"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المندوب السامي للتخطيط أحمد حليمي علمي في حوار ل التجديد":لم يستثمر من إحصاء 1994 إلا 25 % ونستطيع السنة المقبلة استغلال إحصاء 2004 بنسبة 100 %
نشر في التجديد يوم 25 - 06 - 2004

"الحاجة التي لا تقاس لا تنمو، بهذه المقولة استدل أحد المشاركين في يوم دراسي نهاية الشهر المنصرم على أهمية الإحصاء في مسار التنمية لكل بلد، وكانت المناسبة هي الحديث عن دور الجمعيات في إنجاح الإحصاء العام للسكان والسكنى المزمع تنظيمه في الأيام العشرين الأولى من شتنبر المقبل، وهو حدث متميز وضروري لا يتكرر إلا مرة في كل عشر سنوات. ولأهمية الموضوع وراهنيته، التقت التجديد بالمندوب السامي للتخطيط أحمد لحليمي علمي، على اعتبار أن مندوبيتها هي المسؤولة عن الإعداد التقني والتنظيمي لعملية الإحصاء، فكان هذا الحوار الذي تحدث فيه لحليمي عن جوانب مختلفة توزعت إلى 3 أقسام: قسم يهم بعض القضايا العامة لقطاع الإحصاء والتخطيط، وقسم عن حيثيات الإحصاء العام للسكان، وقسم أخير يخص أداء المندوبية السامية والمؤسسات والمصالح التابعة لها. وفي ما يلي نص الحوار:
سبق أن قلتم في يوم دراسي ببوزنيقة حول الجمعيات والإحصاء العام للسكان والسكنى ما يلي: لا بيعة لنا إلا لجلالة الملك وللوطن وللشعب، ولسنا مع الحكومة أو ضدها. هل معنى قولكم هذا أن عملكم منفصل عن العمل الحكومي؟ وكيف ترون تحملكم المسؤولية مقارنة بوضعكم السابق حين كنتم وزيرا للاقتصاد الاجتماعي؟
كما تعلمون، عندما يكون الوزير في الحكومة فهو ملزم بالتضامن الحكومي، أي أنه يتحمل مسؤولية كل ما تقوم به الحكومة، ويساهم في تقرير توجهها، أما المسؤول عن مندوبية سامية للتخطيط فهو لا يتحمل مسؤولية السياسة الحكومية، وإنما يكْمن دوره في تزويد المسؤولين الحكوميين، ومختلف القطاعات كالمقاولات والمجتمع المدني والمواطنين بالمعطيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يوجد عليها المغرب حاليا، أو مستقبليا من خلال الإسقاطات التي تقوم بها مصالح المندوبية.
ويبقى التوجيه العام للمخطط منوطا بالمؤسسة التي لها دستوريا مهمة التوجيه، ألا وهي المؤسسة الملكية، أما التقييم فهو من مهام المندوبية السامية، أي تقييم المنجزات والمخططات، ويرفع هذا التقييم إلى المؤسسات المعنية من المؤسسة التوجيهية إلى المؤسسة الحكومية، وإلى المؤسسة البرلمانية، ثم إلى عامة المواطنين.
يلاحظ على عمل مندوبيتكم تتبعه للتغيرات الطارئة على القطاعات الإنتاجية، وكذا للمؤشرات السوسيو اقتصادية المرتبطة بالسكان، بحيث تصدرون بشكل دوري بلاغات ومذكرات في الموضوع، وهو ما لا نلاحظه على الوزارات والقطاعات الإنتاجية عموما. هل ترونه وضعا طبيعيا؟
تتوفر المندوبية على بعض القواعد المعلوماتية التي لا تتوفر عليها قطاعات كثيرة، فالمندوبية تقوم ببحوث دورية لمعرفة مثلا معدل البطالة، وتطور الأسعار، ومعرفة الوحدات الإنتاجية، كما أنيط بها إنجاز الحسابات الوطنية، ولها جهاز إحصائي كبير، ومختصين في هذا الميدان، فدورها هو أن تكون القاعدة الإحصائية التي تزود البلاد بالمعطيات المرتبطة بمختلف ميادين النشاط الوطنية.
