حضر شبح الجفاف الذي يهدد الموسم الفلاحي الحالي بالمغرب بقوة في خطبة الجمعة، اليوم، في عدد من مساجد المملكة، حيث ارتأى عدد من الخطباء تناول موضوع إمساك السماء عن إرسال الغيث لإحياء البلاد وإرواء العباد، فيما عزا بضعهم الجفاف إلى معاصي الناس. خطيب الجمعة بأحد مساجد حي العيايدة الشعبي بمدينة سلا خصص خطبته اليوم لموضوع "ارتكاب المعاصي، وتأثيرها على الفرد والمجتمع على السواء"، مشددا على أن "شح السماء وانحباس الأمطار سببه الرئيسي اقتراف العباد للمعاصي دون التوبة إلى الله تعالى". ونصح خطيب الجمعة ذاته المصلين بأن "يبدؤوا بإصلاح أنفسهم أولا، والابتعاد عن ارتكاب الآثام، قبل النظر في أحوال الآخرين"، مضيفا أن "ارتكاب المعاصي يُزيل النعم ويمحق البركة، ويؤدي إلى غضب الله على العاصين، فيعم سخطه بأن يمنع رزقه على الناس، ومن ذلك الأمطار". خطيب جمعة آخر أورد أن انهمار الغيث يستوجب التضرع إلى الله تعالى بإنابة وإخلاص، والاستغفار الدائم من الزلات والآثام، مصداقا لقوله سبحانه: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا". وربط خطيب مسجد آخر، بضواحي سلا، بين حالة الجفاف التي تبدو عليها مناطق شاسعة من البلاد خلال هذه السنة، وبين "حالة المعاصي التي يعيش عليها الكثير من الناس دون وازع ديني، أو رادع أخلاقي"، داعيا الناس إلى "البدء بالتوبة إلى الله سريعا، حتى ينظر الله إلى عباده بعين الرحمة ويغدق عليهم من نعمه الظاهرة والباطنة". وكان الشيخ عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، قد أكد، في تصريحات سابقة لهسبريس، أن أحد أسباب انحباس الأمطار في البلاد يعود إلى "كثرة المعاصي وتفشي الذنوب واستفحال المنكرات"، فضلا على "منع الأغنياء إخراج زكاة أموالهم". الزمزمي أوضح أن "منع إخراج الزكاة يعتبر أيضا من بين العوامل التي قد تفضي إلى انحباس المطر وظهور الجفاف"، مستدلا بعدد من النصوص الدينية، من قبيل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "وما منع قوم الزكاة إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا". عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أضاف أن "الجفاف وانحباس الأمطار قد يكون عقوبة معجلة من الله تعالى ضد أصحاب الفسق والفجور"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "هذا التفسير الإيماني لا يمنع أن تكون أسباب هذه الظاهرة طبيعية وعلمية تتعلق بعوامل المناخ وغيره". حري بالذكر أن آلاف المغاربة خرجوا، صباح اليوم الجمعة، إلى المساجد والمصليات، بهدف أداء صلاة الاستسقاء في مجموع مناطق البلاد، رافعين أكفهم للدعاء بأن يسقي الله عباده وبهيمته، وينشر رحمته، استجابة لدعوة الملك محمد السادس إلى إقامة هذه الصلاة، وأيضا إحياء للسنة النبوية.