خلال حملاتها الانتخابية المستمرة إلى غاية منتصف ليلة اليوم، تحاول الأحزاب المغربية البالغ عددها 31 حزباً سياسياً، فضلاً عن المترشحين المستقلين، استمالة الناخبين بشتى الوسائل، فإلى جانب المهرجانات الخطابيّة والتعبئة على شبكات التواصل الاجتماعي، تبرز الشعارات وعناوين الحملات كوسيلة مفضلة لدى زعماء الأحزاب للوصول إلى عقول وقلوب المواطنين. لا جديد في قراءته للشعارات المرفوعة إبان الحملات الانتخابية، من وجهة نظر تواصلية، يرى الأستاذ الجامعي ومستشار في التواصل، عبد الله أسعد، ضمن تصريح ل"هسبريس"، أنها لم تعرف تغييرا كبيرا، حيث إن "أغلبها لا زال يتبع نفس النمط، شكلا ومضمونا، بأحجامها وألوانها وإبداعاتها الفنية البدائية"، ما يدفع للتساؤل، يضيف المتحدث، "هل هو اختيار طوعي، أم إكراهات قانونية.. أم اتفاق مبدئي بين جميع الأحزاب، أم هو خوف من الخروج عن المعتاد؟" ويرى أسعد أن تلك الشعارات تبقى في المقام الأول أداة تواصلية "يسعى من خلالها المرسل (الأحزاب) إقناع واستمالة المستقْبِل (الناخب) بأهمية التصويت لبرنامجه الانتخابي"، مضيفا أن الحملات التواصلية لبعض الأحزاب، ورغم مرجعيات بعضها الحقوقية والاجتماعية وحتى الدينية، "تقوم باستغلال المعطلين والأطفال". قراءة في أربعة شعارات وفيما يتعلق بالحمولة التواصلية للشعارات خلال الحملة الانتخابية الجارية، توقف مستشار التواصل، عند نماذج لشعارات أربعة أحزاب، اثنان في الأغلبية الحكومية، هما "العدالة والتنمية" و"التقدم والاشتراكية"، وحزبان في المعارضة، والحديث هنا عن "الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، مبرزا المجال التواصلي الذي ينبني عليه شعار كل حزب. في هذا السياق، أوضح المتحدث أن شعار حزب العدالة والتنمية "صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح .. جماعات ترابية قوية لربح رهان التنمية"، وشعار الأصالة والمعاصرة "روح المواطنة في خدمة المواطن... من أجل جماعات وجهات أقوى"، يندرجان في المجال الوظيفي للعملية التواصلية ويتميزان بطابعهما العملي. فشعار "PJD"، بحسب مستشار التواصل، "يحاول التعبير بواقعية عن تجربة معاشة وعن مشروع بدأ بناؤه وينتظر مواصلته بصفة تشاركية"، مضيفا "هو دعوة وتنبيه في آن واحد، أي أن المسؤولية مشتركة مع الناخب، الذي يعتبر ركنا أساسيا في فلسفة الحزب"، أما حزب "PAM" فشعاره يتكون من شقين: الروح والهدف، يسترسل أسعد موضحا أنه "تعبير ضمني عن واقع الحزب الذي دخل السياسة من باب العمل الجمعوي، المبني على المواطنة، ولإقناع الناخب وإضفاء طابع عملي على رسالته. ويورد عبد الله أسعد، أن الحزب ذكّر بالهدف المتوخى من عملية الانتخابات الجماعية والجهوية، تاركا له المجال للربط بين المواطنة، والسعي لتحقيق الهدف، "ملمحا إلى أن هناك طاقات ستعمل على تحقيق مشاريع قادرة على تقوية الجماعة والجهة". ولفت أسعد إلى أن الحزبين استعملا نفس الألفاظ تقريبا للتعبير عن نفس الهدف؛ "جماعات وجهات أقوى". وفي ما يتعلق بحزب الاستقلال، أبرز أسعد أنه اتبع أسلوبا سوسيولوجيا وشعبويا، عبْر شعار "مع الشعب"، حيث إن الحزب "يتكلم باسم الشعب ومع الشعب لأجل قضايا الشعب.. نلاحظ هنا أن المقاربة تعكس الاتجاه الجديد للخطاب التواصلي للحزب، الذي أصبح يطغى عليه أسلوب الشعبوية والعمل النقابي"، يضيف مستشار التواصل. حزب التقدم والاشتراكية، خلافا للأحزاب الأخرى، اختار شعار "المعقول" ذا الحمولة السيكولوجية، حيث إن تلك الكلمة، بحسب أسعد، "كلمة واحدة تجسد عقليات مطلوبة من الناخب، ومُقتَرَحة من الحزب، وهي قيمة وميزة وخصلة يمكن تنزيلها على أرض الواقع، وتطبيقها في كل المجالات، إذا توفرت يتحقق كل شيء". ويخلص أسعد إلى أن استعمال شعارات مترجمة للأمازيغية على الصعيد الوطني، يبقى استعمالا "من أجل الرمز والمبدأ فقط، وليس لاستغلالها كأداة تواصلية فعالة، خاصة في الوسائل المكتوبة، لأن تشفيرها لا يزال محدودا"، فيما دعا الأحزاب بصفة عامة إلى التحلي ب"الجرأة والشجاعة في اتخاذ القرار" والكف عن "الخوف من الجديد والمجهول، والإبداع"، عندها، يستنتج أسعد "سنسمو بحملاتنا ومرشحينا ونحترم ناخبينا وذكاءهم". *صحافي متدرب