(الجزء 3) بينت في المقال السابق أهمية الفصل بين الحرف اللاتيني واللغة الفرنسية وأن علاقة الأمازيغية بالحرف اللاتيني لا تختلف عن علاقة اللغات التركية والإندونيسية والماليزية به. كما بينت أن الفرنسية هي المستفيد الحقيقي من حرمان الأمازيغية من الحرف اللاتيني لأن الفرنسية ستبقى محتكرة له ولمجالات استخدامه بالمغرب مما سيحفظ لها هيمنتها. وبينت أنه لا بأس من استخدام الحرف العربي كوسيلة بيداغوجية انتقالية ومؤقتة لتعليم نطق وكتابة الأمازيغية للكبار الذين يصعب عليهم تعلم أو استخدام الحرف اللاتيني أو حرف تيفيناغ في كتابة الأمازيغية (في برامج محو أمية الكبار مثلا). أما تدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني فهو أنسب للأطفال والشباب المتعلم. تيفيناغ والعربي واللاتيني في الميزان: لنتخيل جدلا أن الأبجديات الثلاث لها نفس الإنتشار الشعبي لدى سكان شمال أفريقيا وأن لها نفس الثقل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والإنترنت. ولنفترض أيضا غياب الأجندات الأيديولوجية والدينية والسياسية والتأثيرات الثقافية. كل ما سيتبقى لنا للتحليل هي الخصائص التقنية المجردة للأبجديات الثلاث في حد ذاتها ومدى ملاءمتها للنظام الإملائي والصوتي الأمازيغي. لنلق إذن نظرة فاحصة عليها. - الحرف العربي: هذا الحرف يصلح لكتابة الأمازيغية بشكل مقبول عموما ولكن مع 4 نقط ضعف مهمة وهي: 1) غياب نظير للصائت القصير E في الأبجدية العربية (لأن ذلك الصوت منعدم في اللغة العربية)، وهذا الصائت القصير له أهمية قصوى في النظام الصوتي والإملائي الأمازيغي. لنلاحظ هذه الكلمات الأمازيغية(**) ولنقارن بين كتابتها بالحرف العربي وكتابتها بالحرف اللاتيني: أگلا agla (الثروة / الممتلكات) أگلاّ agella (الصدق) ئگنا igna (خاطَ الثوبَ) ئگنّا igenna (السماء) نتّا يلا netta ila (هو يَملِك) نتّا يلاّ netta yella (هو كائن / هو موجود) نتّات تلا nettat tla (هي تَملِكُ) نتّات تلاّ nettat tella (هي كائنة / هي موجودة) نشّين نزْدغ neccin nezdeɣ (نحن أقمنا / نحن سكنّا) نشّين نزدّغ neccin nzeddeɣ (نحن نُقيمُ / نحن نَسكُن) ملاحظة: نلاحظ أن انعدام أي مقابل عربي للصائت القصير E يتسبب في تشابه كبير في الكتابة والنطق يؤدي إلى خلط جسيم في المعنى بين كثير من الكلمات الأمازيغية حينما نكتبها بالحرف العربي بدون علامات التشكيل، بينما ينعدم ذلك الخلط حينما نكتبها بالحرف اللاتيني. والحل الذي يقدمه الحرف العربي لهذه المشكلة الإملائية هو حل جزئي يحل مشكلة غياب E بكتابة علامة "السكون" أو علامة الشدة فوق الحرف العربي الذي يتبع الصوت E، إلا أن علامة "السكون" العربية لا تعبر عن النطق الأمازيغي الحقيقي إلا في جزء من الحالات. 