بعد الخطوة الاحتجاجية التي خاضها سكان مدينة طنجة ضد "أمانديس" جراء غلاء فواتير الماء والكهرباء، قرر سكان عدد من المدن المغربية القيام بخطوات مشابهة احتجاجا على المكتب الوطني للماء والكهرباء، أو على شركات التدبير المفوض على اختلافها. وعمد المواطنون بمجموعة من مدن الشمال، كتطوان والفنيدق والمضيق، إلى تنظيم احتجاجات متعاقبة بعدما عرفت فواتير الماء والكهرباء ارتفاعا مهولا من طرف الشركة المفوض لها تدبير القطاع بمدن الشمال، مستنكرين ما اعتبروه فشلا لتدبير الشركة. كما احتج عدد من ساكنة مدينة وزان، بداية الأسبوع الجاري، أمام المكتب الوطني للماء والكهرباء، تنديدا بغلاء الفواتير، مطالبين بمراجعة فواتير الأشهر الأخيرة، وتوزيع الفواتير وتسلمها داخل الآجال المحددة، ورافضين فرض غرامات جراء التأخر عن التسديد. وعبر المحتجون الوازانيون عن سوء أداء المكتب الوطني للكهرباء والماء، الذي لا يقوم بالمراقبة الدورية للعدادات، ما يجعل معدل الاستهلاك يقفز إلى الشطر الثالث ويرفع من مبالغ الفواتير المحصلة. من جهتهم، قرر سكان مدينة سلا إطفاء الأنوار، ليلة السبت، احتجاجا على شركة "ريضال" جراء ما أسموه "أثمنة خيالية" تفرضها الشركة المفوض لها بتدبير قطاعي الماء والكهرباء الحيويين، معربين عن استيائهم البالغ من الفواتير الخاصة باستهلاك الكهرباء. وطالبت الساكنة بتدخل السلطات لمعالجة هذا الوضع، حيث أكد المتضررون أن "ريضال" تمادت في مضاعفة مبالغ الفواتير رغم أن معدل الاستهلاك ثابت، متسائلين عن الطريقة التي تعتمدها هذه الوكالة في تثمين الاستهلاك، التي لا تتناسب مع حجم ما يستهلكونه سواء تعلق الأمر بالماء أو بالكهرباء. والتجأ عدد من مواطني مدينة قلعة السراغنة إلى صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، للتعبير عن سخطهم من سوء خدمات المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للكهرباء، وأعلن متضررون عبر صفحة تحمل اسم "معا ضد المكتب الوطني للماء والكهرباء بقلعة السراغنة"، رفضهم اللمس بالقدرة الشرائية للمواطنين رافعين شعار "لا للزيادة في ثمن الماء الشروب والكهرباء". بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، قال إن قرارات حكومية اتخذت السنة الفائتة، من قبيل تغيير الأشطر وتغيير التسعيرة، كانت سببا مباشرا في غلاء فواتير الماء والكهرباء، ما اضطر ساكنة عدد من المدن إلى الاحتجاج، متابعا أن الجامعة استنكرت اتخاذ تلك القرارات ساعتها لمعرفتها المسبقة بنتائجها السلبية على المستهلك مستقبلا. ولفت الخراطي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، إلى غياب الشفافية في مؤسسات توزيع الماء والكهرباء بالمغرب، مفرقا بين نظامين؛ يتمثل الأول في المكتب الوطني للماء والكهرباء، والثاني يدخل في إطار التدبير المفوض، الذي ينقسم بدوره إلى الخواص والوكالات، ما يجعل المواطنين غير متكافئين فيما يخص الخدمات وكذلك التسعيرات. الدكتور الخراطي انتقد لعب وكالات وشركات التدبير المفوض دور الوسيط بين المواطن المغربي والمكتب الوطني المزود الرئيسي بهاتين المادتين، مؤكدا أن الوسيط يحاول بكل الوسائل استخلاص أرباح بشتى الطرق، متسائلا عن السر وراء تعرض المكتب الوطني للكهرباء لحالة إفلاس في الوقت الذي تنعم فيه وكالات التدبير المفوض بالرخاء. وبخصوص العدادات، عاب المتحدث على الشركات المعنية أن تقوم هي نفسها بتركيب العدادات غير المراقبة والمتقادمة وتقدير حجم الاستهلاك، ما يجعلها تلعب دور القاضي والحكم في الوقت نفسه، مشيرا إلى أن هذا الواقع غير معترف به دوليا. "الغريب في الأمر أن المواطن المغربي يؤدي الضريبة على الضريبة رجوعا إلى الفواتير، حيث إن 23 بالمائة من مبالغ الاستهلاك هي ضريبة على الضريبة لا غير، وهذا حيف في حق المواطن"، يقول الخراطي، داعيا وزارة الداخلية إلى إيجاد حل جوهري وإلى إعادة تنظيم القطاع بعيدا عن التجاوزات والاختلالات.