مع إطلالة كل فصل خريف، يكثر الحديث عن الأنفلونزا، عن مستجدات هذا الفيروس المميت، الذي يتعامل معه البعض بتهاون كبير، على الرغم من تسببه في ما بين 25 و 500 ألف حالة وفاة عبر العالم، في حين يتسبب في كثير من التداعيات الصحية لما بين 5 إلى 15 في المئة من ساكنة الكرة الأرضية ، أي ما يقارب 600 مليون شخص سنويا، يعانون من التهاب الجهاز التنفسي العلوي بسبب هذا الفيروس الذي يشكل خطورة بالغة على الأطفال ما بين 6 و 59 شهرا، والنساء الحوامل، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، رغم تحذيرات وتوجيهات منظمة الصحة العالمية، التي تحث على التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية من أجل التقليص من تداعيات المرض السلبية التي لاتقف عند حدود ما هو صحي، بل وتتجاوزه إلى كلفة ثقيلة اقتصادية واجتماعية، إذ في المغرب مثلا لايتجاوز عدد الملقحين 500 ألف شخص من مختلف الأعمار والفئات المستهدفة، أي ما يعادل نسبة 2 في المئة من مجموع الساكنة، هذا في الوقت الذي سجل فيه خلال إحدى السنوات الأخيرة ما بين 3 و4 ملايين حالة إصابة بالفيروس؟ فيروس الأنفلونزا ، الذي يتطور كل 10 أو 15 سنة متسببا في جائحة بالمفهوم الصحي ، كما هو الحال بالنسبة لآخرها ويتعلق الأمر بأنفلونزا الخنازير، لم يحفز السلطات الصحية بالمغرب، لكي تتعامل معه انطلاقا من استراتيجية وطنية شاملة، مكتفية فقط بعدة تدابير على شكل خطط محددة الأهداف، باستثناء ما تم إعداده تزامنا وجائحة أنفلونزا الخنازير في 2009 ، حيث تتم محاولة تكييف تلك الخطة مع فيروس «الكورونا» ، الذي له نفس الأعراض التي تتوفر في حالات الأنفلونزا، لكن في أشكالها الخطيرة المتقدمة، كما هو الحال بالنسبة للالتهابات التنفسية الحادة. خطط، وليست استراتيجية، تهم مجموعة من التدخلات التي تشرف عليها وزارة الصحة منذ سنوات، ومن بينها التدخل من خلال المنظومة الترصدية الخاصة بالأنفلونزا في شقها السريري، المتمثل في تتبع جميع حالات الأنفلونزا التي تعرض على المستشفيات أو المراكز الصحية والتي تتسم بالخطورة، ثم منظومة الترصد الفيرولوجي بتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، لكون المغرب يتوفر على مختبر مرجعي خاص بالأنفلونزا، والذي يسمح بتتبع تطور الفيروسات التي تنتشر في المغرب، والتي على ضوئها يتم إعداد اللقاح الذي هو لقاح سنوي، فضلا عن تلقيح العاملين في قطاع الصحة، إذ تقتني الوزارة ما بين 40 و 50 ألف وحدة لقاح لمهنييها، وانضاف إليهم الطلبة في كليات الطب، والطلبة بمدارس الممرضين والممرضات، ثم هناك جانب آخر والمتعلق بتلقيح الحجاج، وكذا الجانب التحسيسي والتواصلي بالمرض وبأهمية النظافة واستعمال اللقاح، لتكون هذه الخطوات هي سلاح وزارة الصحة لمواجهة الأنفلونزا الموسمية في ظل العدد الضئيل جدا ممن يلقحون أنفسهم سنويا ضد الفيروس. رعشة، عطاس، سعال، وقشعريرة تدب في