2) عندما نكتبها بالحرف العربي، تستلزم الأمازيغية استخدام 4 علامات تشكيل عربي على الأقل وهي الشدة والسكون والضمة والكسرة، وذلك يسري على عشرات الآلاف من الكلمات الأمازيغية. وأحيانا يلزم استخدام الشدة والضمة معا فوق نفس الحرف. وفي حالة غياب حركات التشكيل العربي ترتفع احتمالية نطق تلك الكلمات الأمازيغية بشكل خاطئ أو بشكل يختلط مع كلمات أخرى مختلفة تماما في المعنى. ومن المعلوم أن النطق الخاطئ للكلمات الأمازيغية كثيرا ما يتسبب في تشويه فادح للمعنى، سواء تعلق الأمر بالأفعال أو بالأسماء. نحن نعلم أن حركات التشكيل العربي غير عملية (صغر حجمها وصعوبة قراءتها وسهولة سقوطها سهوا) لهذا يتخلى عنها الكاتبون باللغة العربية ويتوقعون من القارئ بذل مجهود إضافي لتقدير النطق العربي مع هامش مقبول من تفاوت النطق الذي لا يضر بالمعنى. ولكن هذا لا مجال لفعله في الأمازيغية لكونها تعتمد على دقة النطق في تحديد المعنى والتمييز بين الكلمات المختلفة التي تملك جذرا مشتركا أو متشابها. والسبب الكامن وراء ضرورة استخدام حركات التشكيل (في حالة كتابة الأمازيغية بالحرف العربي) هو ناتج أولا من غياب ما يقابل حرف E في الأبجدية العربية، وثانيا هو ناتج من العادة الإملائية العربية في استخدام علامة الشدة بدل تكرار الحرف. لنلاحظ الكلمات الأمازيغية التالية ولنقارن بين كتابتها بالحرف العربي وكتابتها بالحرف اللاتيني: أكال akal (التراب / الأرض) أكّال akkal (الخسارة) أدال adal (اللون الأخضر الطحلبي) أدّال addal (الرياضة) تادارت tadart (النعناع البري / الفليّو) تادّارت taddart (البيت / المنزل) تيمورا timura (الأراضي / الأوطان) تيمورّا timurra (العقوبات) أماكّاس amakkas (النازع / المُزيل) أماكُّاس amakkwas (المحموم / المصاب بالحمّى) تاگراوت tagrawt (الجماعة / الزمرة) تاگرّاوت tagerrawt (الفهم / الإستيعاب) تامايت tamayt (التسبيح / الحمد) تامّايت tammayt (التمر الهندي) 3) الأبجدية العربية لا تميز بين الصائتين i وu وبين نصف الصائتين y وw. والأبجدية العربية تعبر عن هذه الأصوات الأربعة بحرفي الواو والياء فقط. لهذا يلزم استخدام علامات التشكيل في وسط أو في آخر الكلمات الأمازيغية المكتوبة بحرف عربي. وسبب هذا النقص هو أن اللغة العربية لا تحتاج إلى هذا التمييز الإملائي بين الصوتين i وy وبين الصوتين u وw من جهة أخرى، بينما الأمازيغية تعتمد على ذلك التمييز اعتمادا شديدا. لنلاحظ هذه الكلمات الأمازيغية ولنقارن جيدا بين الحرفين العربي واللاتيني: أسينِي aseyni (الإبرة الكبيرة) أسيني aseyney (التجديد / التحديث) ئزرِي izri (صيغة الماضي) ئزري izrey (نبات الشيح) أرِي ari (كتب، يكتب) أري arey (حمى، يحمي) أمسُّوي amessuy (البساط / الحصير) أمسْوي ameswi (الشراب / المشروب) تازدُّويْت tazedduyt (الحداثة) تازدْويت tazedwit (وقت ما بعد الزوال) 4) لا وجود لحروف الإستهلال Majuscules في الحرف العربي. ونحن نعلم مدى أهميتها في ميدان الإصطلاح العلمي والتاريخي والترميز بحروف الإختصار (المصطلحات العلمية والتكنولوجية، الإصطلاح التاريخي والأدبي،...