نفت السلطات المصرية وجود "أي دليل" عن نيتها اعتقال مراسل صحيفة "الباييس" الاسبانية ريكارد كونزاليس، لكن كونزاليس كشف في حوار ل DWعن ما أبلغته به سلطات بلاده وعن "الاتهامات الخطيرة" التي كانت ستوجه إليه. فر صحفي يعمل لصحيفة إلبايس الإسبانية على جناح السرعة من مصر وذالك قبيل "اعتقاله الوشيك" في منتصف الشهر الماضي، كما يقول. ففي حديثه مع ناعومي كونراد من دويتشه فيله يؤكد ريكارد كونزاليس، أن هذا الحادث قد يكون بداية لشن حملة على الصحفيين الأجانب. غادرت مصر منتصف يونيو حيث كنت تعمل لصحيفة إلبايس. لماذا غادرت مصر فجأة؟ لا أستطيع أن أكشف لك عن كيفية مغادرتي لمصر بالضبط، ولكن سأقول ما استطيع قوله. أبلغتني السلطات الإسبانية أنني معرض للاعتقال في أية لحظة وأن الاتهامات قد تكون خطيرة. ونصحوني بعدم البقاء في مصر لأنني في خطر. لم يُفصحوا لي عن نوعية التهم ولا عن مصدر هذه المعلومات الغامضة، لكنني لم أشأ أن أجازف بالبقاء. لماذا تعتقد أنك مستهدف؟ لا أعتقد أنني فعلت شيئاً مختلفا بشيء عن باقي المراسلين الأجانب في مصر. الشيء الوحيد الذي فعلته وقد يكون مختلفاً عن غيري، هو أنني ألفت كتاباً عن الإخوان المسلمين ونُشر في مارس الماضي. الكتاب ينتقد النظام الحالي، لكنه ينتقد الإخوان المسلمين أيضاً ولا يبدى تعاطفا على الإطلاق. كما أن صحيفة إلبايس، التي أعمل لديها، هي من أكثر الصحف الأوروبية انتقاداً للنظام المصري، وهذا قد يكون سبباً آخر.أنا لا أعرف. أو ربما لم يعجب الحكومة المصرية ما نشرته الصحيفة عقب زيارة الرئيس السيسي لإسبانيا في أبريل الماضي. هل تعتقد أن هذا يمثل تحولاً في ظروف عمل الصحفيين الأجانب في مصر؟ لأنه حتى الآن، يبدو أنه إذا لم تكن تعمل لدى قناة الجزيرة مثلا، فأنت في أمان لحد ما. قد تتعرض للترحيل ولكن ليس للحبس أو الاعتقال. نعم، ولهذا السبب تفاجأت كثيراً، خاصة وأن السيسي نفسه أعلن أن اتهام وحبس صحفيين أجانب كان خطئ وفي الحالات القادمة يجب ترحيلهم. لا أعرف إن كان هناك تحول في سياسة معاملة الصحفيين الأجانب، البعض يعتقد أنه نوع من "جس النبض"، بمعنى: دعونا نرحّل صحفيا أجنبيا ونرى ما هو رد الفعل، فإذا لم يعترض ومر الأمر، فيمكننا تكرار ذلك مع صحفيين آخرين. ولهذا السبب ألجأ أنا إلى نشر ما حدث معي. كما أن الوضع ساء أكثر في الشهور الماضية وزادت القيود على تحركاتنا وبتنا نحتاج إلى تصريح لكل شيء والحصول على تصريح يستغرق وقتاً طويلاً. والمزاج العام في الشارع المصري بات أكثر عدائية اتجاهنا، لأن وسائل الإعلام الرسمية شوّهت صورة الصحفيين الأجانب ووصفتهم بالجواسيس. وبات من شبه المستحيل أن يحصل صحفيون أجانب على تصريح عمل إذا كانت زيارتهم تستغرق أسبوعاً أو أسبوعين فقط. ما الذي تنوي فعله الآن؟ أعتقد أنني لا أستطيع المخاطرة والعودة إلى مصر. أعمل حاليا في مدريد، وعلى الأغلب سأنتقل للعمل في تونس في شهر سبتمبر. هل تنصح الصحفيين الأجانب بمغادرة مصر؟ لا، من المهم جدا أن يبقوا ويواصلوا عملهم. شروط عمل الصحافة المصرية رديئة جدا، ولايمكن تغطية قصص صحفية كثيرة. ونحن الأجانب قادرون على تغطية قضايا لا تقدر الصحافة المحلية على تناولها مثل حقوق الإنسان والوضع في السجون والتعذيب والسجون السرية والحديث مع المعارضة. ما يقوم به الصحفيون الأجانب هام جدا، وآمل أن يبقوا في مصر وأن لا يغادروها. هل ستشتاق إلى مصر؟ طبعا، بدون شك. لدي الكثير من الأصدقاء وبعضهم ليسوا من عائلات ميسورة ولا يستطيعون شراء تذكرة طيران لزيارة أوروبا. وهذا يعني أنني لن أراهم إذا لم أعد إلى مصر. أتعرفين ماذا؟ لم يكن لدي حتى الوقت لوداعهم. - ريكارد كونزاليس كان مراسل صحيفة إلبايس الإسبانية في القاهرة. وفي منتصف يونيو الماضي نصحته السلطات الإسبانية بمغادرة مصر فوراً. في السنة الماضية حُكم بالسجن على ثلاثة من صحفيي الجزيرة الإنجليزية بتهمة مساندة جماعة الإخوان المسلمين، الموضوعة على القائمة السوداء. أحدهم، الأسترالي بيتر غريسته، تم ترحيله إلى بلده. وقد أعلنت محكمة مصرية هذا الأسبوع أنها ستصدر حُكماً في القضية نهاية الشهر الجاري. * ينشر بموجب اتفاقية شراكة مع DW عربية