جسده، تلك هي الأعراض التي ألمت بحسن خلال ليلة كانت بالنسبة له ليلاء لم ينعم بسببها بطعم النوم الهادئ والخالي من التشنجات، وكان كلما ترنح ألما، إلا ووجد بجانبه زوجته مواسية له، والتي قامت بدورها من فراشها فأعدت له مشروبا ساخنا وبه بعض العسل، لعله يخفف عنه ما أصابه. قصة عدوى غفا حسن بعد ذلك غفوة بسيطة خلال الساعات الأولى ما قبل بزوغ أشعة الشمس، لكنه سرعان ما استيقظ مسرعا من أجل التوجه صوب العمل، رغم كل محاولات زوجته لثنيه عن ذلك، إلا انه ورغم تعبه لم يكن قادرا على الغياب لأنه مطالب بالتواجد في مكتبه بمصلحة الحالة المدنية حتى يسلم المواطنين وثائقهم الإدارية التي هم في حاجة إليها. خرج حسن مسرعا وفي طريقه عرّج على «السي بوشعيب» الذي جعل من إحدى ناصيات الحي الشعبي الذي يقطن به عبارة عن محل في الشارع العام، وذلك طلبا لبعض الإسفنج حتى يفطر به مع ابريق شاي، فهذا «الشفناج» هو قبلة لأعداد كبيرة من المواطنين كل صباح، هذا الأخير الذي ما أن لمحه حتى بادر إلى معانقته وأخذه بالأحضان مقبّلا إياه، فهو يحترمه بشكل كبير، كيف لا وهو يجنبه عناء الحصول على الوثائق الإدارية. وصل حسن إلى مكان العمل، وهو في طريقه إليه صافح وعمل على تحية عدد من المواطنين من المعارف والأصدقاء ومن سكان الحي، وكذلك الأمر بالنسبة لزملائه في العمل، وظل على ذلك المنوال كلما ولج أحد إلى مكتبه وإن لم يفارقه العطس، وإن لم يتوقف سيلان أنفه، إلا أن مصافحة العديدين له كانت لدى البعض بدافع الاحترام والبعض الآخر بدافع الحاجة للحصول على هاته الوثيقة وتلك، حتى وهو يحاول الاعتذار بلطف عن التحية المباشرة موضحا بأنه مصاب بالزكام، إلا أن البعض كان يصر على ذلك بالقول «راه غير البرد، وهذا وقتو»، على الرغم من أن كلفة ما سيتعرضون له هي أكبر من كلفة الوقت الذي قد يهدرونه للحصول على وثيقتهم.
عدوى متنقلة التحية البسيطة التي حياها حسن ل «السي بوشعيب» كانت كافية لتنتقل العدوى إلى هذا الأخير، الذي عمل بدوره على نقلها لعشرات المواطنين الذين كانوا على علاقة مباشرة به، قبل أن يضطر للخلود إلى الراحة لمدة أربعة أيام لم يقو خلالها على العمل، مما حرم أسرته من الدراهم المعدودة التي كان يحصل عليها من بيع الإسفنج، فضلا عن ضرورة زيارة الطبيب والحصول على وصفة طبية تساعده على الاستشفاء، لتكون بذلك كلفة المصافحة مرتفعة وبتبعات متعددة، إن على المستوى الصحي أو الاقتصادي. انتقل فيروس الأنفلونزا من «سي بوشعيب» ليصيب زوجته كذلك فأبناءه، وكذلك الأمر بالنسبة لزوجة حسن التي نقلت العدوى لوالديها، وظل عدد المرضى يرتفع شيئا فشيئا، من البيت إلى المدرسة، إلى مقرات العمل، وكلما صافح مريضا وتواصل مع شخص سليم بشكل مباشر إلا ونقل إليه ما يعرف ب «لاكريب»، الذي دفع بالبعض إلى المكوث في الفراش لثلاثة أيام، وآخرين أربعة، بينما البعض اضطر للجلوس في البيت لمدة بلغت عشرة أيام.
