وافق البرلمان المصري، يوم الإثنين المنصرم، على قانون جديد للصحافة والإعلام، يجيز للسلطات مراقبة المحتوى الإعلامي الذي يذاع ويبث في بعض المنصات الرقمية. ويمنح القانون الجديد، للمجلس الأعلى للإعلام (هيئة تنظيم الإعلام) الحق في غلق أو حجب المواقع الإلكترونية أو الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي التي يزيد عددها على خمسة آلاف شخص، في حالة نشر أخبار كاذبة أو الدعوة للعنف أو التحريض على مؤسسات الدولة. صحيفة "الموندو" الإسبانية نشرت تقريرا تحدثت فيه عن القوانين التي تسنها السلطات المصرية من أجل تضييق الخناق على حرية الصحافة الإلكترونية في بلاد الكنانة. وأوضحت الصحيفة أن أغلبية أعضاء البرلمان المصري الموالين للرئيس عبد الفتاح السيسي، وافقوا على تشريع هذه القوانين للقضاء على آخر فضاء متاح لحرية الرأي والتعبير في أكثر البلدان العربية كثافة سكانية. وبموجب هذا القانون، يحق للمجلس الأعلى للإعلام حجب المواقع الإلكترونية أو الحسابات الشخصية على فيسبوك أو تويتر، التي يزيد عدد متابعيها عن خمسة آلاف شخص، في حال نشرت أخبار مضللة أو خطابات تحرض على العنف والكراهية. ونقلت الصحيفة عن المديرة القانونية والقضائية لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، مي السعدني، أن تنفيذ القانون الجديد سيفرض مراقبة مشددة والمزيد من القيود على المحتوى الإعلامي والشركات على حد السواء. وأضافت السعدني أن "التعديلات التي تجريها السلطات المصرية تهدد بقمع الأصوات المعارضة وتجميد النشاط الصحفي وحظر استخدام المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي". وأوردت الصحيفة أن الحكومة المصرية شنت حملة مكثفة لمضايقة الصحافة المستقلة خلال السنة الماضية، أسفرت عن اعتقال عشرات المراسلين المحليين والسياسيين والباحثين والمثقفين. كما حجبت السلطات المصرية أكثر من 500 موقع وأمرت بترحيل أكثر من مراسل أجنبي من الأراضي المصرية. ويبدو أن وسائل الإعلام المستقلة لم تفلت من قبضة الحكومة المصرية، حيث أكدت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن جهاز المخابرات المصرية يمتلك شبكة من الصحف والقنوات التلفزيونية الخاصة. وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس السابق لنقابة الصحفيين، يحيى قلاش، علق على موافقة نقيب الصحفيين الحالي، عبد المحسن سلامة، على قانون الصحافة الجديد قائلا "إنه ليوم حزين، سيلحق العار بكل الأشخاص الذين باعوا ضمائرهم وخانوا مهنتهم". وأورد يحيى قلاش أن "حرية الصحافة معركة طويلة والانهزام في إحدى الجولات لا يعني النهاية بالنسبة لنا". وذكرت الصحيفة أن قانون الصحافة الجديد، الذي من المنتظر المصادقة عليه من قبل السيسي، سيدعم الفصول الموجودة بالفعل في قانون العقوبات، بالإضافة إلى اضطهاد نقابة الصحفيين التي تعاني الأمرين منذ سنوات. ونوهت الصحيفة بأن القانون الجديد يسمح للمجلس الأعلى للإعلام بمنع نقل المعلومات القادمة من الخارج "لأسباب تتعلق بالأمن القومي"، ناهيك عن أنه يفرض على مواقع الويب والمدونات الحصول على ترخيص حكومي لمباشرة عملها. ويعاقب بالسجن كل صحفي يتورط في التشجيع على العنف ونشر عبارات ذات طابع عنصري للتمييز بين المصريين أو تطعن في شرف الآخرين؛ وهي عبارات غامضة يمكن للدولة أن تستخدمها حسب تقديرها. وتعليقا على هذه المسألة، صرحت منظمة العفو الدولية بأن هذه القوانين الجديدة تقنن "الرقابة المشددة المفروضة على الصحافة وتمثل خطوة أخرى للاعتداء على حرية التعبير في مصر". كما وصف معارضو السيسي القانون الجديد بالتدابير القاسية التي يستخدمها الرئيس، من أجل تجنب تكرار الاحتجاجات التي اندلعت سنة 2011 وانتهت بإسقاط حكم حسني مبارك. وأكدت الصحيفة أنه خلال الأسابيع الماضية احتج الشعب المصري على مواقع التواصل الاجتماعي تنديدا بالزيادة في أسعار الكهرباء والوقود والنقل العمومي. وفي الواقع، لم يرق هذا الأمر للكثير من أتباع السيسي الذين يحاولون كتم الأصوات المنتقدة للنظام. ونوهت الصحيفة بأنه قد تم سن قانون جديد يمنح عبد الفتاح السيسي صلاحية تعيين "القيادة العليا" للقوات المسلحة المصرية، التي تمتعت بحصانة مطلقة خلال 30 شهرا بين سنتي 2013 و2016 وهي الفترة التي تزامنت مع تعليق الدستور. وقد شهدت مصر خلال هذه الفترة عملية فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. وأكدت الصحيفة أن البرلمان المصري شرع هذه القانون إلى جانب الاستخدام واسع النطاق لقوانين مكافحة الإرهاب من أجل تضييق الخناق على الناشطين في الصحافة الإلكترونية. وصرحت السعدني أنه "هناك بالفعل بعض الصحفيين الذين تعرضوا للاضطهاد لمشاركتهم آرائهم على صفحاتهم الرسمية، ومن المتوقع أن تتوسع هذه الحملة بشكل أكبر". وأضافت السعدني أن "اللغة الغامضة التي كُتبت بها القوانين الجديدة والسياق الذي سيتم تطبيقها فيه تهدف إلى إسكات أصوات المواطنين والمراسلين ومنظمات المجتمع المدني".