في نهاية كل سنة،يحاول العديد منا استرجاع أهم اللحظات وابرز المحطات التي سطرت 12 شهرا من العيش في عالم يتغير كل ثانية،فقد اكتسبنا عادة إحصاء خساراتنا وانجازاتنا وذلك إما كمحاولة منا للتعلم مما سبق وبناء عوالم جديدة يتقهقر فيها الفشل إلى الوراء،أو من باب ذكر..فان الذكرى تنفع المؤمنين،خاصة وأننا صرنا سريعي النسيان وأضحت ذاكرتنا تخوننا في كثير من المرات.. لعل أهم حدث طبع 2010 هو عملية تفكيك مخيم اكديم ازيك بالصحراء وما رافق ذلك من تطورات،فشئنا أم أبينا،فوطننا أصيب في عينيه،والمغاربة أجمعون خنقتهم العبرات وهو يرون أبناء جلدتهم تتبول عليهم حيوانات البوليساريو،وأكثر من ذلك،نادينا جميعا بضرورة استيقاظ هذا الوطن واستجماع رفاته المحترق،فكان توقعنا صائبا واستفاق الوطن،لكنه ما لبث ان سقط مغشيا عليه وهو يعي ان تلك المسيرة المليونية في شوارع العاصمة الاقتصادية،والتي دشنها المغاربة ضد من يعبثون بكرامة الوطن في الخارج،كان من الأجدى ان توجه أيضا ضد بعض الأحزاب المغربية التي كانت سببا في اندلاع الأزمة لان "كروش" بعض مسؤوليها اكبر من ان تسعها موائد الشمال فالتهمت موائد الجنوب.. عام 2010 يمكن ان نسيمه بعام الرحيل أو عام الموت الجماعي،فقد رحل عنا ثلة من أهم الشخصيات الوازنة،وخصوصا في المجال الثقافي،ومنهم محمد عابد الجابري الذي طالما اعتززنا به كمفكر عالمي قدم أفكار فكرية وفلسفية غاية في التميز،ومنهم أيضا ادمون عمران المالح الكاتب اليهودي الذي وقف ضد فكرة تهجير اليهود المغاربة إلى فلسطين،وغيرهم كثير من الأسماء المتميزة كأحمد عبد السلام البقالي وأسماء أخرى مغربية ودولية لا يسع المجال لذكرها،أما في المجال الفني فقد كان رحيل الفنانة عائشة مناف رحيلا مأساويا أعاد للأذهان الظروف المزرية التي يعيش فيها الكثير من الفنانين المغاربة،الذين لا نتذكرهم إلا حين يسقطون في براثن المرض وآخرهم الفنان القدير مصطفى سلمات الذي أصيب بالسرطان مؤخرا.. في المجال الرياضي،تعد سنة 2010 سنة الخيبة بامتياز،فلأول مرة منذ 1996،قدر لنا كمغاربة ان نشاهد نهائيات كاس إفريقيا دون المشاركة فيها،ولثالث مرة على التوالي لم نتأهل لنهائيات كأس العالم،ولأول مرة في التاريخ،نتعادل سلبا وسط الرباط مع منتخب يصنف كأضعف منتخب على الإطلاق،في هذه السنة كذلك ،أهدتنا الجامعة المغربية اختراعا جديدا هو التحكم بالمنتخب عن بعد،وأصابتنا بالفقصة ونحن نراها تتخبط في عملية انتظار المهدي المنتظر أي غريتيس،في هذه السنة كذلك،سخر المغاربة من خطأ صغير لخالد العسكري فكانت النتيجة ان تحطم الحارس وودع ميدان الكرة،باختصار كانت سنة أليمة بحق اللهم من نقطة ضوء وحيدة وملعقة فرح أهداها إلينا فريق الفتح الرباطي وهو يتوج بكاس الاتحاد الإفريقي ويحل ما نسميه بالعقدة التونسية التي استمرت لأكثر من 10 سنوات.. في هذه السنة،غرقت العاصمة الاقتصادية