إلى الدكتور إسماعيل العثماني، الأكاديمي والمترجم. قرأت مقالك المثير للاهتمام تحت العنوان "الأمازيغية الطبيعية والأمازيغية الاصطناعية" المنشور على صحيفة هسبريس. وأغتنم هذا المنبر للحوار بشكل موضوعي حول موضوع لغتنا الأمازيغية المهم وخصوصا حول الجوانب المتعلقة بتدريسها وكتابتها وترسيمها. وأتمنى أن ينضم لهذا الحوار والنقاش كل مغربي له اهتمام حقيقي باللغة الأمازيغية لغة المغرب الأصلية. وفي مقالاتك العديدة، يا دكتور إسماعيل العثماني، أكدت بأنك تعتبر أمازيغية الريف (التي يسميها الريفيون الناطقون بها حاليا: Tmaziɣt وTamaziɣt) لغة "ريفية" مستقلة قائمة بذاتها يجب أن تعاملها الدولة في الدستور والقوانين والمدارس كلغة مستقلة قائمة بذاتها. وعبّرتَ كذلك عن رؤيتك لأمازيغية الأطلس (التي يسميها الأطالسة الناطقون بها حاليا: Tamaziɣt) ولأمازيغية سوس (التي يسميها الناطقون بها حاليا: Tacelḥit ولدينا مخطوطات سوسية قديمة تؤكد أن قدامى السوسيين كانوا يسمون لغتهم: Tamaziɣt) فقلتَ أيضا بأنهما لغتان مستقلتان. وهكذا فرؤيتك للأمازيغية في المغرب هي أنه توجد فيه "ثلاث لغات أمازيغية". وهذه الفكرة ليست بالجديدة طبعا وإنما قالها الكثيرون. ولها بعض الشعبية لدى جزء معين من سكان منطقة الريف الكبرى على وجه الخصوص (بجانب وجود جزء آخر من الريفيين يعارضها). وفي منطقتي القبايل والشاوية الجزائريتين توجد أيضا أصوات كثيرة لبعض الكتاب والمثقفين يقولون بأن أمازيغيتهم المحلية "لغة قائمة بذاتها ومستقلة تماما عن بقية اللغات الأمازيغية". كما توجد هناك أيضا أصوات كثيرة تقول إن الأمازيغية لغة واحدة، وأن القبايلية Taqbaylit والشاوية Tacawit والمزابية Tomẓabt هي مجرد تنوعات لهجية لنفس اللغة الأمازيغية. والحقيقة أن هذه الفكرة (فكرة "اللغة المحلية") لا يجب أن تضايق أي مغربي ناطق بالأمازيغية من منطقة الريف أو الأطلس أو من سوس (أو من منطقة "الجنوب الشرقي" الذي لا يتحدث عنه أحد) يؤمن أو يرى أن الأمازيغية لغة واحدة. فقضية التصنيفات "هل هذه لغة أم لهجة تابعة للغة" هي قضية دلالية رمزية سيمانتيقية Semantic تعتمد على رؤية شخصية للموضوع من زاوية معينة وفي سياق معين، محلي غالبا. وهذا الجدال موجود في كل البلدان وعلى رأسها المغرب التي يتجادل فيه المغاربة أيضا حول الدارجة والحسانية والعربية – هل هي ثلاث لغات مستقلة أم هي لغة واحدة؟. والجزائر تعيش الآن على وقع نقاش ساخن حول تدريس الدارجة الجزائرية وحول ما إذا كانت الدارجة الجزائرية لغة مستقلة أم مجرد لهجة تابعة للعربية. هذا الجدال حول اللغة/اللهجة الأمازيغية في الريف والأطالس الثلاثة وسوس والجنوب الشرقي، هو جدال ليس له أثر على الواقع ما دام أغلب المدافعين عن هذا الرأي أو ذاك لا يكتبون ولا ينتجون شيئا يدعم ما يقولون، بلغتهم التي يدافعون عنها. فاللغة غير المكتوبة لا وجود لها. إذا كان مستقبل الأمازيغية هو أن تنقسم إلى 5 أو 10 لغات منفصلة كما انقسمت الإنجليزية والألمانية والهولندية والسويدية والنرويجية والدنماركية عن بعضها البعض وعن عائلتها الجرمانية الأم فليكن. ففي كل الأحوال بقيت الجرمانية حية عبر بناتها وحفيداتها. الأهم هو أن لا تنقرض الأمازيغية. والضروري هو أن تكتب وتستعمل في التعليم والإدارة والسياسة والإعلام لتكون أداة للتنمية والدمقرطة. وإذا تمت كتابة وتدريس الأمازيغية بشكل وطني موحد يضم كل المترادفات والتنوعات اللهجية بشكل متوازن فهو أفضل. وفي رأيي الشخصي، الأمازيغية لغة واحدة لها لهجاتها وتنوعاتها اللهجية الشعبية، وهي لغة "متعددة المراكز" Pluricentric. ونجد لغات أم شعبية ومكتوبة في نفس الوقت "متعددة المراكز" كالإنجليزية والألمانية حيث تملك لهجات ولكنات ومعايير متعددة في دول متعددة. تزداد حدة التنوع والاختلاف على مستوى الاستعمال اليومي