أمين التهراوي يخلف خالد آيت الطالب على رأس وزارة الصحة والحماية الاجتماعية    البطولة: نهضة بركان يعتلي الصدارة مؤقتا عقب انتصاره على شباب السوالم    إقليم العرائش يشهد حوادث سير مميتة    الملك يستقبل الأعضاء الجدد المعينين بالمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري    امطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    السلطات في الدار البيضاء تسمح بفتح الحمامات بشكل يومي    الحكومة توزع 32 مليار درهم من الإعفاءات الضريبية        حزب الله يعلن رسميا مقتل القيادي هاشم صفي الدين في غارة إسرائيلية    3 قتلى و14 جريحا في هجوم قرب أنقرة    دراسة: الاستماع للموسيقى يعجل بالشفاء بعد الجراحة    مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يعقد دورة غير عادية لبحث الوضع في غزة    السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تحتج على مشروع قانون الاضراب أمام البرلمان    المغرب يجنب إسبانيا هجمات إرهابية باعتقال عناصر من "داعش" بمليلية المحتلة    متابعة زوجة يوسف شيبو في حالة سراح    مكافحة القنص الجائر.. تحرير 52 محضرا في الفترة ما بين 20 شتنبر و20 أكتوبر الجاري    بعد «كسرها العظم» وسيمة الميل تطل من نافذة مغربية    الذهب يرتفع ويسجّل مستويات تاريخية غير مسبوقة    الفنانة زهرة حسن في عمل فني جديد بعنوان «تيميزار»    19 يوما من إبادة الشمال.. إسرائيل تواصل القتل والحصار والتطهير    توقيف ثلاثيني بأكادير بتهمة النصب والاحتيال عبر النت    مؤتمر دولي لتكريم الدكتور حنون    زيارة ماكرون للمغرب افتتاح لعصر جديد في العلاقات الجيوسياسية والاقتصادية بين البلدين.. بقلم // عبده حقي    حبس "ثلاثي زمالكاوي" في الإمارات    أنشيلوتي: "فينيسيوس سيفوز بالكرة الذهبية"    موكوينا يستدعي 22 لاعبا لمواجهة النادي المكناسي    "الرواج الوهمي" في الحسابات البنكية يورط باحثين عن "تأشيرات شنغن"    ابتدائية الرباط تؤجل جلسات محاكمة "طلبة الطب" إلى شهر نونبر المقبل            استطلاع: المغاربة يعتبرون الصلاة متفوقة على التلقيح في الوقاية من "كوفيد"    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم..    هذا ما قاله غوتيريش عن مدى احترام المغرب والبوليساريو وقف إطلاق النار    شيرين عبد الوهاب: أول فنانة عربية تكتب اسمها في موسوعة غينيس    "جباليا الإباء خان يونس الصمود".. جمهور نادي الرجاء يتضامن مع غزة    الجيش الملكي يستنكر تحكيم مباراة الرجاء ويدعو لتحقيق فوري    "لوبوان": هل أساءت المحكمة الأوروبية استخدام القانون بإبطال اتفاق الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب؟    أبطال أوروبا.. حكيمي ينقذ "PSG" من الهزيمة وفينيسيوس يقود الريال لريمونتادا تاريخية    إيران: إعدام أربعة أشخاص بسبب بيع مشروبات كحولية مغشوشة    الدورة الثامنة لتحدي القراءة العربي تتوج ممثلي ‬فلسطين والسعودية وسوريا    "أوكسفام": المغرب يحرز تحسنا في "مؤشر الالتزام بتقليل عدم المساواة" بفضل زيادة الإنفاق العمومي في أعقاب زلزال الحوز    الأول بإفريقيا والشرق الأوسط.. تدشين مركز ابتكار ل"نوكيا" بالمغرب    منظمة الصحة العالمية تعلن تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة    المغرب الثقافي .. حب واحتراق    اَلْحُبُّ الْمَمْنُوعُ!    تحديات عالمية ورهانات مستقبلية    حكّام الجزائر، يتامى "الاستفتاء"... يغمغمون    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    تغييب الأمازيغية عن تسمية شوارع العروي تجلب انتقادات للمجلس الجماعي    كمال كمال ينقل قصصا إنسانية بين الحدود المغربية والجزائرية في "وحده الحب"    المستوطنون يقتحمون الأقصى في رابع أيام "ما يسمى عيد العرش"    النصر للشعب الفلسطيني وكل المدعمين له ..    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يقتل الذباب في وطني؟
نشر في هسبريس يوم 27 - 12 - 2015

الذباب يزعجني. أهشُّ عليه بيدي الكريمتين ولا يرْعوي.. لا مجال للتركيز.. أود الكتابة عن قضية خطيرة تؤرقني وتؤرقك.. السياسة.. قضية خطيرة لا يكتب عنها إلا كاتب خطير مثلي ولا يقرأ عنها إلا قارئ خطير مثلي.. والسياسة دم في عروقي، لن أنسها ولو أعدموني شنقا بإطلاق الرصاص على جثتي. أرجوك لا تردّد ما يقال في التلفزيون عن السياسة.. كلام جميل لكنه غير معقول.. يقولون نمارس السياسة عندما نمشي في الأسواق ونأكل القدّيد ونشرب الحليب منزوع الدسم ونتزوج النساء المائلات المميلات ونتدافع بالمناكب في الطاكسيات.. صدّقني تلك مجرد تفاهات تحكم حياة التافهين. السياسة عندي ببساطة هي قتل الذباب.
