خرج العشرات من العمال بجماعة آيت اعميرة، ضواحي اشتوكة آيت باها، يوم السبت في وقفة احتجاجية أمام الضيعة الفلاحية "الشرقاوي"، مع شل لحركة المرور بالطريق الإقليمية 1014، بسبب ما أسموه "صمت مسؤولي الوحدة الإنتاجية اتجاه مطالبهم، وغياب الإرادة للاستجابة لملفهم المطلبي من طرف من وصفوهم ب "إقطاعيي" العهد الجديد. الشكل الاحتجاجي، جاء بعد نحو شهر قضاه العمال في اعتصام أمام الضيعة، عاشوا خلالها وسط خيام بلاستيكية، نصبوها عند مدخل الشركة، آوت النساء والكهول والشباب والأطفال، في مشهد ظل يتكرر يوميا، دون أن يلتفت القيمون على تدبير شؤون الشركة المُشغلة إلى عواقب تسريح هؤلاء عن عملهم. فاطمة، 62 سنة، واحدة من اللواتي عانين من ظروف عمل شاقة وسط الوحدة، قالت لهسبريس، إن حالتها الصحية جد متدهورة، وتعاني من مضاعفات أمراض ناجمة عن طبيعة الأعمال التي تُناط بها، كرش المبيدات وحمل كميات ثقيلة من المنتوج، مما جعل "صحتي تزداد تدهورا، دون أدنى اعتبار لسني ومضاعفات المرض". وقال محمد، 64 سنة، إنه تفاجأ بتوقف مساهمة مشغله بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فضلا عن غياب التعويض عن الساعات الإضافية، وتفعيل تدابير تمييزية في إسناد الأشغال داخل الوحدة، "مما لا يتناسب وفئتنا العمرية والأقدمية التي قضيناها في خدمة المشغل". وداخل إحدى الخيام المنتصبة بالمُعتصم، التي زارتها هسبريس، تجمع عدد من العمال والعاملات حول صينية شاي، وشرعوا في صب جام غضبهم على مسؤول بالشركة، وبعفوية ممزوجة بكثير من المرارة، كان الحديث كله يدور حول غياب أي حوار جاد لمناقشة أوضاعهم. وكان العمال المعتصمون يناقشون خلال جلساتهم المتاعب التي ظلوا هدفا لها أيام كانوا يزاولون عملهم، "حتى ماء الشرب مُنعنا منه وسط البيوت البلاستيكية"، تقول إحدى العاملات، لتسقط أخرى مغمى عليها، وسط ذهول باقي زميلاتها، ليتأكد أنها تعاني من مضاعفات مرض السكري. هذه المطالب يتقاسمها العشرات ممن انتفضوا ضد إدارة الشركة، لم يجدوا أمام هضم حقوقهم، ولامبالاة المعنيين، وقساوة الظروف المعيشية، التي تفرض عليهم إعالة أسرهم، منهم من ترك وراءه أطفالا متمدرسين، ومعاقين، وأزواج بلغ بهم المرض درجات لزوم الفراش، "لم يجدوا" غير رفع أصواتهم علانية للكشف عن "مرارة" العمل في ظروف أقل ما يمكن أن يُقال عنها أنها "غير إنسانية". وفي سياق احتواء احتجاجات العمال والعاملات، أفاد مصدر مسؤول من داخل عمالة إقليم اشتوكة آيت باها، أن رئيس قسم الشؤون الداخلية قد دعا أطراف النزاع إلى طاولة الحوار، تمخض عنها التزام الطرف المُشغل بتنفيذ الملف المطلبي للشغيلة، وضمنها إرجاعهم إلى العمل وتحسين ظروف عملهم داخل الوحدة، والتعويض عن الساعات الإضافية. وتابع المصدر ذاته بأن المحتجين قرروا فك الاعتصام، "لما في ذلك من تحقيق لمصلحة الطرفين، وحتى تعود دورة الإنتاج إلى وضعها الطبيعي، ورفعا للاحتقان الذي أضر بمصالح العمال والمشغل"، وفق المتحدث.