إلخ). (**) للتحقق من كل هذه الكلمات الأمازيغية المذكورة أو البحث عن المزيد يرجى الإطلاع على المعجم العربي الأمازيغي (تأليف الأستاذ محمد شفيق)، والقاموس الفرنسي الإنجليزي الأمازيغي لمصطلحات الكومبيوتر Amawal n Tsenselkimt (تأليف الدكتورة Samiya Saad-Buzefran)، ومعجم الجذور الأمازيغية Dictionnaire des racines berbères (تأليف الدكتور Kamal Naït-Zerrad). - حرف تيفيناغ: من ناحية تقنية بحتة، يصلح تيفيناغ لكتابة الأمازيغية بنفس الطريقة التي رأيناها في الأمثلة أعلاه مع الحرف اللاتيني. فتيفيناغ يحتوي على مقابل للصائت القصير(e)، وهو يميز أيضا بين الصائتين i وu من جهة ونصف الصائتين y وw من جهة أخرى. ونقطة الضعف التقنية الوحيدة في تيفيناغ هي عدم توفره على حروف الإستهلال Majuscules. كما يجب التنبيه إلى ارتكاب المعهد الملكي خطأ عدم إدماج المقابلين التيفيناغيين للصوتين الأمازيغيين č(تش) وǧ(دج) في أبجدية تيفيناغ الرسمية التي يستخدمها في الكتب المدرسية، رغم وجود هذين الحرفين مع حروف احتياطية إضافية أخرى مسجلة من طرف المعهد الملكي لدى الUnicode. ولا بد من الإشارة إلى أهمية الصوتين č(تش) وǧ(دج) في التنوعات الأمازيغية الأطلسية والريفية والجزائرية والليبية، وأهمية المبدإ "حرف واحد لصوت واحد" الذي بني على أساسه الحرف اللاتيني المستخدم في الأمازيغية. - الحرف اللاتيني: باستعراض المعلومات التقنية واللسانية الصرفة المذكورة أعلاه نصل إلى نتيجة مفادها أنه لا توجد نقطة ضعف عملية لدى الحرف اللاتيني بالمقارنة مع الحرف العربي وحرف تيفيناغ. وكما رأينا، فالحرف اللاتيني يعبر عن الإملائية Orthography الأمازيغية بشكل أدق وأبسط من الحرف العربي. والكتابة المبسطة والوفية لنطق اللغة تسهل تعلم اللغة على التلاميذ وتسهل تداولها كتابيا. الحرف اللاتيني يقدم حلولا أفضل لكل نقاط ضعف الحرفين الآخرين (طبعا المقصود هنا ب"نقاط ضعف الحرف العربي" هو فقط ما يتعلق بكتابة الأمازيغية به). مسألة تيفيناغ و"أشكاله الهندسية": هناك حجتان يعتمد عليهما المتحمسون لتيفيناغ الرافضون للحرف اللاتيني وهما: - الحجة الهوياتية: وهي تقول إن "حرف تيفيناغ حرف أصيل يرمز للهوية الأمازيغية ويُمَكّن من التمييز البصري الفوري بين الأمازيغية واللغات الأخرى". وهذه حجة معقولة. - الحجة التقنية: وهي تقول بأن "الأطفال يتعلمون حرف تيفيناغ بسهولة في قاعة الدرس وأنهم يتحمسون لتعلمه، وأن الأشكال الهندسية لحرف تيفيناغ تجعله يتفوق على الحرف اللاتيني في سهولة القراءة به". وهذه الحجة ضعيفة جدا لأنها غير مبنية على أية أسس علمية ولا على أية دراسة إحصائية مقارنة بين الحرفين. أن يتعلم التلاميذ الأمازيغية بحرف تيفيناغ بسهولة وحماس فهذا شيء جيد جدا. ولكن هذا لا يعني أن التلاميذ كانوا سيتعلمون الأمازيغية بالحرف اللاتيني بسهولة أقل أو بحماس أقل لو كانت الكتب المدرسية الأمازيغية مطبوعة بالحرف اللاتيني. فالأطفال المغاربة لم تتح لهم أبدا فرصة تعلم الأمازيغية بالحرف اللاتيني أو بالحرفين معا حتى يتمكن المعلمون والخبراء البيداغوجيون من المقارنة بين الحرفين في سرعة وسهولة تعلم الأمازيغية بهما. وهذا يجعل فرضية "سهولة تيفيناغ" و"صعوبة اللاتيني" تدخل في إطار