الرباط حسن الأشرف عزا علماء ودعاة مغاربة انحباس المطر والجفاف، الذي أصاب البلاد هذه السنة إلى كثرة ذنوب الناس وتفشي المعاصي والمنكرات في المجتمع، منبهين إلى أن كثرة دعاء المصلين بانهمار الغيث لا يعني أن الله سيستجيب لذلك، “بسبب عدم تحري أغلب الناس للحلال وتفشي الحرام في أكلهم وسكنهم”. ويعيش المغرب خلال العام الحالي على إيقاع ندرة الأمطار في مختلف مناطق البلاد، ما يؤشر على موسم يتسم بالجفاف على غرار مواسم سابقة، الشيء الذي جعل وزارة الأوقاف توصي أئمة المساجد بأن يرددوا مع المصلين بعد كل صلاة جمعة أدعية، طلباً للاستسقاء “اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت..”، سائلين الله أن يُريهم عفوه كما أراهم قدرته. وقال العلامة الشيخ محمد التاويل، أكبر علماء المذهب المالكي بالمغرب، في تصريحات ل “العربية.نت”: “إن الله يعاقب من عباده من شاء بما يشاء وكيفما شاء، فالذنوب تجلب ولاشك المآسي على الناس، وكثرة الذنوب تفضي إلى نزول النّقَم ورفع النّعَم، ومن ذلك انحباس وانقطاع الغيث مدة من الزمن وانتشار الجفاف الذي يهلك النسل والزرع”. وحول الدعاء المتكرر للمصلين في المساجد بتفريج الكربات ونزول الأمطار في البلاد بلا جدوى، أجاب أن “استجابة الدعاء تستوجب توفر بعض الشروط الشرعية، ومنها اللقمة الحلال، فتحري الحلال في المأكل صار قليلاً في هذا الزمن، والكثير من الناس أضحوا يقبلون على أكل الحرام والتعامل بالحرام”. واستدل عالم الدين بالحديث النبوي، الذي جاء فيه أن “الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، فأنَّى يستجاب له”، قبل أن يضيف الشيخ أنه “من الصعب الجزم بأن الله قد يستجيب لمثل هؤلاء الذين يعتدون على حدود الله بالغوص في أكل الحرام والتعاطي معه”. واستدرك: إنه يتمنى “بكل صدق من الله تعالى أن يستجيب لدعاء الصالحين من الناس، أما بالنسبة لعامة الناس فقد دخل الحرام إلى أغلب البيوت، وبالتالي ليس من المستغرب أن لا يستجيب الله تعالى لإلحاح ودعاء الداعين بنزول المطر”. وفي سياق ذي صلة، يحرص علماء وخطباء العديد من المساجد بالمغرب في الآونة الأخيرة على التذكير بأن الذنوب ومظاهر الفساد المتفشي في المجتمع تتسبب في حلول الجفاف ومنع الغيث من النزول، بالرغم من حاجة الناس إليه، وبأنه يلزم التوبة من تلك الذنوب والرجوع إلى الله والاستغفار كمفاتيح لجلب الرزق والرحمة، ومن ذلك نزول الأمطار وإغاثة البلاد والعباد في ظل الظروف العصيبة التي يشهدها المغرب خلال السنة الجارية. ومن جهته، اعتبر الدكتور محمد بولوز، الداعية والواعظ في مساجد الرباط والمتخصص في العلوم الشرعية، “أن لله تعالى في خلقه سنناً طبيعية وقدرية، فهو صاحب الخلق والأمر لا يعجزه شيء، فكما علمنا أن نسير في الأرض وننظر كيف بدأ الخلق ونكتشف القوانين الطبيعية، أمرنا أيضا أن نستمع لوحيه وكلامه”. ويشرح بولوز، في تصريحات ل “العربية.نت” أنه إذا فتحنا كتاب الله تعالى نجد فعلا أن الذنوب سبب من أسباب حلول المصائب، ومنها الجفاف وانحباس المطر، حيث قال سبحانه: “وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير”، مشيراً إلى أنه من رحمة الله أو إمهاله للناس عدم إعمال هذه السُّنة في كل حال وحين، بدليل عدد من الآيات القرآنية”. واستطرد المتحدث: إنه “إذا بحثنا في السنة النبوية وجدنا أن منع الزكاة سبب من أسباب منع القطر أي المطر، حيث قال الرسول الكريم من ضمن ما قال: “.. ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا..”. وأشار بولوز إلى أن “انحباس المطر ابتلاء واختبار، وهو أيضا تربية للناس عسى أن يرجعوا إلى الجادة، فيتذكروا ربهم ويتوبوا إليه، باعتبار أن الاستغفار والاستقامة مجلبة للخيرات والمكرمات، كما قال تعالى على لسان نبيه: “ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إِليه يرسل السماء عليكم مدرارا وَيزدكم قوة إِلى قوتكم”.