رمضانات مغرب الأمس (سيرة ذاتية) الحلقة الحادية والعشرون : الخيمة الرمضانية الملعونة أعزائي القراء قبل الإنتقال إلى مغامرة جديدة .. تجدني أتساءل . هل أكون في ما سلف من حلقات قد لامست بعضا من طفولاتكم وزاوجت بين تجربتي وتجربتكم ؟. قد يقول قائل أننا لا نحِن إلى الزمن الجميل بحلوه ومره بل فقط تستهوينا الرغبة في نبش الذاكرة لنستعيد الذكريات الجميلة. وذهب الكثيرون إلى تسفيه الكثير من أعمال السيرة الذاتية وانتقادها من منظور علمي وتاريخي. لكنني وعلى الرغم من أنف التاريخ أحفر الذاكرة بحثا عن ذكرى كانت تؤلمني عند وقوعها وباتت ترسم الإبتسامة على شفتي وعلى شفاه الكثيرين اليوم .. دائما في طنجة الجميلة عروس البحر الأبيض المتوسط والعاصمة الدولية أيام الحماية بثقافتها الإسلامية الصوفية العتيقة .. وطنجة الترف والسياحة والسهر .. طنجة الساحرة . طنجة التي لا تنام وإذا نامت لا تستيقظ إلا متأخرة .. وكان الزمن يسير على إيقاع أمواجها بين مد وجزر كما يحلو لها ولأهلها. لا يحلو رمضان لفرقة العفاريت دون أن تخطر ببالنا كل سنة فكرة الذهاب إلى خيمة من الخيم الرمضانية التي كانت تنظمها الكثير من المحلات على شاطئ طنجة بمحاذاة سكة القطار. جلس عبد الرحمن على حجر كبير تحت شجرة الصفصاف العتيقة ورسم خطا مستقيما على الأرض وقال : - العواول .. كونو رجال .. من بال فلوري للبلايا ( الشاطئ ).. شحطة واحدة جريا واحدة وها حنايا تما - ولا آ صاحبي وكيفاش ماش ندخلو - وا بنادم حنا نتفرجو غير من برا السور - ومن برا ما كايبان والو .. ماش تشوف غير الحيوط .. بناو السور - قول والله ؟ - والله العظيم - ديك نهار جابنا الواليد باش ركبنا خالتي فالتران وشوفتا بعيني - آصاحبي .. حنا نمشيو ونشوفو .. تفرجنا .. ما تفرجناشي ندخلو سالتين .. - كيفاش ؟؟ - إييه نقزو السور ولكن غير بالحلاوة - متافقين .. فوقاش .. - الليلة - الليلة - مشات عليها ؟ - مشات على باباها .. شحال عندك انتينا فالصندوق ؟ - أربعا دراهم - والو آصاحبي .. خاصانا ستة دراهم باش يدخول واحد فينا .. ويسربي التكيتا للثاني من السور .. واحد وارا التاني حتى ندخلو كاملين - فكرة .. مخيرة بلا ما نتبهدلو فالتنقيزا يمكن نحصلو .. تطوع أحمد .. كما العادة بأن يضغط على أمه ( ماماه كما كنا نمازحه ) .. بأن تعطيه المبلغ من صندوقه الخاص .. وكانت تحرص على إدارته حتى لا يصرف كل ماله في الحلويات والمأكولات الشعبية في الشوارع. كان أحمد هو أغنى فرد في مجموعة العفاريت بحكم الثروة التي كان يمتلكها والده .. وكانت والدته حريصة على سعادة ابنها البكر .. وتشدد على ضرورة أن نلعب معه وكانت تغدق علينا من أجل ذلك الكثير من العطايا انتظرنا خروج أحمد من البيت على أحر من الجمر حتى كدنا ننيأس أنه سيعود بالستة دراهم .. تبين الضجر على وجه عبد اللطيف فصالح فينا : - آصاحبي يا الله نمشيو .. ها د خانا محالشي يجي - آكلس أبنادم .. العايل عمرو ما عورها ( لم يخلف العهد أبدا ) - واتناواه انتوما .. أما أنا .. - كلس شعاندك نهره عبد الرحمن فجلس وفجاة خرج أحمد بيده ورقة نقدية بقيمة الخمسين درهم وعلينا أخذ ستة دراهم وإعادة الباقي لوالدته .. وطبعا وعدنا أحمد أننا سنقوم بذلك - صافي كون هاني شني قالتلك - قالت صرفوها وجيبو الباقي دابا - ولا آصاحبي .. نمشيو .. وترجع الصرف بالسحور .. عندك تكون فضحتينا - ألا .. والله ما قولت والو .... ( يتبع ) صفحة الكاتب: www.acradiousa.com