أصحاء ومرضى النوم في الفراش، التغيب عن الدراسة أو عن العمل، زيارة الطبيب وكلفته المادية، اقتناء الأدوية، ليست وحدها تداعيات الإصابة بالأنفلونزا، فهي إن كانت كذلك لمن لايعانون أمراضا بعينها، فإن لها تداعيات أكثر سوءا عند البعض الآخر ، والتي قد تصل إلى حد الوفاة ومفارقة الحياة، خاصة بالنسبة للأطفال، المسنين، الحوامل، الأشخاص الذين يعانون من مرض رئوي مزمن، مرضى الربو، المصابين بأمراض القلب والشرايين، مرضى السكري .... فعلى الرغم من أن الأنفلونزا تصيب كافة الأعمار، إلا أن نسبة الأشكال الخطيرة من المرض و المضاعفات وحالات الاستشفاء والوفيات ترتفع لدى الأشخاص المسنين في سن 65 وما فوق، حيث يصعب تشخيص الأنفلونزا لدى هذه الفئة من الناس من دون اختبار بيولوجي. و بالفعل، لا تكون الأعراض المعهودة للمرض حاضرة في نصف الحالات، لكن غياب الأعراض العادية لا يقضي على الأنفلونزا من التشخيصات الممكنة، حيث ما هي الأنفلونزا؟ جميع الناس معنيون بالأنفلونزا، لأنها مرض جد مُعدٍ وقد يصبح خطيرا لما يسببه من مضاعفات متفاقمة ومن خطر على حياة الإنسان، سيما عند الأشخاص المسنين والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة . عامة ما يكون الطابع المعدي للأنفلونزا جد هام خلال اليومين الأولين اللذين يسبقان ظهور الأعراض وخمسة أيام بعده «تدوم أكثر من 10 أيام لدى الأطفال». و تنتقل الأنفلونزا بكل سهولة من شخص إلى آخر عبر القطرات الناجمة عن السعال أو العطس، وبالاتصال المباشر مع شخص مصاب أو بلمس أماكن نقلت الأنفلونزا إليها. ويعد فيروس الأنفلونزا جد متقلب، فبسبب تكوينه الجيني، يمكن من الحدوث المتردد لطفرات ضئيلة على مستوى مولدات المضاد السطحية التي تعرف باسم «انزلاق مولدات المضاد « . هذه الظاهرة تتسبب في ظهور متغيرات فيروسية جديدة تنفلت من قبضة الدفاع المناعي للإنسان، مما يؤدي سنويا إلى ظهور وباء جديد للأنفلونزا. ويعرف الخبراء حدوث تغيير كبير ينجم عنه بروز فيروس جديد يجهله الإنسان، بما يصطلح عليه ب «كسر مولد المضاد»، ويشكل هذا المنهج قلقا كبيرا للصحة العامة، حيث قد يكون السبب في نشر وباء عام عالمي. على انه يتعين معرفة أن من ضمن الأنواع الثلاثة لفيروسات الأنفلونزا A, B, C ، يعتبر النوعان B و A ، السبب في انتقال الأوبئة بين الأشخاص. وحاليا ثمة نوعان فرعيان مسؤولان عن الأوبئة الموسمية لدى الإنسان H1N1 و H3N2، فيما لا يتوفر فيروس الأنفلونزا من نوع B على نوع فرعي. وتبدأ الأنفلونزا بالظهور المفاجئ للحمى التي غالبا ما تكون درجتها مرتفعة، وبالصداع والإحساس بالتعب الكبير والوهن، والسعال الجاف، والآلام في الحنجرة، وسيلان الأنف، والوجع العضلي. وقد تستمر هذه الأعراض لمدة أسبوع إلى اثنين. ومن بين مضاعفات الأنفلونزا نجد الالتهاب الرئوي البكتيري، وفقدان الماء من الجسم، وكذا تفاقم الأمراض المزمنة التحتية. وتخص معظم حالات الاستشفاء والوفاة الناتجة عن الأنفلونزا ، الأشخاص المسنين والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة.
الأطفال في طليعة الضحايا تهاجم فيروسات الأنفلونزا أجسام الأشخاص من كل الأعمار ، لكن يعد الأطفال أكثر عرضة للإصابة بشكل خاص، وتعد نسب الإصابة لدى الأطفال أكثر ارتفاعا، إذ لاحظ الأطباء والمتخصصون على أن معدلات الاصابة بهذا الداء الأكثر ارتفاعا تسجل في رياض الأطفال وبالمدارس، خاصة الذين يتراوح عمرهم ما بين 6 و 10 سنوات. وتتفاوت نسبة الأطفال المصابين بالأنفلونزا الموسمية من سنة إلى أخرى، وذلك لأن الفيروسات المسببة للأوبئة تتغير. لكن عموما ما يصاب بين 20 و 30 في المئة من الأطفال