اعتبر سعيد التمسماني، المحلل السياسي المغربي، أن ورش الجهوية المتقدمة المقترح في المغرب، هو بمثابة ثورة جديدة بالمقارنة مع كل المفاهيم السابقة للامركزية التي طرحت في هذا البلد، فهو يشكل بالنسبة إليه هيكلا جديدا يقطع مع الماضي، سواء من حيث المفهوم أو الأهداف، وهو خطوة متقدمة في عملية بناء الديمقراطية في الحياة السياسية والاجتماعية بالمملكة. وأشار التمسماني، الذي يشغل منصب عضو نادي الصحافة بواشنطن، إلى كون الديموقراطية تظل الهدف الأساسي المتوخى من الجهوية الموسعة، التي تطمح بدورها لى تعزيز دور الجهة بالمغرب، وهو ما يعني تغييرات كبيرة في توزيع الصلاحيات بين الجهات المركزية والمحلية، أي نقل الصلاحيات من المركز إلى الهوامش، مما سيضاعف أعداد مراكز القرار ويجعلها أقرب إلى الشعب. وبهذه الطريقة فإن مبادئ الاستقلالية في اتخاذ القرار والاستقلال المالي سيكون خطوة هامة إلى الأمام في مسار تكريس الديموقراطية في البلد ككل. وفي شرحه للديموقراطية، قال التمسماني في مقاله المنشور في صحيفة Eurasiareview، إنه من المعروف أن الديمقراطية تعني شيئا أكثر بكثير من إجراء الانتخابات، لكن التصويت في نظره يظل الوسيلة المثالية لإرسال رسالة قوية إلى الحكومات والأحزاب السياسية، فكلما كان عدد الأصوات كثيرا، كلما كانت الرسالة أكثر قوة. "وكمواطنين مغاربة، هذه فرصتنا المناسبة لكي يكون صوتنا مسموعا، لجعل المسؤولين المنتخبين تحت ضغط المساءلة عن كل قراراتهم، فصوتنا سيكون سلاحنا عندما يتعلق الأمر بالقضايا الهامة التي تؤثر على مجتمعنا، ولذلك سيصبح لكل صوت أهمية خاصة يوم الانتخابات" يقول التمسماني. ويعود كاتب المقال إلى الماضي ليذكر أنه خلال سنوات كثيرة، كان العديد من المغاربة في الكثير من الأحيان يفضلون عدم التصويت لأنهم يعتبرون قيامهم بذلك غير مهم، تحت ذريعة أن صوت شخص واحد لن يغير شيئا، غير مدركين أن ذلك الصوت يمكنه أن يؤثر بالعديد من الطرق، فخلال الانتخابات التشريعية مثلا، يتم انتخاب أعضاء البرلمان الذين يكلفون بإنجاز القوانين وتقرير السياسات التي سيكون لها آثار على البلاد لسنوات كثيرة قادمة. وأكد التمسماني على ضرورة فهم المواطنين فكرة أن أصواتهم تساعد على تحديد الذين سيشكلون ركائز السياسات المحلية، والإدارة الحضرية والقروية بالمغرب. الشعب اليوم أمامه الفرصة للاختيار وليس التصويت فقط، وعدم استيعاب هذه الفكرة، يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى على حياتهم اليومية وعلى معيشهم أيضا. وتوقع الكاتب أن تكون نتائج الانتخابات المقبلة، المقرر انعقادها في الرابع من الشهر المقبل، بمثابة إشارات ترسم ملامح تركيبة الحكومة المحتملة المقبلة، إذ أنه في المغرب، يكون على الحزب الفائز في الانتخابات أن يقدم من أعضائه رئيسا للحكومة، هذا الأخير الذي يعرض على الملك تشكيلة حكومية للمصادقة عليها. ورأى المحلل، أنه يتوجب على المغاربة أن يكونوا على بينة من أهمية التصويت، وينبغي على الجميع المشاركة والإسهام في العملية الديموقراطية من خلال ممارسة حقهم في التصويت، مع تفادي فعل ذلك من أجل مصالح شخصية، عبر التصويت للمرشح الذي يستحق فعلا صوتهم، والحكم عليه بالنظر إلى مستواه وأخلاقه لا غير. وقد استشهد الكاتب في مقاله بما جاء به الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى ال62 لثورة الملك والشعب.، الذي قال فيه " الملك محمد السادس "للمواطنين الحق في معرفة كل شيء عن المؤسسات التي تخدمهم، حتى يتمكنوا من اتخاذ القرار الصحيح والاختيار المناسب". هذا الاقتباس جعل المحلل يستنتج كون الملك قد سلط الضوء على المهمة والدور الملقى على عاتق كل مؤسسة، والتأثير الذي سيكون لها على حياة المواطنين، مؤكدا أن الحكومة مسؤولة عن تنفيذ القوانين ووضع السياسات العامة، ووضع الخطط القطاعية ومسؤولة أيضا عن الإدارات العامة. وعاد الكاتب مرة أخرى للاستناد على الخطاب الملكي الذي جاء فيه: "إن تنفيذ الخطة الجهوية المتقدمة أن يكون حجر الزاوية في وحدة المغرب ووحدة أراضيه، وسوف يساعدنا على تحقيق التكافل الاجتماعي، كما ستكون الانتخابات المقبلة، التي ستعقد في غضون أيام قليلة، حاسمة بالنسبة إلى مستقبل المغرب، بالنظر إلى الصلاحيات الواسعة التي منحها الدستور والقانون للمجالس الإقليمية والمجتمعات المحلية". وقد اعتبر الكاتب أن خبر تزايد عدد الناخبين المسجلين حديثا أمرا مفرحا ومطمئنا، خاصة وأن الأعداد تشمل أولئك الذين امتنعوا عن المشاركة في الانتخابات في الماضي، لأن تلك الفئة لم تكن راضية عن عمل المجالس المنتخبة. أما اليوم، فهم يريدون استخدام حقهم، والوفاء بواجبهم الوطني، على الرغم من أن الكثير منهم لا يزال يتساءل عن الشخص والحزب الذي يستحق ثقته.