الشعبي، خصوصا في ظروف انعزال المناطق الناطقة بالأمازيغية عن بعضها البعض بسبب تغييب الدولة المغربية للأمازيغية في التعليم والراديو والتلفزة وإعطائها الامتياز المطلق للعربية والفرنسية والدارجة، فضلا عن عناية المغرب بالإسبانية والألمانية في الثانويات والجامعات. ولكن مع ذلك، بمجرد التعمق في لهجات اللغة الأمازيغية كتابيا تظهر لنا معالم لغة واحدة. والمعلوم أن الدارجة المغربية لها أيضا لهجاتها وتنوعاتها المحلية العديدة الجبلية/الفاسية والوجدية الشرقية والدكالية والمراكشية والصحراوية والحسانية، ولها نسخها القروية والحضرية والشوارعية والتلفزية. هناك كلمات كثيرة في الدارجة / الدارجات نسمعها ولا نفهمها. ولكن بفضل استفادة الدارجة منذ 1956 من الدعم الحكومي في مجال الإعلام الإذاعي والتلفزي وإنتاج الأغاني والمسرحيات والمسلسلات والأفلام السينمائية والإشهار فضلا عن استخدامها شفويا في الإدارات والكوميساريات والثكنات والبرلمانات والجامعات والمراكز الصناعية المتركزة في بضعة مدن مغربية بعينها، فقد تم تذليل معظم تلك الصعوبات والاختلافات اللهجية عبر قيام الناس بعملية "تعلم" المترادفات الدارجية من كل المناطق وتخزينها كرصيد لغوي تواصلي، وذلك عن طريق كثرة السماع والممارسة والتخاطب و"التجربة والخطإ" و"الترقيع" بين موظفي الدولة والمواطنين وبين المواطنين فيما بينهم وعبر الراديو والتلفزة طيلة 60 عاما من استقلال المغرب. والمغاربة اليوم أصبحوا يتقنون اللهجات/اللغات المصرية واللبنانية والسورية فقط عبر المسلسلات والأغاني والقنوات التلفزية الأجنبية. مما يبرز الدور الحاسم لعملية السماع والممارسة و"التجربة والخطإ" (في ظل رعاية الدولة) بشكل يتفوق على التعليم الكلاسيكي أو يستغني عنه. 1) "اللغة الإركامية": قلتَ في العديد من مقالاتك، يا دكتور إسماعيل العثماني، إن الإيركام، أي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (Asinag Ageldan n Tussna Tamaziɣt) هو بصدد تصنيع "لغة إركامية" اصطناعية يكتبها بحرف تيفيناغ ويغلب عليها الطابع السوسي بشكل يهمش أمازيغية الريف وأمازيغية الأطلس. لا أتفق مع هذه الرؤية بشكل كامل ولكن يوجد فيها نصيب من الصحة إلى حد ما. لا أرى بأن هناك "لغة إركامية اصطناعية" ولكن أتفق معك حول أن هناك نوعا من إعطاء الأولوية والأسبقية والأكثرية للطابع السوسي من حيث المعجم والأساليب اللغوية ومن حيث طريقة الكتابية La notation usuelle أو ما يعرفه المغاربة بL'orthographe. والطابع السوسي العام للإيركام وكثير من مؤلفاته ومنشوراته يفسَّر بالوزن الديموغرافي الكبير للناطقين بالأمازيغية السوسيين في المدن الكبرى في الوسط والجنوب، وكذلك بحركية الناشطين السوسيين المجتهدين، ولا يمكن تفسيره بنظرية مؤامرة. إلا أنه يجب الاعتراف بأننا نلاحظ عبر قواميس الإيركام على وجه الخصوص وجود بعض الجهد الذي بذله المعهد لإبراز طابع أمازيغية الريف والأطلس بجانب أمازيغية سوس بنوع من الموازنة ولكن فقط على مستوى المعجم (الكلمات). والطريف هو أن بعض السوسيين يشتكون أيضا من أن الإيركام يهمل كلماتهم السوسية لصالح اللهجات الأخرى! كما أن الجنوب شرقيين يصرون على رفض حشر أمازيغيتهم المحلية في خانة سوس! وهي فعلا مختلفة قليلا عن أمازيغية سوس وأقرب إلى أمازيغية الأطالس. والحقيقة هي أن لهجات اللغة الأمازيغية لا تنقسم فيما بينها بحدود وفوارق صارمة، وإنما تفصل بينها مناطق انتقالية متدرجة رمادية ضبابية لا يعرف فيها المرء أين ينتهي الريف ويبدأ الأطلس ولا أين ينتهي الأطلس ويبدأ سوس أو الجنوب الشرقي. أما على مستوى طريقة الإيركام في كتابة اللغة الأمازيغية La notation usuelle أو ما يعرفه عامة المغاربة بL'orthographe فأنا أتفق معك بأن المقاربة الإيركامية هنا سوسية/جنوبية صرفة وصممت على مقاس لهجة سوس/الجنوب