بالأنفلونزا كل سنة، وقد تصل هذه النسبة إلى 50 في المئة لدى الأطفال المسجلين في الحضانات، وغالبا ما يجهل الآباء حجم الخطر الذي يحدق بأبنائهم بسبب مضاعفات خطيرة نتيجة للأنفلونزا. وأوضحت دراسات حديثة على أن الأطفال الصغار كانوا معرضين لخطر أكثر حدة لمضاعفات شديدة، وبأنه عند الأطفال دون سن الثانية، كانت نسب الاستشفاء أكثر ارتفاعا من تلك الملاحظة لدى الأشخاص المسنين. وتتعدد أعراض الأنفلونزا عند الأطفال التي تفوق الأعراض الاعتيادية للأنفلونزا، كالحمى، وآلام الرأس، والتعب، والسعال الجاف، وآلام الحنجرة، والانسداد أو السيلان، إذ غالبا ما يشكو الأطفال من أعراض معدية معوية مثل الغثيان والتقيؤ والإسهال، كما أن الحمى عند الأطفال تكون أكثر حدة من تلك التي تصيب الراشدين. بينما في حالات الأنفلونزا الحادة، قد تظهر أعراض أخرى، من قبيل الصعوبات التنفسية، والتقيؤ المتكرر، وكذا اضطرابات السلوك الملحوظة مثل التعب غير الاعتيادي، وسرعة الغضب أو الهذيان. وفي هذه الحالات قد يصبح الاستشفاء ضروريا. أمراض مزمنة يعد خطر المضاعفات والاستشفاء والوفاة المرتبطة بالأنفلونزا أكثر تفاقما لدى الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، ويتعلق الأمر بالأشخاص المصابين بأمراض رئوية أو قلبية مزمنة، أو داء السكري، أو الاضطرابات العصبية، والأشخاص ذوي جهاز مناعي ضعيف، والنساء الحوامل في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، وكذا الأشخاص المقيمين في دور العناية التمريضية أو مؤسسات أخرى للعناية، وفي بعض الحالات، قد تزيد الأنفلونزا من حدة الأمراض الموجودة مسبقا والمزمنة وتكون لها عواقب وخيمة. يعد خطر المضاعفات المتفاقمة نتيجة للأنفلونزا أو الالتهاب الرئوي مرتفعا خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل الربو والأمراض الرئوية الانسدادية المزمنة، مثل الالتهاب الشُعبي أو الانتفاخ الرئوي. وتعتبر التفاقمات الفجائية والملحة للأمراض الرئوية الانسدادية المزمنة والربو مقلقة بشكل خاص، لأنها مصدر عدد كبير من حالات الاستشفاء والوفاة. كما تم التأكيد على أن تلوث الهواء وكذا الإصابات البكتيرية والفيروسية، بما فيها الأنفلونزا، تعد السبب المباشر لهذه التفاقمات. من جهة أخرى ، وطوال السنوات الأربعين الماضية، شهد عدد السكان الذين يعانون من داء الربو وكذا عدد حالات الاستشفاء والوفاة وسط هذه الفئة، ارتفاعا ملحوظا، سيما في صفوف الأطفال، إذ أنه على الصعيد العالمي، يعاني حوالي 300 مليون نسمة من الإصابة بالربو، وهذا العدد هو في ارتفاع بنسبة % 50 كل عشر سنوات. وفي الدول المتقدمة، قد يصل انتشار الربو إلى % 10 من الساكنة وإلى غاية % 30 لدى الأطفال، وبالرغم من أن الربو لا تُهيئ للأنفلونزا، فإنها تشكل عاملا أساسيا لتفاقمه. أما بخصوص أمراض القلب والشرايين، فإن خطر الاستشفاء والوفاة المقترن بالأنفلونزا يعد مرتفعا بشكل خاص لدى المصابين بأمراض قلبية مزمنة وفشل القلب الاحتقاني. فخلال مواسم الأنفلونزا مثلا، تبين أن أوج نشاط الفيروس تزامن مع ارتفاع عدد حالات الاستشفاء بسبب فشل القلب، والوفيات إثر حادث عرقي مخي ومرض القلب التاجي، فضلا عن ذلك، لدى المرضى المصابين بأمراض القلب والشرايين، ترتبط الأنفلونزا بخطر متزايد للجلطة القلبية ومرض تصلب شرايين القلب. بالإضافة إلى ما سبق، فإن خطورة الأنفلونزا ومضاعفاتها تزداد حدة بعد الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، ويرتفع بشكل كبير في الشهور الثلاثة الأخيرة. كما قد تقترن الأنفلونزا التي تصيب المرأة الحامل بارتفاع عدد المضاعفات خلال الولادة.