أشار الوزير الأول في اجتماع عقد آخر السنة الماضية حول الإحصاء العام للسكان إلى أن من أهداف هذا الأخير تحيين المعطيات التي يتوفر عليها المغرب، خاصة وأن تقارير هيئات دولية تصنفه في مراتب سفلى، معتمدة في ذلك على معلومات متقادمة وغير دقيقة وبهوامش خطأ واسع، أو استنادا على أرقام مغلوطة أو متضاربة أحيانا أخرى. حبذا لو تعطون أمثلة على ذلك؟
تعرفون أن هيآت الأمم المتحدة تقر بعض مناهج البحث الإحصائي، وتشارك بها الدول كلها، والمغرب من الأعضاء النشيطين في الجهاز المختص بالإحصائيات لدى المنتظم الدولي، ولكن هذه الهيآت تصنف البلدان على أساس المعطيات المتوفرة لديها، علما بأن البلدان متباينة من حيث قدرتها على إنتاج إحصائيات، وكثيرا ما تكون هذه الأخيرة إما تقريبية أو مستنتجة من معطيات مختلفة، في حين أن إحصائيات المغرب مبنية على مقاربات إحصائية تماثل مناهج ومقاربات الدول الأكثر تقدما في هذا الميدان...
(... مقاطعا) هل يحضركم الآن مثال على تصنيف دولي للمغرب لا يعبر عن حقيقة ما هو عليه؟
لنأخذ مثلا قضية الفقر، فهناك مقاربات متعددة لها بحيث ثمة مقاربة البرنامج الأممي للتنمية، والتي تصنف ضمن الفقراء كل من يَقِلُ دخله عن دولار أو دولارين بتماثل القدرة الشرائية للفرد في اليوم، وهي مقاربة عامة، أما نحن في المغرب فلدينا بحوث دورية حول الاستهلاك، وبالتالي فمقاربتنا للفقر مقاربة مبنية على بحوث ميدانية، بيد أننا لا نستطيع القيام بهذه الأخيرة سنويا، بل يتم تحيينها، بحيث إن آخر بحث حول الاستهلاك، والذي يعطينا فكرة عن مستوى الفقر وأنواعه وتوزيعه الجغرافي والسوسيو اقتصادي، أجري سنتي 1984/,1985 ومنذ ذلك التاريخ إلى الآن وقعت تطورات، وبالكاد نمتلك معطيات آخر بحث حول الاستهلاك أجري سنة 2001/,2000 وسننشر نتائجه قريبا (بالفعل نشرت نتائج البحث في ندوة صحفية عقدت يوم الثلاثاء 15 يونيو). إذن ما بين إحصاء وإحصاء وبحث وبحث تتقادم المعطيات لتبقى المؤسسات الدولية تكرر بعضها.
سجلتُ باهتمام خلال اليوم الدراسي الذي نظمته مندوبيتكم في بوزنيقة ما قلتم بأنه ليس المهم في الإحصاء هو الجانب الرقمي، وإنما هو التنشيط الفكري والالتقاء لتدارس قضايا المغرب الكبرى كالشغل والتنمية بغرض إيجاد حلول لها، لكن السؤال يبقى حول كيفية تنزيل ما قلتم؟
لم أقل الإحصاء وإنما التخطيط، وقصدت بقولي إن هدف المندوبية هو أولا إعطاء إحصائيات حول الوضع المغربي بمختلف جوانبه، وأيضا إجراء دراسات مستقبلية للتخطيط على مدى بعيد، وأخرى استراتيجية لتحديد المسار الذي على المغرب أن يسير عليه في المدى المتوسط إذا ما أراد الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية التي حددها لنفسه، كما أن ثمة وظيفة أخرى للمندوبية تتمثل في تقييم البرامج، أي ما ينجز، وذلك بهدف تقديم جواب عن سؤال: هل نحن سائرون في الطريق التي سطرناها؟ ثم هناك وظيفة آخر وهي التي أشرتُ إليها في اليوم الدراسي وألححت عليها ألا وهي مساهمة المندوبية في تنشيط الحوار الوطني حول القضايا الأساسية كالفقر، والتطور الصناعي والفلاحي، ومستقبل الماء في المغرب.. وقضايا من هذا النوع حيوية ولها عمق استراتيجي لا ترتبط بالظرفية السياسية والاقتصادية، ولكن تأخذ مكانها في مسار الأمة المغربية.