التخمين والتكهن الذي لا قيمة علمية له. أما "الأشكال الهندسية لتيفيناغ" (يقصدون بها الزوايا الحادة لبعض الحروف والأشكال الدائرية للبعض الآخر) فهي موجودة أيضا في الحروف اللاتينية وبكثرة، كما نعلم. وبالتالي فسهولة تمييز الأطفال بين الحروف مضمونة في الحرف اللاتيني كما في حرف تيفيناغ. أما التشابه بين بعض الحروف المرققة (D S Z...) والمفخمة (Ḍ Ṣ Ẓ...) فلا ضرر منه لوجود علاقة مباشرة بين المجموعتين، ويمكن للتلاميذ التعود عليها بالتمرس. زيادة على ذلك فذلك التشابه بين بعض الحروف المرققة والمفخمة موجود في تيفيناغ أيضا. بل إنه في تيفيناغ يوجد أيضا تشابه كبير بين حروف مختلفة لا علاقة بينها وهي الواو الساكنة والصائت القصير، والسين والراء، والصاد والراء المفخمة. مسألة التشويش المتبادل بين الحرفين اللاتينيين الأمازيغي والفرنسي: من بين الهواجس التي تتحكم في الحوار حول الحرف الأصلح للأمازيغية هناك هاجس قوي ولكن لا يتم التعبير عنه بشكل مباشر وهو يقول: "إذا تم تدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني في الإبتدائي أو في الجامعات، ألن يتسبب ذلك في التشويش على دروس الفرنسية وعلى التحصيل الدراسي للتلاميذ فيها؟" الجواب على ذلك السؤال سهل جدا: إذا كان تدريس لغتين في سنة دراسية واحدة باستخدام الحرف اللاتيني مضرا بالتحصيل الدراسي للتلاميذ، فلماذا يتم تدريس اللغتين الفرنسية والإنجليزية معا في نفس السنة الدراسية بالمغرب؟ ألا يشوش تدريس How are you? I am fine, thank you للتلاميذ المغاربة على رصيدهم الفرنسي "الثمين" من Comment allez-vous? Ça va bien, merci؟! أم أن كل ما هو حلال بلال على الفرنسية والإنجليزية يصبح فجأة حراما مطلقا على الأمازيغية؟! ماهي حروف الأبجدية اللاتينية المستعملة في الأمازيغية؟ الأبجدية اللاتينية الأوروبية (بحروفها ال26 الأساسية المعروفة) لم تصمم خصيصا للغة الأمازيغية، ولهذا تستخدم الأمازيغية اليوم حروفا لاتينية إضافية (مسجلة أيضا لدى الUnicode) لا تستخدمها اللغات الأوروبية المعروفة لدينا كالإنجليزية والإسبانية والفرنسية. تتكون الأبجدية اللاتينية المستعملة في الأمازيغية من 33 حرفا أساسيا اتفق حولها اللغويون المستمزغون المغاربة والجزائريون والأوروبيون. وهذه الحروف تصلح لكتابة كل التنوعات الأمازيغية، وهي كالتالي: A B C Č D Ḍ E Ɛ F G Ǧ Ɣ H Ḥ I J K M N Q R Ṛ S Ṣ T Ṭ U W X Y Z Ẓ ولمن ليس مطلعا على هذه الأبجدية الأمازيغية لا بأس من توضيح نطقها كالتالي: (Aa:أ/ا)، (Bb:ب)، (Cc:ش)، (Čč:تش)، (Dd:د/ذ)، (Ḍḍ:ض)، (Ee:الصائت القصير)، (Ɛɛ:ع)، (Ff:ف)، (Gg:گ)، (Ǧǧ:دج)، (Ɣɣ:غ)، (Hh:ه)، (Ḥḥ:ح)، (Ii:ي/ئ)، (Jj:ج)، (Kk:ك)، (Ll:ل)، (Mm:م)، (Nn:ن)، (Qq:ق)، (Rr:ر)، (Ṛṛ:راء مفخمة)، (Ss:س)، (Ṣṣ:ص)، (Tt:ت/ث)، (Ṭṭ:ط)، (Uu:ؤ/و)، (Ww:و)، (Xx:خ)، (Yy:ي)، (Zz:ز)، (Ẓẓ:ژ). وهذه الأبجدية الأمازيغية مستخدمة في معظم الإصدارات الأكاديمية والقواميس والدراسات المنجزة من طرف الأكاديميين والباحثين في مجال الأمازيغية ومن بينهم