ما إن يحل فصل الخريف حتى تبدأ أعراض الرشح والحساسية ونزلات البرد في الظهور، وصولا إلى الإصابة بالأنفلونزا، حيث آلام حادة في الرأس والحمى والتهاب الحلق واختناق المسالك التنفسية وامتناع عن النوم والأكل والرعشة وآلام في المفاصل، وتستمر الأعراض لمدة أسبوع. في هذا الحوار تتحدث الدكتورة هدى الوليل، اختصاصية في الأمراض التنفسية والحساسية، عن الأنفلونزا الموسمية وأعراضها وكيفية الاستفادة من التطعيم، معددة الأشخاص المسموح لهم بالاستفادة من التطعيم وأولئك الممنوعون منه. بداية، ما التعريف الطبي للأنفلونزا الموسمية، وما أنواعها؟ الأنفلونزا الموسمية تنتج عن ثلاثة أنواع من فيروسات A – B – C . الفيروسان A و Bهما المسؤولان عن الأوبئة الموسمية السنوية التي تصيب من 5 إلى 10 في المائة من البالغين، ومن 20 إلى 30 في المائة من الأطفال، وتتسبب في وفاة ما بين 250 ألفا و500 ألف شخص سنويا في العالم، بحسب منظمة الصحة العالمية. النوع C يعد أقل انتشارا من النوعين الأولين، لذلك لا يتم إدماجه في التلقيح السنوي ضد الأنفلونزا الموسمية، حيث تخص الوفيات الأشخاص المتقدمين في السن؛ أي فوق 65 سنة، خصوصا في البلدان الصناعية، بينما يزداد عدد الوفيات بين الأطفال بسبب الأنفلونزا في الدول النامية. كيف تنتقل هذه العدوى؟ عدوى الأنفلونزا الموسمية تكون مباشرة من إنسان إلى آخر عن طريق الجهاز التنفسي، حيث تخرج جزيئات صغيرة من اللعاب أو المخاط المحتوية على الفيروس من الشخص المصاب عند العطس أو السعال وتنتشر في الهواء الطلق، فتكون العدوى سهلة ومباشرة ويمكنها التنقل إلى أية فئة عمرية، وتظهر الأعراض إجمالا خلال 48 ساعة. تنتشر الأنفلونزا في المناطق المعتدلة خلال فترة الشتاء، بينما تكون على طول السنة في المناطق الاستوائية. ما أعراض الأنفلونزا وكيف يمكن تمييزها عن أعراض نزلات البرد؟ أعراض الأنفلونزا الموسمية تختلف عن أعراض الزكام أو نزلة البرد "rhume"، وأعراض الأنفلونزا هي أكثر حدة، تشمل ارتفاعا في حرارة الجسم أكثر من 38.5، مع إرهاق شديد، وآلام في عضلات ومفاصل الجسم كلها، مع سعال ووجع الرأس، وأحيانا التهاب الحنجرة وسيلان الأنف، وتظل هذه الأعراض غالبا مدة 6 أيام، بينما يظل الشعور بالإرهاق لعدة أسابيع بعد الشفاء. أما الزكام فأعراضه أقل حدة، وقد تتكرر الإصابة به مرات عدة في السنة، تشمل بالخصوص سيلان الأنف واختناقه مع آلام في الحنجرة وأحيانا سعال. مضاعفات الأنفلونزا تختلف حدتها من حالة إلى أخرى، من ظهور بلغم صديدي مع تفاقم السعال بسبب الإصابة ثانويا ببكتيريا، إلى حالات قصوى من الالتهاب الرئوي الحاد المسبب لقصور في التنفس والوفاة. كيف يمكن الوقاية من الأنفلونزا الموسمية؟ الوقاية من الأنفلونزا الموسمية تعتمد على غسل اليدين بانتظام وتغطية الأنف والفم عند العطس أو السعال، واستعمال مناديل ورقية ذات استعمال وحيد، وتفادي أو تقليل التعامل مع الأشخاص المصابين، مع تناول تغذية صحية ومتوازنة، وارتداء ملابس مناسبة لدرجة برودة الجو، وتغيير الملابس مباشرة بعد أي جهد مسبب للتعرق لأن تبخر العرق على الجسم يؤدي إلى تبريده. وتعتمد المنظمة العالمية للصحة على التلقيح السنوي ضد الأنفلونزا الموسمية كأحد وسائل الوقاية من الإصابة بها، يتكون اللقاح من ثلاث سلالات للفيروسين A – B : A ( H1N1) – A ( H3N2) et B ، حيث تعرف هذه السلالات تغيرات أو طفرات سنوية، مما يفسر التغير الطفيف الذي يعرفه اللقاح كل سنة. ويتم تصنيع اللقاح وفق توصيات المنظمة العالمية للصحة، وتقدر نسبة الحماية من الأنفلونزا بفضل اللقاح ما بين 50 إلى 60 في المائة. حسب المنظمة العالمية للصحة، فعالية التلقيح هي أفضل عند الأشخاص البالغين المتمتعين بصحة جيدة، بينما هي أقل عند كبار السن، ولكن التلقيح يساهم أكثر في التخفيف من خطورة الأنفلونزا ويقلل نسبة ظهور المضاعفات وحالات الوفيات. وتعتبر المنظمة التلقيح أمنا وفعالا بعد 60 سنة من تداوله عالميا. ما هي الفئات المنصوح لها بالاستفادة من التطعيم ضد الأنفلونزا؟ توصي المنظمة بتلقيح السيدات الحوامل في أي فترة من فترات الحمل، وكبار السن فوق 65 سنة، والأطفال ما بين 6 أشهر إلى 5 سنوات، والمصابين بأمراض مزمنة تخص القلب أو الجهاز التنفسي أو الكبد أو الكلى أو أمراض الغدد كالسكري أو أمراض الجهاز المناعي أو الجهاز العصبي والعضلي. كما توصي بتلقيح أصحاب المهن المعرضين أكثر للإصابة بها كمهنيي القطاع الصحي، ومدة الحماية التي يمنحها اللقاح قصيرة مابين 6 إلى 12 شهر، مما يفسر سبب التلقيح السنوي. كيف يستطيع التطعيم الحماية من المرض؟ تجدر الإشارة هنا إلى انتشار سوء الفهم بالنسبة لدور هذا التلقيح، فهو لا يحمي من الزكام أو نزلات البرد. كما أن الحماية التي يمنحها تبدأ بعد أسبوعين من التلقيح، مما يفسر بعض حالات الأنفلونزا التي قد يصاب بها الشخص خلال هذه الفترة، كما أن فعاليته قد تعرف في بعض السنوات انخفاضا كما وقع في الموسم الماضي 2014/2015، حيث عرف الفيروس A H2N3 تحولا آخرا بنسبة 70 في المائة بينما كان تصنيع اللقاح قد بدأ في المعامل. غير أن التوصية بالتلقيح ظلت موجودة بإلحاح نظرا للحماية التي يمنحها اللقاح ضد السلالات الفيروسية الأخرى، ونظرا لمساهمته في التخفيض من خطورة الأنفلونزا عند الأشخاص المعنيين. هل يحتاج المصاب بالأنفلونزا إلى وصفة طبية لاقتناء التطعيم؟ في المغرب لا يحتاج الشخص إلى وصفة طبية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية، التلقيح يتم من طرف الطبيب أو الممرض سواء في القطاع الخاص أو العمومي، داخل المستوصفات والهلال الأحمر، وللتشجيع على التلقيح للفئات المعنية تم وضع آليات لتسهيل شراء اللقاح من الصيدليات بدون وصفة طبية وحقنها من طرف الممرض بدون وصفة أيضا، حيث تتم حملات التلقيح في الفترة ما بين منتصف شهر أكتوبر إلى نهاية شهر يناير. على من يمنع التطعيم ضد الأنفلونزا؟ يمنع التطعيم على من يعانون من حساسية البيض لاحتواء التلقيح عليه وهي حساسية جد نادرة. أو لمن عندهم حساسية معروفة للمكونات الأخرى للقاح كformaldehyde -octoxinol -neomycine ، ولا يلقح الرضيع الأقل من 6 شهور، ويؤجل تلقيح المصابين بمرض حاد أو مرض مسبب للحمى.