يتصاعد نفوذ تنظيم داعش في ليبيا، كخطر مستفحل منذ أشهر؛ لأنه يربح جغرافيا أكثر، ومستفيدا من حالة الفوضى ليبيا، ومن غياب الدولة، مع غطاء سياسي يقدمه في واضحة النهار، أحد اطراف الأزمة السياسية في هذا البلد المغاربي. ويأتي صعود نجح داعش/ ليبيا، في منطقة جغرافية اسمها شمال إفريقيا، بينما لا يزال للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حضور وازن مغاربيا، وقوة للضرب الموجع في منطقة الساحل والصحراء خصوصاً. كما أن الخلافات السياسية بين الدول المغاربية، تؤثر سلبا على التنسيق لمواجهة الإرهاب العابر للحدود؛ فاهتزاز تونس مرتين اثنتين هذا العام، على وقع ضربتين إرهابيتين، نموذج على أن الإرهاب يتمدد مغاربيا، من ليبيا في اتجاه تونس. فخلال أشهر طويلة، لم يتوصل الليبيون بوساطة من الأممالمتحدة، إلى مخرج منصف للجميع، وواقي لليبيا كوطن من الانهيار، بالرغم من كل "الظروف المثالية" و"المناخ السليم" الذي وفره المغرب في منتجع الصخيرات، وبالرغم من جهود بيرناردينو ليون وسيط ملف ليبيا، وبالرغم من ضغوط السفراء الغربيين، الذين تواجدوا باستمرار في الفندق الفاخر، مقر إقامة الوفود الليبية الرسمية المتفاوضة. وأمام انتظار للرأي العام الداخلي الليبي، وللرأي العام الدولي، توسعت المفاوضات الليبية عدديا وجغرافيا، لتسافر إلى الجزائروتونس ومصر وجنيف وبروكسيل، وتصدر عشرات التصريحات من القوى العظمى، الداعمة لمسلسل الحل السياسي في ليبيا، إلا أن الدبلوماسي الأممي ليون، كلما فتح كل أبواب الأمل، وححد تاريخا نهائيا، اضطر للعودة إلى المربع رقم واحد، واستمرت ليبيا داخليا في السقوط أكثر بين يدي داعش. فإذا كان داعش، كأخطر تنظيم إرهابي فوق الأرض حالياً، بدأ مشواره في زرع الموت والرعب، من سوريا والعراق، في قارة آسيا، فإن له موطأ قدم حاليا، في القارة الإفريقية، من نافذة ليبيا، التي أصبحت تقدم كل الشروط المثالية ليعشش طاعون قاتل اسمه داعش، وبالرغم من ذلك لعبة شد الحبل السياسي، ما بين المفاوضين الليبيين استمرت، وخلقت فراغات زمنية، وإحباطا استمر في أفق حل عبر المفاوضات، وكأن من يتفاوض يبحث عن مخرج لأزمة، في بلد مستقر أمنيا وسياسيا. فخلال الشهور الماضية، في منتج الصخيرات المغربي، ضيق المفاوضون كثيرا مساحات الأمل في ليبيا جديدة، بينما داعش تحولت لمصدر تهديد لاستقرار الجوارات المغاربية، ما يجعل أمام المفاوض الليبي خيارين اثنين؛ الشجاعة السياسية لحل تفاوضي وتوافقي ومنصف للجميع وبالجميع، ما يعني إمكانية التحول صوب العدو الأول لكل الليبيين؛ تنظيم داعش الإرهابي، أو أمام ليبيا سنوات مظلمة، وسط هيمنة لداعش على مزيد من المدن والقوى، وتحويلها لحياة الليبيين إلى جحيم على الأرض؛ فهل تنتصر شجاعة اللحظة على حسابات المصالح الضيقة جدا في ليبيا؟