ينام نهارا ويفيق ليلا. بلحية مبعثرة ونظرة زائغة يستيقظ عصرا وينظر إلى وجهه في المرآة ببؤس. يلتقط علبة سيجارته وقميصه ويغادر البيت دون أن ينسى أن يفتعل شجارا مبهجا مع أحدهم في البيت. "" يقف في رأس الدرب أو يجلس في المقهى، ويلتقط أقرب جريدة ويبدأ بالتلذذ بقراءة أخبار البائيسن والمحبطين حول العالم. بماشوسية نادرة يقوم بقراءة كل أخبار النميمة وماحولها. الفاشل يسب من ظلمه، ويقوم بإحراق أحشائه بالسيجارة أو ما شابه. يلعن الظلام ويتمدد فيه مستمتعا بأن الآخرين قد اعتدوا عليه وتركوه – وهو المسكين – أثرا بعد عين. يجلس قرب شاشة الكمبيوتر ويبدأ متعته الكبرى : السب و الشتم. يفكر مع نفسه: " كل هؤلاء يعتقدون أنهم أذكى منا وأنهم الوحيدون الذين يستطيعون العيش دون التفكير في دمار الآخرين؟ أنا سأثبت لهم أنهم حمقى و مغفلون و سأهبط بمعنوياتهم إلى الحضيض. هذا سأنعته بالأحمق و الآخر بالمجنون و الآخر بالحالم. دون أن أنسى الاستعانة بآخر إصدار من قاموس الشتائم 2007. هههه.. يا لها من متعة، سيكتشفون اليوم أن العالم ليس كما يحاولون رؤيته و إقناعنا به. لابد أن يفكروا مثلي. لا بد أن يروا السواد في كل مكان مثلما أفعل أنا. لا شيء سينصلح، و لا شيء سيكون على خير. لا اليوم ولا غدا و لا بعد سنوات. في الواقع، أنا أستغرب أنهم لا زالوا لم ينتحروا بعد... هاهو ذا واحد آخر يدعي أن لديه مشاريع و أحلام. سأحول يومه إلى سواد في سواد. سأقلل من احترامه و أسفّه أحلامه. و لكي لا يعتقد أنني آمنت بكلمة واحدة مما قاله، سأكمل الأمر بأن أرمي بأسلوبه في الكتابة من أعلى قمة. سأقول له أنه كاتب فاشل و أنه لن تقوم له قائمة. هههه.. يا لها من متعة. " الفاشل يختبئ في الأركان ويرمي المارة بالطماطم ويعتقد أنه انتصر. الفاشل يصرخ بأعلى صوته عندما تنطفأ الأنوار، وبمجرد ما تشتعل يعدل من وقفته و يتصرف كأنه لم يفعل شيئا. الفاشل حاقد وكاره لكل شيء بلا استثناء. لا يرى النور ولو وضعته لو في بؤبه. الفاشل – على عكس ما يظن – لا يرى الواقع أبدا. ولو أرسلت به إلى أفضل دول العالم لاشتكى لأنهم في المطار تأخروا له بجواز السفر دقيقة واحدة. الفاشل، بعد أن يحقق كل هذه " الانتصارات"، يعود إلى بيته فجرا. وعندما يستيقظ الناس العاديون للعمل و الكدح من أجل لقمة الخبز، يكون هو يتلوى في فراشه راجيا أن ينام، لاعنا كل هؤلاء الذين استيقظوا باركا كي يقلقوا راحته. ألا يعلمون أنهم حتى لو عملوا فلن ينالو أي شيء؟ هذا ما يقوله لنفسه كاذبا. الفاشل – عندما يبقى وحيدا – ينكمش على نفسه، ويبكي كامرأة.