الذباب يستفزني ويضايقني ويطيّر النوم من عيني و«واك واك أعباد الله».. فكرة سياسية رائعة طنطنت في رأسي لكن لا مجال لكتابتها مع أسراب الذباب.
سأقاوم.. لن أستسلم.. سلاحي مسطرتي وقضيتي صد العدوان السافر على راحتي. ضربة خاطفة.. أصبتُ ذبابة منتفخة.. إنها حامل. أجهزت عليها وعلى جنينها.. إنجاز رائع.. الجنين لن يرَ النور ولن يزعج الناس كما أزعجتني أمه غير المأسوف عليها. قتلتهما ولست نادما. الحصيلة الآن: قتيلان.. «مزيان».. نتابع المقال.. قال قائل: الأمس جمر واليوم خمر.. فالسياسة في سنوات الجمر كانت أشبه بالتنين الذي ينفث اللهب من منخريه ويحرق كل من يقترب.. لذلك كان من يمارس السياسة كمن يطرق أبواب السجن ويغني قائلا للسجانين: غير خذوني لله خذوني.. والسياسة تقتل.. فلا تتسيّس يا أبي، نحن في انتظارك..
دقيقة من فضلك. ثلاث ذبابات نفاثة تهبط اضطراريا على ورقتي البيضاء. «زْداااف».. ضربة موفّقة.. تمّ بعْجُهُن بنجاح.. ارتفع عدد القتلى إلى خمسة. نعود إلى موضوعنا.. السياسة اليوم لا تقتل ولا تبهدل.. فالأطباء ينصحون مرضاهم بممارستها كل يوم للحفاظ على رشاقتهم.. خاصة المرضى المصابين بداء فقدان المناعة الأخلاقية. وجاء إلى الطبيب عضو رخو، ينتمي إلى اتحاد الرخويات الديمقراطية، يشكو من عدم القدرة على النصب ويعاني من وخز حاد في ضميره أسفل الظهر.. وعندما سأله الطبيب « كم مرة في اليوم تمارس السياسة ؟» أجاب «خمس مرات».. فقال الطبيب إن عدد مرات ممارسة السياسة ينبغي أن يفوق عشرين مرة في اليوم إذا أراد المريض أن يتخلص تماما من وخز الظهر وألم الضمير، وإذا لم يُجْدِ ذلك نفعاً فلا مفر من إجراء عملية جراحية لاستئصال ورم الضمير حتى لا تنتقل العدوى إلى باقي الرخويات الديمقراطية.
كفى من السياسة. دعنا نغلق هذا الباب، فلا يأتينا منه إلا الذباب. ويستأنف الذباب هجماته.. وأنا له بالمرصاد وبالمسطرة. وإن عدتم عدنا. لك أن تأخذ استراحة وتدخن سيجارة بينما أواصل القتل. ها أنا أقتل وأقتل بلا رحمة. الجثث تتساقط.. هذا يثيرني كثيرا.. يشحنني بنشوة عارمة. واو.. ما أروع أن تقتل. عدد قتلاي بلغ خمسين ذبابة.. نضيف إليها خمسة.. حصيلة لابأس بها.
دعنا نخوض الآن مع الخائضين في موضوع أخطر.. التربية.. أقصد تربية المواشي.. أي كل من يمشي في الأرض مرحا. هذا مجال عميق لا يغوص في أوحاله إلا الخبراء في وضع برامج التربية والتعليف. الخبراء المنغمسة أرجلهم وأيديهم في وحل الإسطبلات والحظائر.. هم أنفسهم الخبراء الذين وضعوا برنامجا استعجاليا دام لثلاث سنوات ثم وضعوا برنامجا استبقاريا يدوم لخمسة عشر سنة أطال الله عمرك.. برنامج وضعه أشخاص يضعون نظارات طبية بسبب معاناتهم من ضعف في الرؤية الإستراتيجية.. وإذا سألتهم لماذا هذا الانتقال من الاستعجالي إلى الاستبقاري، يجيبونك بأن العِجلة كبُرت.. ماشاء الله.. وصارت بقرة ضاحكة.. أما أنا فلا تسألني عن التربية.. إياك أن تسألني.. فقد حاولت تربية تلامذتي وفشلت..حاولت تربية أولادي وفشلت.. حاولت تربية قطتي وفشلت.. لذلك أنا متفرغ الآن تماما لتربية لِحيتي.
هل أثقلت على قلبك الطيب يا طيب؟ لم يتبق إلا القليل من الذباب.. بضع ذبابات جاثمة على صدري. سأسحقهم .. «زْداااف».. أخيرا تخلصت منهم جميعا بضربات مسطرتي..هكذا نستنتج أن المقاربة التشاركية تقتضي استثمار المسطرة كسلاح استراتيجي بالنسبة للتلاميذ والأساتذة والجزارين ورجال القانون وقطاّع الطرق والموطنين من أجل قتل الذباب.
أنقذوني.. الذباب في كل مكان.. ينبعث من كل مكان.. تجده في غرفتك.. في مقر عملك.. في ضميرك.. في عيادات أطباء القلب والبواسير.. الذباب يتوغّل في دمنا.. يقتات من قذاراتنا وقريبا ننقرض ولا ينقرض الذباب..«زْداااف».
https://www.facebook.com/fettah.bendaou


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.