على عدة مستويات. فالمعلوم في لسانيات اللغة الأمازيغية أن أمازيغية سوس/الجنوب لا تنطق الصائت القصير (e) إلا نادرا أو قليلا أو بشكل جد ضعيف، بينما هذا الصائت شديد الأهمية والقوة والحضور في أمازيغية الريف والأطلس المتوسط وأمازيغية فيكيك الزناتية والمغرب الشرقي. والصائت (e) أيضا شديد الأهمية في كل أمازيغية الجزائر، وتتضاعف قوة نطقه أكثر في أمازيغية ليبيا والطوارق وأمازيغية موريتانيا. أما الإيركام فقد تخلى في طريقته الرسمية لكتابة الأمازيغية في القواميس والكتب المدرسية عن كتابة (e) في الكلمات الأمازيغية، إلا في بعض الحالات الاستثنائية التي تتطلب الفصل بين 3 حروف متطابقة كما في كلمة Tilelli. وحجة الإيركام العلمية في عدم كتابة (e) هي أن هذا الصائت غير مستقر (بالفرنسية: instable) أي أن مكان (e) في الكلمة الأمازيغية يتغير أحيانا بين المفرد والجمع أو في تصريف الأفعال. كما أنه هناك حجة علمية أخرى تقول أن (e) غير فونيمي non-phonemic في عدة لهجات أمازيغية. ومضمون هاتين الحجتين العلميتين صحيح إلى حد ما، ولكن الحجة نفسها لا تبرر كتابة الكلمة الأمازيغية بشكل ناقص أو مقزَّم أو فقير المعلومة الفونولوجية أو الفونيتيكية. كما أن البعض يبرر عدم كتابة الحرف (e) بحجة الاقتصاد والتقشف والاختصار في الكتابة. فمثلا كلمة imaziɣen يكتبها الإيركام (بتيفيناغ) هكذا: imaziɣn سيرا على التقليد الكتابي السوسي/الجنوبي. وكلمة iberkanen ("السود") يكتبها الإيركام هكذا: ibrkann وعبارة udfen midden ("دَخَلَ الناسُ") يكتبها الإيركام هكذا: udfn middn وعبارة kecmen medden ("دَخَلَ الناسُ") يكتبها الإيركام هكذا: kcmn mddn كما أن الإيركام يتبنى الطابع اللهجي السوسي/الجنوبي "التسطيحي" لنطق نصف-الصائتين y وw. ويتبنى الإيركام هذه الطريقة في الكتابة بشكل أحادي ودون إشراك التنوعات الأمازيغية الأخرى. فمثلا: عبارة aryaz yessen ("الرَّجُلُ يَعرف") يكتبها الإيركام هكذا: aryaz issn وعبارة aṭṭas n yiwdan ("كثير من الناس") يكتبها الإيركام: aṭṭas n iwdan وعبارة netta yenna ("هو قال") يكتبها الإيركام: ntta inna وكلمة asedwes ("التقوية") يكتبها الإيركام: asdus وتنضاف إلى مسألة الكتابة قضية حرف تيفيناغ الذي يستخدمه الإيركام في منشوراته والكتب المدرسية التي يصممها. وقضية الحرف تناولتُها في عدد من المقالات على هسبريس كما تناولها أيضا عدد من النشطاء والمهتمين بالأمازيغية على منبر هسبريس وغيره في الفترة الأخيرة. هذا فضلا عن كون النقاش الأمازيغي حول الحرف اللاتيني وتيفيناغ قديما جدا، حيث أنه ابتدأ منذ الستينات والسبعينات في الجزائر والمغرب. 2) قضية كتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني وتيفيناغ: في مقالاتك، دكتور إسماعيل العثماني، عبّرت عن رأيك المعارض لكتابة وتدريس وترسيم الأمازيغية بحرف تيفيناغ وعبرت في مقالاتك عن تفضيلك للحرف العربي. كما عبرت أنا عن رأيي، عبر سلسلة مقالات في هسبريس، حول كون الحرف اللاتيني الحرف الأنفع للأمازيغية في الظروف الحالية والأقدر على تسريع نشرها في المدارس خصوصا في التعليم الثانوي الذي هو بوابة التعليم الجامعي. كما أن الحرف اللاتيني هو الأقدر على جعل ترسيم الأمازيغية ذا فعالية ومنفعة فوريتين في الإدارات وعالم المعلوميات والتكنولوجيا ويساعد على جعلها لغة وظيفية يستطيع المغاربة المتعلمون أن يتعاملوا بها ومعها انطلاقا من الآن. والأساس التقني والعلمي لتفضيل الحرف اللاتيني لكتابة الأمازيغية هو كونه يكتب الأمازيغية بشكل أدق من الحرف العربي أضعافا مضاعفة. فالحرف العربي لا يميز بين i وy ويعبر عنهما بنفس الحرف (ي). ولا يميز بين u وw وo ويعبر عنها بنفس الحرف (و). ولا تميز الأبجدية العربية المتداولة بين الراءات الأمازيغية الريفية الثلاثة RŘṚ. فالحرف الأمازيغي R نجده مثلا في الكلمة tira ("الكتابة"). والحرف الأمازيغي Ř (الراء الرقيقة جدا) نجده في الكلمة الأمازيغية الريفية awař ("الكلام") التي يقابلها awal في اللهجات الأخرى. والحرف الأمازيغي Ṛ (الراء المفخمة الغليظة) نجده في الكلمة tiṛacciwin ("الشِّبَاك، الشبكات"). الحرف العربي لا يصلح لكتابة الأمازيغية كتابة دقيقة لأنه لا يملك إلا 3 صوائت vowels (ا.