستمتع بكل لحظة من الوجود، مهما كانت الظروف.
* فاعل جمعوي، بسمة فرح، فاس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.