أتساءل السيد المندوب عما بعد الإحصاء العام، وهل يكفي أن نَصِفَ الواقع ونعرفه؟ وما دور المندوبية في وضع مخططات تنموية تستند على المعطيات المتوصل إليها، وتقدم للوزارات المعنية كمقترحات مشاريع؟ بمعنى أن يكون الإحصاء في خدمة التنمية كما جاء في إحدى افتتاحيات جريدة العلم؟
إن الإحصاء سيعطي فكرة مدققة عن الجانب الديمغرافي، وعن مستوى المعيشة وظروفها من سكن وتعليم وتوفر على الخدمات الأساسية. هذه المعطيات هي في الحقيقة الأرضية التي ينطلق منها تحديد الأهداف التي نريد أن نصل إليها في أفق معين. وتحدد هذه الأهداف حسب مساطر معتمدة لصياغة المخطط الوطني؛ فهناك مراحل تنطلق اعتمادا على هذه المعطيات، وأولها مرحلة التوجيه العام الذي يجب على المغرب أن يسير عليه، وهنا يأتي دور توجيهات صاحب الجلالة فيما يخص الأهداف التي يجب أن يصل إليها المغرب على مستوى التنمية الاجتماعية، في أفق معين، وذلك استنادا على اعتبارات استراتيجية وأخرى مبدئية كالتضامن والقيم الوطنية والدينية والحضارية، والتي هي من الثوابت، كما يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الدولية والجهويةب
وعلى هذه الأسس تكون صياغة مشروع مخطط يراعي التناسق الضروري بين مختلف القطاعات، والانسجام بين الإمكانيات والأهداف، وذلك لتحديد المسار على أسس علمية متناسقة، ثم تأتي المرحلة الثالثة التي هي مرحلة المناقشة أو الحوار الوطني حول تلك الأهداف، وتليها مرحلة تبني مشروع المخطط من لدن المؤسسات التي يخول لها الدستور حق التقرير فيه.
سيتزامن إنجاز الإحصاء العام مع بداية الموسم الدراسي 2004/,2005 وسيكون العمود الفقري للأعوان الإحصائيين المعلمون والمعلمات، فما هي الإجراءات والتدابير التي اتخذتموها للحيلولة دون إضرار عملية الإحصاء ببداية الدراسة؟
ستبدأ العملية كلها يوم 20 غشت بالتكوين، وسنحاول دمج هذه المرحلة، التي ستستمر إلى فاتح شتنبر، مع بداية تنفيذ الإحصاء، وقد خططنا، بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، كي يمر الدخول المدرسي في أحسن الظروف، دون أن يكون هناك مساس بالسير العادي لعملية الإحصاء.
يلاحظ على المستوى الشعبي وجود أحكام قيمة سلبية انطبعت في أذهان شرائح من المواطنين عن الإحصاء، من قبيل التقليل من جدواه ونفعه على حياتهم اليومية ومستوى عيشهم أو من قبيل التخوف من أهدافه، سيما وأنه يسجل حضور رجال السلطة رفقة أعوان الإحصاء أثناء جمعهم للمعطيات لدى الأسر. هل من توضيح لهذا الأمر؟
إن التشكيك في جدوى الإحصاء قد يكون مفهوما لدى المواطن العادي، لأنه يرى أن هناك بحوثا بشكل مستمر، ويطلب منه في كل مرة الإدلاء بأجوبة على أسئلة، وتتكاثر عليه هذه البحوث دون أن يرى بالضرورة تحولا في وضعيته، أو على الأقل لا يجد علاقة بين تلك البحوث وتحسين وضعيته، وهو أمر مفهوم لأنه كثيرا ما تكون البحوث بدون مشاركة المواطن، بحيث يأتي الباحث فيسأل ثم يذهب، بدون أن يعلم المواطن سبب تلك البحوث، وما معناها ولأي شيء ستصلح، وهذا ما نحاول أن نتغلب عليه بفتح المجال واسعا للتواصل مع المواطنين عن طريق التلفزة، والإذاعة والصحافة الوطنية، وعن طريق الجمعيات التي جمعنا عددا منها في يوم دراسي حول الموضوع في بوزنيقة، وسنتابع إن شاء الله هذه العملية، ونكثف منها حتى تكون لدى المواطن معرفة واضحة عن لماذا وكيف الإحصاء العام.