و.ي) ثابتة رغم أن العربية المكتوبة تملك 6 صوائت (vowels) بينما تملك الأمازيغية 4 صوائت كحد أدنى (a،e،i،u) أو 5 صوائت إذا احتسبنا حرف o الذي نجده مثلا في الكلمة amocc / imoccwen ("القط، القططة"). وفي أمازيغية الطوارق يصل عدد الصوائت إلى 7 صوائت. ويرقع الحرف العربي قصورَه في كتابة صوائت اللغة العربية عبر استعمال علامات التشكيل العربية من فتحة وضمة وكسرة وشدة وتنوين وسكون ووصلة. ونحن نعلم أن تلك العلامات التشكيلية لا تستخدم من طرف أغلب كتاب العربية بسبب صغر حجمها وكونها غير عملية. وهذا فضلا عن مشاكل الهمزة العربية التي لا حصر لها. إذا كان الحرف العربي يكتب اللغة العربية بشكل ناقص وسيء فهو يكتب الأمازيغية بشكل أسوء. ولتبيان الفوضي الإملائية والكتابية التي يتسبب فيها الحرف العربي بصوائته الثلاثة وعلاماته التشكيلية المزاجية يكفي أن نلاحظ أن كلمة Tamaziɣt يكتبها الحرف العربي ب8 طرق بالتمام والكمال وهي: تامازيغْتْ تامَزِيغْتْ تامَزِغْتْ تَمَزِغْتْ تَمازِغْتْ تَمازيغْتْ تامازِغْتْ تَمَزيغْتْ وإذا أخذنا بعين الاعتبار عشرات الآلاف من الكلمات الأمازيغية، فيمكننا أن نتخيل حجم الفوضى العارمة التي سيتسبب فيها استخدام الحرف العربي في كتابة الكلمات الأمازيغية، بسبب فوضى الألف والواو والياء والطابع المزاجي التي يطبع عادات كتابة أو عدم كتابة حركات التشكيل (سواء كتبها الكاتب فعلا أم نَوَاهَا/افترضها ضمنيا مثلما يفعل معظم الكاتبين بالعربية). حينما نكتب الأمازيغية بالحرف العربي فنحن بذلك سنستورد كل مشاكل العربية مع أبجديتها ونظامها الإملائي إلى الأمازيغية ومشاكلها وتحدياتها. والأمازيغية طبعا "ماناقصاش ماشاكيل". 3) الخصوصيات الأمازيغية في الريف والأطلس المتوسط: من بين خصوصيات أمازيغية الريف والأطلس المتوسط هناك نطقهما للأصوات (ث) و(ذ) و(ظ) بدل الأصوات (ت) و(د) و(ض) في لهجات الأطلس الكبير والصغير والجنوب الشرقي وسوس والصحراء المغربية. ورغم وجود حروف لاتينية تغطي الأصوات (ث،ذ،ظ) إلا أن كبار المشتغلين بالأمازيغية بمن فيهم اللسانيون القبايليون والشاويون والريفيون والأطلسيون يرون أنه من الأمثل أن نكتب الصوتين (ت) و(ث) بنفس الحرف اللاتيني الأمازيغي T. وكذلك أن نكتب الصوتين (د) و(ذ) بنفس الحرف اللاتيني الأمازيغي D. وكذلك أن نكتب الصوتين (ض) و(ظ) بنفس الحرف اللاتيني الأمازيغي Ḍ. ففي أمازيغية الريف والأطلس المتوسط لدينا العبارة netta yedřa وننطقها "نتّا يذْرا" أو netta yedla وننطقها "نتّا يذْلا" ومعناهما: "هو غطّى". ولكن نفس العبارة في صيغة المضارع: netta yeddař ننطقها "نتّا يدّار" والعبارة netta yeddal ننطقها "نتّا يدّال" ومعناهما: "هو يُغطّي". إذن فالصوت (ذ) D في أمازيغية الريف والأطلس المتوسط يتحول مع التشديد إلى (دّ) DD وليس إلى (ذّ). إذن ففي أمازيغية الريف والأطلس نعتبر الصوتين المنطوقين (د) و(ذ) مجرد تمظهرين لصوت واحد أمازيغي واحد هو D. وهذا يخالف تماما ما يوجد في العربية التي يعتبر فيها الصوتان (د) و(ذ) منفصلين مستقلين تماما ويطرأ عليهما التشديد بشكل منفصل (دّ:مؤدّب. ذّ:يتأذّى). ونفس الشيء نجده في أمازيغية الريف والأطلس مع (ث) و(ت). فمثلا لدينا في الريف والأطلس العبارة netta yemmut وننطقها "نتّا يمّوث" ومعناها: "هو مات". وحينما نصرّفها إلى المضارع: netta yettmetta ننطقها: "نتّا يتّمتّا" ومعناها: "هو يموت". إذن ففي الريف والأطلس الصوتان (ث) و(ت) هما مجرد تمظهرين لصوت أمازيغي واحد هو T. وهذا يخالف ما يوجد في العربية التي يعتبر فيها الصوتان (ت) و(ث) منفصلين ومستقلين تماما يطرأ عليهما التشديد مثلا بشكل مستقل (تّ:يتَمَتَّعَ. ثّ:يُؤَثِّث). وكذلك نجد نفس الشيء في أمازيغية الريف والأطلس مع (ض) و(ظ). فمثلا لدينا في الريف والأطلس المتوسط الكلمة netta yeḍra وننطقها "نتّا يظرا" وفي سوس لدينا netta iḍer وننطقها "نتّا يضر" ومعناها: "هو نزل/هبط". وحينما نصرّفها إلى المضارع: netta yeṭṭar ننطقها: "نتّا يطّار" في اللهجات الثلاث ومعناها: "هو ينزل/يهبط". إذن ففي الريف والأطلس الصوتان (ض) و(ظ) هما مجرد تمظهرين لصوت أمازيغي واحد هو Ḍ، وحينما يطرأ عليه التشديد يتحول إلى (طّ) ṬṬ. وهذا يخالف ما يوجد في العربية التي يعتبر فيها الصوتان (ض) و(ظ) منفصلين مستقلين تماما يطرأ عليهما التشديد مثلا بشكل مستقل (ض:مُنَضَّد. ظ:مُنَظَّم). 4) الخصوصيات الريفية Ř وČ والخصوصيات الأطلسية والمزابية والفيكيكية Č وǦ : من بين الأشياء التي أغفلها الإيركام هي الخصوصيات الريفية المتعلقة بالصوت Ř الذي نجده في المئات أو الآلاف من كلمات أمازيغية الريف ومنها هذه مثلا: awař ("الكلام")، aɣyuř ("الحمار")، uř ("القلب")، tařa ("عين الماء/النبع")، ařaɣi ("النداء")، iři ("كُنْ")، aɣiř ("الذراع")، yeṛweř ("هَرَبَ")، meřmi ("متى"). وتقابلها في لهجات اللغة الأمازيغية الأخرى: awal ("الكلام")، aɣyul ("الحمار")، ul ("القلب")، tala ("عين الماء/النبع")، alaɣi ("النداء")، ili ("كُنْ")، aɣil ("الذراع")، yeṛwel ("هَرَبَ")، melmi ("متى"). من المهم التمييز بين L وبين Ř في الكتابة، رغم أن Ř الريفي (وهو موجود أيضا في بعض مناطق الجزائر والأطلس المتوسط) في أصله القديم جاء طبعا من L الأمازيغي. إلا أن Ř تطور أمازيغي طبيعي لا يمكن تجاهله اليوم بذريعة الرجوع إلى الأصل. وبسبب حدة الاختلاف النطقي بين Ř وL فلا يمكننا أن نطبق عليهما ما طبقناه على (ت) و(ث) أو على (د) و(ذ) أو على (ض) و(ظ). وزيادة على ذلك فإن Ř الريفي يتحول إلى dj حينما يُشَدَّد. مثلا لدينا في أمازيغية الريف: iři = كُنْ netta yettiři = هو يَكون netta ad yiři = هو سيَكون netta yedja = هو كان / هو كائن وكذلك يتحول Ř الريفي إلى Č حينما يتجاور مع T في الكلمات المؤنثة مثلا. لدينا مثلا في أمازيغية الريف: aɣyuř = الحمار taɣyuč = (ثاغيوتش) "الأتان / أنثى الحمار". (في اللهجات الأخرى: taɣyult). tamedjač = "البيضة". (في اللهجات الأخرى: tamellalt). timedjařin = "البيضات". (في اللهجات الأخرى: timellalin). acemřař = "أبيض / أشقر". (في اللهجات الأخرى: acemlal). tacemřač = (ثاشمراتش) "بيضاء / شقراء". (في اللهجات الأخرى: tacemlalt) icemřařen = (ئشمرارن) "بيض / شُقر". (في اللهجات الأخرى: icemlalen) ticemřařin = (ثيشمرارين) "بيضاوات / شقراوات". wečma = (وتشما) "أختي" (في اللهجات الأخرى: weltma وultma). tiwečmatin = (ثيوتشماثين) "الأخوات" (في لهجات أخرى: tiweltmatin). إذن كما رأينا في الأمثلة، الراء الريفية Ř تتغير أحيانا إلى Č وأحيانا إلى DJ مع التشديد. وهذا شبيه بتغير الحرف Ḍ (ض/ظ) إلى ṬṬ (طّ) كما في المثال: netta yeḍra ("هو نزل") إلى: netta yeṭṭar ("هو يَنزل). ونجد ذلك التحول أيضا حينما يتحول Ɣ (غ) إلى QQ (قّ) عند التشديد، كما في المثال: netta yeɣṛa ("هو نادى/هو قرأ") إلى: netta yeqqaṛ ("هو ينادي/هو يقول/هو يقرأ"). إذن فمن المهم التمييز بين الراءات الأمازيغية الثلاث RŘṚ وتدريسها كثلاثة حروف مستقلة لكل تلاميذ وطلبة الأمازيغية في المغرب. في أمازيغية الأطلس المتوسط والقبايل والمزاب بالجزائر يكثر استعمال الصوتين č (تش) وǧ (دج) بشكل متماسك consistent في