المشتغلون في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية IRCAM، والمحافظة السامية للأمازيغية بالجزائر HCA، ومعهد اللغات الفرنسي INALCO، والجامعات الجزائرية والإسبانية والهولندية والفرنسية والإيطالية وغيرها. الأمازيغية أقوى بتيفيناغ واللاتيني معا: قد يظن البعض أن الهدف من سلسلة المقالات هذه هو إبعاد تيفيناغ وإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء. وهذا طبعا غير صحيح. فقد بينت منذ المقال الأول أن اعتماد تيفيناغ واللاتيني معا أو بشكل متكامل في التدريس والتعليم العالي والإعلام والإدارة والفضاءات العمومية سهل جدا ولا يطرح أية مشاكل تقنية أو مالية، بل على العكس تماما: سيعطي للغة الأمازيغية قوة دفع مزدوجة. من الأرجح أن تيفيناغ سيلعب في المغرب دورا أبرز ك"حرف الواجهة الأمازيغية"، أي كحرف رمزي هوياتي بظهوره المرتقب على لوحات الإدارات الرسمية، ولوحات الطرق السيارة والطرق الوطنية والشوارع، وعلى النقود والعملة الورقية، وجواز السفر، وبطاقة التعريف، والطوابع البريدية، والوثائق الإدارية...إلخ. وهذا كله جيد جدا. ولكن الحرف الأمازيغي اللاتيني سينفع الأمازيغية كثيرا ك"حرف المحتوى"، حيث سيسهل تداول الأمازيغية شعبيا عبر الإنترنت والإعلام الشعبي والسينما والإشهار وأكاديميا عبر النشر والتعليم العالي والبحث العلمي، بين المغاربة والجزائريين والليبيين وبقية سكان العالم الأمازيغي وحتى بين أمازيغ المهجر في أوروبا وأمريكا الشمالية. وحينما يصبح وجود تيفيناغ في الحياة العامة بالمغرب على لوحات المباني والشوارع شيئا عاديا روتينيا لا يبالي به أحد، ستنتقل اللغة الأمازيغية من "معركة الشكل والرمز والإعتراف" إلى "معركة المضمون" – أي معركة ترجمة العلوم وإدماج الأمازيغية في الإقتصاد والتكنولوجيا والتعليم العالي ومراكز القرار ومنافسة الفرنسية التي تسيطر على تلك المجالات بالمغرب. وإنها لمعركة أصعب من تسلق أوعر الجبال. ولهذا تأتي الدعوة للإستعانة بقوة الحرف اللاتيني كضرورة ملحة، لأن الأمازيغية المكتوبة بتيفيناغ (الذي لا يلم به إلا عدد صغير جدا من التلاميذ والمتعلمين) لن تصمد في ميادين الإقتصاد والبيزنس والتعليم العالي والتكنولوجيا بالمغرب والجزائر أمام القوة العاصفة للفرنسية المسلحة بالحرف اللاتيني والمدعومة بلا حدود من طرف الدولتين المغربية والجزائرية ومن طرف الغزو الإعلامي الفرنسي الماحق. أما غالبية المتعلمين (الطلبة، شباب الثانويات، الأطر، الموظفون، المثقفون، الصحفيون...) فلا يملكون أي استعداد لتعلم حرف جديد (تيفيناغ) واستخدامه، وهو يمثل بالنسبة إليهم حاجزا إضافيا يمنعهم من الإقتراب من الأمازيغية. وكل هذه الظروف قد تؤدي إلى تحويل اللغة الأمازيغية إلى لغة "ديكور مؤسساتي" من الدرجة الثالثة تزين الواجهات والجدران والردهات ولكن لا تضر ولا تنفع. وهذا ما يجب تجاوزه بمنح الأمازيغية عامل قوة إضافي (الحرف اللاتيني) سيرفع من مقروئيتها ووظيفيتها ومنفعتها العملية في الحياة اليومية وداخل المؤسسات العمومية.