اللقاح صمّام للأمان يشكل التلقيح السنوي، أي حقن جرعة اللقاح المضاد للأنفلونزا، أفضل وقاية ضد الأنفلونزا. ويعد اللقاح عبارة عن فيروسات ميتة لا يمكنها أن تتسبب في المرض على الإطلاق. حيث يكون بمثابة رد مناعي يمكن الجسم من تطوير مضادات الأجسام اللازمة لتفادي الإصابة بالفيروس. وحاليا تعتبر اللقاحات فعالة بشكل جيد، وفقا لتأكيدات الخبراء في هذا الباب، حيث ينصح بها بالنسبة للأشخاص المسنين والأشخاص المهددين بظهور مضاعفات مرتبطة بالأنفلونزا لديهم، بغض النظر عن سنهم. ويتعلق الأمر بالمصابين بأمراض رئوية أو أمراض القلب والشرايين المزمنة، وكذا المصابين بأمراض تضعف الجهاز المناعي، وبمرض أيضي مثل داء السكري. وتعتبر مزايا التلقيح جد مهمة عند الراشدين بصحة جيدة كذلك، فقد أوضحت الدراسات أن اللقاحات ضد الأنفلونزا تقلص بكل فعالية من المرضية والتغيب المرتبطين بالأنفلونزا لدى هؤلاء. وتكافح منظمة الصحة العالمية ضد الأنفلونزا عن طريق شبكة مراقبة عالمية أحدثت منذ 1952 ، تغطي عدة بلدان وتشمل أزيد من 100من المختبرات تعمل جنبا إلى جنب. وتمكن هذه الشبكة من الحصول على معطيات جديدة حول أرومة الأنفلونزا المتداولة. وهكذا، تصدر منظمة الصحة العالمية سنويا توصيات بشأن الأرومات التي ستندرج في تركيبة لقاح الموسم القادم للأنفلونزا. وبفضل هذه التوصيات، يتسنى للمصنعين إنتاج لقاح مطابق للأرومات الفيروسية المتداولة، مما يضمن فعالية مثلى ضد الأنفلونزا. وجدير بالذكر ، أن منظمة الصحة العالمية استهدفت الرفع من عدد الأشخاص المسنين الذين يخضعون للتلقيح السنوي ضد الأنفلونزا وبلوغ نسبة تغطية تلقيحية تصل إلى % 75 في كافة البلدان، وتطبق العديد من البلدان توصيات منظمة الصحة العالمية، وقد تم تبرير توسيع التوصيات بكون نسبة هامة من الأشخاص ما بين 50 و 64 سنة تعاني من إصابة أو عدة إصابات مزمنة تهدد باستشفائهم أو وفاتهم كنتيجة للأنفلونزا. ويمكن اللقاح من تجنب الكثير من المضاعفات الصحية بنسب مرتفعة سيما في الجانب المتعلق بالأمراض التنفسية، غير أن منافع اللقاح السنوي تتعدى الحماية المحضة ضد الأنفلونزا. وفعلا أثبتت عدة دراسات أن التلقيح المضاد للأنفلونزا يقلل من خطر الحوادث القلبية العرقية مثل السكتة القلبية والسداد بنسبة 50 إلى % 70 ، كما يقترن اللقاح السنوي ضد الأنفلونزا بتخفيض 40 إلى % 75 من خطر الوفاة مهما تعددت الأسباب. بالإضافة إلى ما سبق، فقد أظهرت دراسة عند الأطفال المصابين بالربو في سن قبل التمدرس، أن التلقيح ضد الأنفلونزا قد يقلص من عدد تفاقمات الربو ما بين 22 إلى 41 في المئة خلال مواسم الأنفلونزا، وكذلك الأمر بالنسبة لعدد حالات الاستشفاء والاستعجالات. كما شدد الخبراء على أن التلقيح المضاد للأنفلونزا برهن أيضا عن فعاليته في تقليص خطر الحوادث القلبية بنسبة 50 إلى 70 في المئة، مثل السكتة القلبية والسداد أو حوادث المخ الوعائي ، كما أنه تنصح النساء في بداية الشهر الرابع أو السابع من الحمل بضرورة التلقيح ضد الأنفلونزا بهدف الحد من خطر الاستشفاء. كذلك يعد تلقيح الأطفال ابتداء من ستة أشهر ، أول تدبير ضد الأنفلونزا والمضاعفات المقترنة بها، ويمكن اللقاح من تقليص ظهور المرض عند الأطفال بنسبة تتراوح ما بين 60 و 90 في المئة، ومن المضاعفات المرتبطة بهذا الفيروس كإصابة المسالك التنفسية، كما أن له إيجابيات غير مباشرة كالتقليل من نسبة التغيب المدرسي، وتغيب الآباء عن العمل. إلا أنه على الرغم من فوائد التلقيح المتعددة الأبعاد والأوجه فإنه ، وبحسب الخبراء، تظل التغطية التلقيحية جد ضعيفة ولم تصل بعد إلى النسبة المستهدفة المتمثلة في 75 في المئة من ساكنة كل بلد، لما لذلك من إيجابيات على مستوى الصحة والكلفة الاقتصادية والاجتماعية معا. ينبغي اعتبارها متواجدة عند كل مصاب يعاني من أعراض تنفسية أو الحمى خلال موسم الأنفلونزا.