تصريفات الأفعال وحالات المفرد والجمع وغيرها. وهذا يوجب إدخال هذين الحرفين الأمازيغيين في منظومة تدريس الأمازيغية كحرفين مستقلين. الإيركام في منشوراته وكتبه المدرسية يعبر عن č (تش) ب tc، ويعبر عن ǧ (دج) بdj وهذه طريقة خاطئة في الكتابة. Č هو صوت مهم مستخدم في عدة لهجات أمازيغية بشكل مفرد (č) وبشكل مشدد (čč) وبالتالي يجب أن يكتب بحرف واحد مستقل. وكذلك الأمر بالنسبة ل Ǧ. في أمازيغية الأطلس المتوسط لدينا مثلا: nettat tečča = "هي أكلت" netta ikeččem = (نتّا يكتّشم) "هو يَدخل" akeččum = (أكتّشوم) "الدخول" (يقابله akeccum في سوس) nitni ǧǧiwnen = (نيثني دّجيونن) "هم شبعوا" وفي أمازيغية فيكيك لدينا مثلا: iǧen = (ئدجن) "واحد / أحد" (يقابله ijen في الريف) ǧall = (دجالّ) "اِحلِفْ / أَقسِمْ" (يقابله jadj في الريف وgall في سوس) وفي أمازيغية المزاب Tomẓabt الجزائرية لدينا مثلا: aberčan = (أبرتشان) "أسْوَد" (aberkan وabercan في لهجات أخرى) ačraf = (أتشراف) "الشلل، التقيد" (acraf وakraf في لهجات أخرى) ačras = (أتشراس) "عَقْد (الحبل)" (acras وakras في لهجات أخرى) tiččelt = (تيتّشلت) "المَرَّة" (يقابلها: tikkelt في لهجات أخرى) tiččal = (تيتّشال) "المَرَّات" (يقابلها: tikkal في اللهجات الأخرى) aǧellid = (أدجلّيد) "المَلِك" (agellid وajellid وajedjid في لهجات أخرى) aǧraw = (أدجراو) "الجمع / التجمع" (agraw وajraw في لهجات أخرى) aǧǧay = (أدّجاي) "الخدّ" (يقابلها: aggay في لهجات أخرى) 5) المقاربة الشمولية لكتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني: خلاصة القول هي أنه يجب إدخال كل هذه التنوعات الأمازيغية (واستخدام الحروف الضرورية) في إطار القواميس وفي كل البرامج المدرسية التعليمية الشاملة. عقلية المركزة وتجاهل التنوعات والمعيرة التأحيدية التي يتبعها الإيركام مضرة بالأمازيغية. كل هذه التنوعات تحتاج إلى أبجدية/ألفبائية واسعة تشملها جميعا ولا تقصي واحدة منها. نحتاج إلى كتابة وتدريس اللغة الأمازيغية بنمط كتابي موحد عابر للحدود بين المغرب والجزائر، ويحترم أهم الخصوصيات الموجودة في لهجات اللغة الأمازيغية (الريفية، الأطلسية، السوسية، الجنوب شرقية، القبايلية، المزابية، الشاوية، الليبية...) في ظل نظام ألفبائي واسع يغطي على الأقل معظم التنوعات واللهجات الأمازيغية المغربية والجزائرية إن لم يغطّها كلها. والمرشح الأقوى للقيام بهذه المهمة هو الحرف اللاتيني الأمازيغي الموسع، لأنه هو الذي يكتب الأمازيغية بالدقة الأعلى، ولأن معظم الدراسات الأكاديمية الأمازيغية والقواميس والمؤلفات الإبداعية الأمازيغية منجزة به أصلا، ولأن الحرف اللاتيني يسهل نشر الأمازيغية بين الشباب والطلبة المغاربة في المستوى الدراسي الثانوي وغيره، وفي وقت وجيز بالمقارنة مع الوقت الهائل الذي يتطلبه تيفيناغ. هذه الألفبائية الأمازيغية اللاتينية المقترحة هي: ABCČDḌEƐFGǦƔHḤIJKLMNOQRŘṚSṢTṬUWXYZẒ. وهذا بجانب استعمال علامة التشفيه (w) لكتابة الكلمات من قبيل: aseggwas ("العام، السنة")، azeggwaɣ ("أحمر")، alekkwid ("العدوان/الاعتداء")، amakkwas ("المحموم/ذو الحمى")، netta yeddakkwař (هو يَعود/هو يَرجع)، taɣwzi ("الطول")، aɣweffin ("الأصبع الوسطى")، aɣwnan ("العناد"). 