بعثت قيادة الحركة الشعبية برسالة "استعطاف" إلى الملك محمد السادس بعد "غضبته" عليها وإبعادها من التشكيلة الحكومية الجديدة. وتشرح الرسالة التي توصل بها الديوان الملكي بتزامن مع تعيين حكومة الفاسي أسباب "صعود الحركة إلى الجبل" في مشاوراتها مع الفاسي لتشكيل الحكومة. وظل أحرضان، زعيم الحركة طيلة مساء الاثنين ممسكا بهاتفه النقال في فيلته بحي السويسي ينتظر مكالمة من القصر تحدد له موعدا مع الملك ليشرح له بالتفصيل دواعي "التباعد" بين حزبه وحزب الفاسي حول المشاركة في الحكومة. قرار إبعاد الحركة الشعبية من المشاركة في الحكومة اتخذ مباشرة بعد صلاة ليلة القدر بفاس. والقرار اتخذه الوزير الأول الجديد بتشاور مع مزيان بلفقيه، مستشار الملك، وذلك بعدما أشعرت السلطات العليا برفض قيادة الحركة الشعبية القبول "بالحصة" الوزارية المقترحة عليها ورفضها احتضان كل من المستوزرين أمينة بنخضرة وعزيز أخنوش. وبعد طول مشاورات مع رئيس الحركة المحجوبي أحرضان ومع امحند العنصر، أمين عام الحركة تبين لعباس الفاسي وللمستشار بلفقيه بأن قيادة الحركة متمسكة بمطالبها التي وصفت بالتعجيزية، فتقرر إخبار الملك بالتطورات. المصادر تقول بأن الملك غضب لما سمع إلى عرض تطورات المشاورات مع الحركة الشعبية لأنه شعر بأن صعود قيادة الحركيين إلى الجبل وراءه حسابات شخصية وعائلية ضيقة. وتقول المصادر إن أحرضان تمسك إلى النهاية بمطلب استوزار ابنه يوسف أحرضان. فيما اقترح العنصر نفسه لمنصب رئيس مجلس النواب. العنصر اقترح كذلك مقربين منه لشغل مناصب حكومية ورفض أي حديث عن استوزار مقربين من فؤاد عالي الهمة باسم حزبه. وتذهب المصادر إلى أن قادة الحركة كانوا في كل جلسة يقارنون وضعهم المقترح داخل الحكومة بوضع "حلفائهم" من حزب الاتحاد الاشتراكي والذي يقولون عنه إنه "استفاد" بشكل مبالغ فيه من غنيمة الحكومة مقارنة مع النتائج "الهزيلة" التي حصل عليها في انتخابات 7 شتنبر. وهذا الانتقاد كان يحرج عباس الفاسي ومستشار الملك نظرا لأن وزن حزب الاتحاد الاشتراكي وتاريخه ومساهماته ليست هي وزن وتاريخ ومساهمات الحركة الشعبية. وطبقا لذات المصادر، فإن ما زاد من "غضبة" الملك هو ما دار خلال اجتماع للمكتب السياسي للحركة الشعبية من حديث حول ضرورة تصعيد الخطاب مع عباس الفاسي للظفر بمناصب كبيرة وكثيرة في الحكومة، وفي حال فشل الخطة فيمكن الصعود إلى الجبل. وكل هذا الكلام نسب إلى أحرضان. المصادر نسبت له أيضا دعوته للحركيين لأن يكونوا رجالا في تعاملهم مع مثل هذه الملفات. وكل هذا الكلام نقل على وجه السرعة إلى الجهات المعنية التي أحست بأن الحركة الشعبية تعارض قرارات الدولة وتعرقل خطواتها. "غضبة" الملك أججت الخلافات داخل الحركة الشعبية والتي بدأ بعض البرلمانيين يغادرونها في اتجاه فريق فؤاد عالي الهمة. أما أصوات "الأطر" فقد بدأت مرة أخرى ترتفع للمطالبة بإقرار الديمقراطية الداخلية والشفافية في تدبير أمور الحزب. ويظهر أن الحركة ستكون مضطرة إلى لعب دور "المعارضة" إلى جانب كل من حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي ومجموعة اليسار "الجذري" المغربي. لكنه يرتقب أن تكون "معارضة" الحركيين ضعيفة نظرا لأن أغلب الفاعلين فيها هم من الأعيان الذين لم يسبق لهم أن عارضوا "توجهات المخزن". كما أن أغلبهم يحس بأن مجرد معارضة الحكومة هو في عمقه معارضة للملك. هل ستضعف "الغضبة" هذه الحركة التي يطلق عليها بعض المحللين الأجانب حزب "البربر"؟ أم ستؤدي بها إلى انشقاق جديد بعدما توحدت أبرز فصائلها؟ هذا ما ستجيب عنه تطورات القضية في الأسابيع القليلة المقبلة. [email protected]