بتجدد احتجاجات سكان الشمال على غلاء فواتير الكهرباء، تعود الاستفهامات حول كيفية احتساب شركات التدبير المفوض لاستهلاك المغاربة من الماء والكهرباء إلى السطح، خاصة أنّ المدير العام السابق للمكتب الوطني للكهرباء والماء، علي الفاسي الفهري، صرّح أثناء مثوله أمام لجنة برلمانية بأنّ الشركات تقتني الماء والكهرباء من المكتب، وتبيعه بأسعار مضاعفة ثلاث مرات. وبغض النظر عن الزيادة في أسعار بيع الماء والكهرباء، ثمّة جزئيات ربما تكون نسبة كبيرة من المغاربة على غير علم بها، تساهم بشكل كبير في ارتفاع فواتير الماء والكهرباء بشكل قياسي، منها، مثلا، فرض الحكومة للضريبة على الضريبة (الضريبة على TVA)، وعدم مراقبة العدادات، وجزئيات أخرى يسلط عليها الضوء بوعزة الخراطي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق المستهلك، في هذه الدردشة. برأيكم، ما هي أسباب ارتفاع أسعار الماء والكهرباء بالمغرب؟ هناك جُملة من الأسباب، ويمكن القول إنّ السبب الرئيسي الذي يوحد جميع شركات التوزيع، وكذا الوكالات المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، هو أنّ العدادات التي يستعملها هؤلاء الموزعون لا تخضع للمراقبة من طرف وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي. هناك قانون ينصّ على ضرورة المراقبة القَبلية للعدادات، أي في مرحلة التصنيع، والمراقبة البَعدية، وهذا لا يتمّ؛ لكن الغريب في الأمر أنّ شركات التوزيع في المغرب هي التي تختار العدادات التي تزود بها بيوت المواطنين، وهذا يحُول دون حتى معرفة ما إن كانت هذه العدادات موحّدة في المُعايرة "étalonnage" أم لا، في ظل غياب مراقبة الوزارة الوصية. إذن، غياب مراقبة العدادات هو السبب الرئيسي لارتفاع فواتير الماء والكهرباء؟ هذا سبب من بين أسباب أخرى. وأود هنا أن أشير إلى أنّ عدم مراقبة وزارة الصناعة والتجارة لعدادات الماء والكهرباء تجعل المواطنين يجدون أنفسهم وجها لوجه أمام شركات التوزيع، التي تصبح خصْما وحَكما في الآن نفسه. وكما أسلفت، هناك قانون ينص على ضرورة مراقبة العدادات، لكنه لا يطبق. هل ثمة أسباب أخرى لارتفاع أسعار فواتير الماء والكهرباء؟ هناك مشكل عويص آخر هو أن الحكومة تفرض الضريبة على الضريبة في فواتير الماء والكهرباء، وتصل نسبتها إلى 23 في المائة؛ وهذا واحد من الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار بيع الماء والكهرباء للمواطنين. المغرب هو الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق الضريبة على الضريبة في فواتير الماء والكهرباء، ولو تمّ إلغاء هذه الضريبة لانخفضت فواتير الماء والكهرباء بنسبة 22 في المائة. هناك أيضا إشكال كبير يتمثل في كون شركات التوزيع تَخصم رسوما دون أن تؤدي مقابلها أي خدمة للمستهلك، كالرسم المتعلق بصيانة العدادات، علما أنها لا تقوم بهذه الصيانة، وكذا المبلغ المستخلَص كقيمة لكراء العداد، وهذا أمر غريب، إذ كيف يُعقل أن تكري شركة التوزيع العداد للمستهلك، علما أنه اشتراه. ثمة سبب آخر سبق أن أشرت إليه، وهو عدم معرفة ما إن كانت العدادات خاضعة للمعايرة، في ظل غيب المراقبة. أيضا طريقة الأداء المعتمدة حاليا غيرُ مُجدية وفيها حيف كبير على المستهلك، خاصة بالنسبة للعدادات المشتركة، فإذا تمّ تجاوز الشطر الأوّل، مثلا، بلترِ ماء واحد، فإنّ الفاتورة تحتسب بناء على الشطر الثاني، وهكذا دواليك. برأيكم، ما هو الحل لبيع الماء والكهرباء للمستهلك بأسعار معقولة؟ أشرتُ إلى ضرورة مراقبة الوزارة الوصية للعدادات، ومشكل الضريبة على الضريبة، والحيف الذي يطال المستهلك جراء طريقة الأداء المعتمدة، لكنّ السؤال المطروح هو لماذا تستعين الحكومة بوسطاء لتوزيع الماء والكهرباء؟. في دول مقارنة، كفرنسا، لا يوجد وسطاء، هناك مؤسسة حكومية هي التي تتولى توزيع الماء والكهرباء، ولا أعرف لماذا لا يقوم المكتب الوطني للماء والكهرباء بهذه المهمة، دونما حاجة إلى شركات التدبير المفوض، التي تربح أموالا طائلة من إعادة بيع الماء والكهرباء للمستهلكين، وتذهب بها إلى بلدانها الأصل. هذه الشركات تستنزف أموال المغاربة.