6) الأمازيغية بين الاتجاهات المناطقية والاتجاه الوحدوي: إن هؤلاء الذين يقولون إن هناك "لغة ريفية" و"لغة سوسية" و"لغة قبايلية" ليسوا في الحقيقة سوى محبين للأمازيغية بطريقة محلية، إذ ينحازون للكلمة المحلية والتعبير المحلي ضد مخاوفهم من الذوبان والانقراض في لهجات ولغات أخرى. لا يوجد جواب صحيح بشكل مطلق وجواب غلط بشكل مطلق عن سؤال "هل هذه لغة أم لهجة تابعة للغة؟". فأحد اللغويين الأوروبيين قال يوما: A language is a dialect with an army and navy. أي "اللغة هي مجرد لهجة تملك جيشا وأسطولا بحريا". ولكن من من المؤكد أن التوجه إلى تقسيم الأمازيغية رسميا أو مؤسساتيا إلى لغات إقليمية مناطقية منعزلة سيصيب المشروع الحضاري المغربي الأمازيغي الوحدوي في مقتل لأن تلك اللغات الأمازيغية المحلية لن تستطيع لعب أي دور وطني في المغرب (والجزائر) بل ستنزوي وتنعزل في أقاليمها المحلية وتزول تدريجيا تحت ضغط السياسة المركزية للدولة وإعلامها المركزي. السبيل الأمثل لدمقرطة المغرب وتنميته بالأمازيغية هو اعتبار الأمازيغية لغة واحدة وتدريس تنوعاتها المحلية وكلماتها ومترادفاتها لكل المغاربة إجباريا، بدون إقصاء أية لهجة أو تنوع وذلك عبر منهجة التدرج. والتدرج هو أن يتعلم التلميذ كلمات منطقته المحلية او كلمات اللهجة الأمازيغية الأقرب إلى منطقته ثم يمر إلى الكلمات الأخرى من اللهجات الأخرى في الشهور والسنوات الدراسية اللاحقة. ويجب تطوير الكتاب المدرسي الوطني الموحد للأمازيغية ليكون قابلا للاستعمال من طرف الأستاذ والمؤطر التربوي بشكل يناسب كل المناطق اللهجية الأربع (الريف والشمال، الأطالس والوسط، سوس والجنوب الغربي، الجنوب الشرقي والصحراء) وبشكل يناسب ضرورات التدرج. ما يجمع اللغة الأمازيغية هو أقوى أضعافا مضاعفة مما يفرق بين اللهجات. والشيء الذي يجب أن نتذكره دائما هو اللهجات تظهر فقط على المستوى الأدنى للاستعمال اللغوي، وبمجرد أن نتعمق في اللغة ونكتبها فنحن نكتب الأمازيغية ولا نكتب الريفية ولا السوسية، لأنه لا يمكن في الأمازيغية أن نكتب الكتب والمؤلفات بلهجة واحدة فقط وإنما نستعمل الكلمات والأساليب من مختلف اللهجات والمناطق. وهذا نموذج لذلك مقتطف من ترجمتي الكاملة للدستور المغربي إلى الأمازيغية التي سأنشرها قريبا: دستور المملكة المغربية Tamenḍawt n Tageldit n Murakuc الفصل الخامس Amagrad wiss semmus تَظَلُّ العربيةُ اللغةَ الرسميةَ للدولة. Taɛrabt ad teqqim d tutlayt tasirant n Uwanak وتَعْمَلُ الدولةُ على حمايتها وتطويرها، وتنميةِ استعمالها. Aha ad yemmuzel Uwanak i taggaẓt nnes d wesnefli nnes, d tsegmi n useqdec nnes تُعَدُّ الأمازيغيةُ أيضا لغةً رسميةً للدولة، Tamaziɣt tella ula d nettat d yat tutlayt tasirant n Uwanak باعتبارها رصيدا مشترَكا لجميع المغاربة بدون استثناء. am tettwaẓer nettat d ayla udriw n wakk imurakuciyen war tuksa يحدِّد قانونٌ تنظيميٌّ مراحلَ تفعيلِ الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفياتِ إدماجها في مجال التعليم، Ad yegley yijen osaḍof asudsan iẓonaẓ n usesker n tejma tasirant n Tmaziɣt, d tmamkin n usidef nnes deg usayes n uselmed وفي مجالات الحياة العامة ذاتِ الأولوية، aha deg isuyas n tudert tamatayt ilan tazwara وذلك لكي تتمكن من القيام مُسْتَقْبَلًا بوظيفتها، بصفتها لغةً رسمية. aha manayenni afad ad tezmer ad tesker deg wadimal tamajilt nnes, s tnumilt n tutlayt tasirant تعمل الدولةُ على صيانة الحسانية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحَّدة، Ad yemmuzel Uwanak i wogoẓ n Tḥessanit, am tettwaẓer d aful wer yettwakkas zi tmagit tadelsant Tamurakucit imunen وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب، aha i taggaẓt n tentaliwin d yisiwilen idelsanen yettwaseqdacen di Murakuc وتسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية، aha ad yakey ɣef wemcacka n tsertit tutlayant tadelsant tamurant وعلى تَعَلُّمِ وإتقانِ اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالَم؛ aha ɣef weřmad d wesɣuda n tutlayin tanfurin yettwasawalen ugar deg omaḍal باعتبارها وسائل للتواصل، amen ttwamuqqlent am d imassen n