في الماء بعدما عرف المغاربة ان قطبهم الاقتصادي يعيش ببنية تحتية تعود إلى الخمسينات،واستمرت الزرواطة المخزنية في تحطيم ضلوع المعطلين أمام البرلمان، دون نسيان استمرار النزيف الاقتصادي الذي لا يتطلب الكثير من الذكاء لكي تشاهده ولن تغرك فيه قصاصات الكثير من الدوائر الحكومية التي تخدر عقولنا دائما بان المغرب يعرف تحولات هامة في ميدان التشغيل وبان الأزمات الاقتصادية العالمية لا تؤثر فيه،فقد نتلمس لهم العذر حين يقولون هذا على اعتبار ان المغاربة بفرط ما عاشوا في الأزمة منذ الاستقلال لم تعد تؤثر فيهم تقلبات السوق وبورصات الأسهم.. في هذه السنة،خرج الكثير منا يندد بما يبثه بعض أصدقائنا في المشرق من صور مشوهة للمرأة المغربية،فثارت ثائرتنا عند عرض المسلسل الكارتوني السخيف لقناة الوطن الكويتية،وفارت دمائنا إلى درجة وصف الكويتيين بأبشع الصفات في حين ان ذلك العمل لا يعدو وان يكون مجرد فكرة لمخرج تافه لا تعكس ما يفكر به الشعب الكويتي،واستمر مسلسل الاستنكار مع لقطة المسلسل المصري "العار"،ونسينا ان الإعلام المغربي وعدد من وزاراتنا والكثير من بناتنا وممثلاتنا هم من كانوا السبب في ترسيخ هذه النظرة السلبية عن المغربيات في البلدان المشرقية.. عربيا،تعد سنة 2010 سنة الانشقاقات التي هدت العالم العربي والإسلامي،فها هو السودان على حافة الانقسام،وها هو العراق يحطم رقم جينيس في عدم تشكيل حكومة حقيقية بعد ورود أخبار عن رغبة الأكراد بالانقسام في الشمال ورغبة السنة بالاستقلال في البصرة،فلسطين لا زالت تعيش في نفس المستنقع بين انقسام الإخوة الاعداء بينهم أي فتح وحماس،ثم ما يحدث باليمن من محاولات انفصال الحراك الجنوبي،مما ينبئ ان الدول العربية مرشحة للتزايد أكثر في السنوات المقبلة رغم أنها لم تفعل شيئا وهي موحدة فما بالك وهي تتفتت؟ وعودة إلى وطننا،فهذه السنة كانت أليمة بحق،لأننا ألبسناها في ما مضى ثوب الأمل والأخبار السعيدة،فحلمنا ذات يوم أنها ستكون سنة تنظيم كأس العالم،لتكون النتيجة شماتة بلاتر وجنوب إفريقيا فينا،وحلمنا ذات يوم بأنها ستكون سنة استقطاب 10 ملايين سائح،فكانت النتيجة ان انخفض العدد أصلا وتم إغلاق عدد من الشركات السياحية الكبرى،وحلمنا ذات مرة بان تنخفض حوادث السير بعد تطبيق مدونة السير فكانت النتيجة ان انخفضت القدرة الشرائية للمغاربة بعدما ارتفعت أسعار المواد الغذائية.. كانت سنة الكوابيس على ما أرى،لكن هذا لا يمنع ان نحلم بغد أفضل وبوطن أجمل،كل هذه الخيبات التي جمعناها على مدى 12 شهرا لن تطفئ الأمل بان تنتهي الكثير من مشاكلنا و يتحقق ولو القليل من أحلامنا،وفي انتظار هذا لا بأس من ترديد كلمة "البوناني" ومشاركة المتمنيات بسنة قادمة يتغلب فيها الفرح على الحزن،والأمل على الألم،والحب على الكراهية.. [email protected] http://www.facebook.com/people/Ismail-Azzam/568799586