wemyawaḍ والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة، d wassaɣ d wemyagga aked wamun n tmessunt والانفتاح على مختلف الثقافات، d onoṛẓem ɣef idelsan yemmeẓlin وعلى حضارة العصر. aha ɣef tɣaṛma tatrart يُحْدَث مجلسٌ وطني للغات والثقافة المغربية، Ad yettwagg yun Useqqim Amuran n Tutlayin d Yidles Amurakuci مهمته، asemmigel nnes على وجه الخصوص، s onegmeḍ حمايةُ وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية، yella d taggaẓt d wesnefli n snat tutlayin Taɛrabt d Tmaziɣt ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. d yisiwilen yemsebḍan idelsanen imurakuciyen amen ttwaẓaren d ukkus imettiyan aha d asenneflulu atrar ويَضُمُّ كُلَّ المؤسسات المعنية بهذه المجالات. Aha ad yesmun akk timersal yendazen s yigran ad ويُحَدِّدُ قانونٌ تنظيمي صلاحياتِه وتركيبتَه وكيفياتِ سيره. Aha ad yegley yijen osaḍof asudsan tinaḍin ines d wesnay nnes d tmamkin n tikli nnes 7)خلاصة: حينما يدعو أحد إلى كتابة وتدريس الدارجة في المغرب أو الجزائر فدائما ما يصاب أنصار العربية بالهلع والرعب ويفسرون ذلك عادة بكونه "مخططا صهيونيا صليبيا". وهذا الرفض الهستيري للدارجة يدل على أن أنصار العربية إما لا يعتبرون الدارجة لغة عربية أصلا أو أنهم يعتبرونها "لغة عربية أخرى منفصلة لا يجب أن تدرّس". في الأمازيغية لا يوجد هذا الهلع والرعب. فكل من يكتب شيئا بالأمازيغية فهو مرحب به بل ونشجعه ولو سمى ما يكتبه ب"اللغة الريفية" أو "اللغة السوسية" أو "اللغة الطنجاوية". إلا أنه حينما يتعلق الأمر بتدريس وترسيم الأمازيغية على المستوى الوطني فالمقاربة الشمولية التي تجمع كل اللهجات والحروف ولا تستعبد أية لهجة أو حرف هي المقاربة الضرورية لإنجاح العملية وجعلها فعالة ونافعة للشعب ككل. من يكتب بالأمازيغية فهو يكتب دائما انطلاقا من لهجة واحدة على الأقل (هي لهجته الأم) وقد ينجح في المزاوجة بين لهجتين أو أكثر أو في إدراج مصطلحات وكلمات من لهجات أمازيغية بعيدة. وكذلك من يكتب بالإنجليزية فهو ينطلق دائما من لهجته الأم الأمريكية النيويوركية أو التكساسية أو اللندنية أو الاسكتلندية أو الأسترالية وقد يخلط بينها. لا يهمنا المصطلح الذي يستخدمه الكاتب بالأمازيغية لوصف لغته، هل هي "اللغة الريفية" أم "اللغة السوسية" أم "اللغة الأمازيغية". فالمهم أن يكتب وينتج. كل من يكتب وينتج بلهجة أمازيغية إنما هو كاتب ومنتج أمازيغي في النهاية. الانطلاق من المقاربة الشمولية في طريقة كتابة لهجات اللغة الأمازيغية وتدريسها بمنهجية التوحيد المتدرج دون طمس التنوعات الأصيلة هي أنسب طريقة لحفظ التراث الأمازيغي اللغوي الشفوي ومنحه وظائف جديدة في الدمقرطة والتنمية على المستوى الوطني. والمقاربة الوحدوية الشمولية ضرورية أيضا من أجل جعل امتدادات الأمازيغية العميقة في المغرب والجزائر وبقية العالم الأمازيغي عاملا لانتشار للغة الأمازيغية في الدولة والمؤسسات المركزية والجهوية وليس عاملا لتقسيم وتقزيم الأمازيغية في الكانتونات اللهجية. والأخذ بالحرف اللاتيني لتنفيذ هذه المهمة ضرورة لا يمكن التأكيد عليها بما يكفي. وكذلك يتعين على الأمازيغية اقتحام وتغطية التعليم الثانوي بسرعة دون انتظار مرور 20 أو 40 سنة لتغطية المستوى الابتدائي أولا. ويبقى الكلام في التفاصيل أبلغ وأجدى من الجدال في العموميات. فمن يريد أن يساهم بشكل فعال في تطوير الأمازيغية فعليه أن يدخل في التفاصيل الدقيقة. لهذا نتمنى من الناشطين في ميدان الأمازيغية والكتاب والمثقفين والمتخصصين واللسانيين أن يدلوا بآرائهم ومقترحاتهم وأفكارهم العملية بقوة وغزارة في هذا الموضوع المصيري الذي سيحدد مستقبل المغرب بأشكال تكاد لا تخطر على البال. [email protected]