أما ما يخص الجانب الآخر من السؤال ألا وهو الخلط الذي يقع في أذهان المواطنين بشأن الإحصاء، فأؤكد بأن الإحصاء العام عملية يتم تهيئها وإنجازها وتقييمها على أسس علمية محضة، ويشارك فيها أعوان إحصاء من معلمين وطلبة وموظفين لا علاقة لهم بالضرائب أو بالسلطة، ولا يمارسون السلطة، وإنما يرافقهم أثناء عملهم أعوان السلطة المحلية لدلهم على المواقع الجغرافية، والتي لا يكونون بالضرورة مطلعين عليها، فهم يعملون في إطار جغرافي معين لا يعرفونه بالتدقيق، وبالتالي يساعدهم في ذلك عون السلطة الذي يكون في خدمة العملية الوطنية للإحصاء طيلة مدتها، ويتقاضى عن ذلك تعويضا من الاعتمادات المخصصة للإحصاء، بحيث يكون آنذاك مساعدا للإحصاء وليس عونا للسلطة، وذلك علاوة على التزام أعوان الإحصاء والمؤطرين بالسر المهني للإحصاء.
قلتم في ندوة صحفية سابقة إن من عناصر التجديد التي سيعرفها الإحصاء العام المقبل أسئلة الاستمارة، وذلك بإضافة أسئلة إليها عن الإعاقة ولغات التعامل، هل معنى هذا أن هذه النوعية من الأسئلة لم تطرح بالمرة في الإحصاءات الماضية، وآخرها إحصاء 1994؟
هناك أسئلة أكثر دقة وأكثر شمولية بالنسبة إلى عدد من الجوانب السوسيو الاقتصادية في هذا الإحصاء، بالإضافة إلى وجود أسئلة جديدة، تهم مثلا الإعاقة، تمت بلورتها بطريقة جديدة حتى يمكن الاستفادة منها. كما أن هناك أسئلة جديدة لم تكن مطروحة في الإحصاء السابق، كالوفيات والهجرة إلى الخارج وعمر المسكن. أما موضوع اللغات التي يتحدث بها الناس في معاملاتهم، فأضيفت في آخر لحظة في إحصاء ,1994 ولم تستثمر لكونها لم تكن مطروحة بكيفية علمية لكي نخرج منها بنتائج حقيقية، وهذا ما سنتلافاه في هذا الإحصاء.
لنتحدث قليلا عن الأعمال الخرائطية، لما لها من أهمية حاسمة في إنجاز الإحصاء بدقة، وعلاقتها بإشكالية ضبط النمو العمراني، فعدد من المناطق التي عاينها المكلفون بإنجاز تلك الأعمال سرعان ما عرفت بعد ذهابهم بناء منازل واستقرار عائلات، سيما وأن السكن العشوائي مشكل حقيقي في بلادنا. هل من تنسيق بين مصالحكم والمصالح المتدخلة مباشرة في التعمير (وزارة الإسكان والتعمير، ووزارة الداخلية..) لتدارك ومواكبة التغيرات الحاصلة، وذلك لكي لا تقصى أسر من الإحصاء العام للسكان والسكنى؟
بالفعل كان هناك مسح شامل للتراب الوطني، وتمت تجزئته إلى وحدات إحصائية صغيرة لكي يتمكن المكلف بالإحصاء من التحكم في العمل داخلها، وفي الوقت المقرر، ثم بعد ذلك اتفقنا مع وزارة الداخلية على تجميد التقطيع الإداري خلال المرحلة كلها، بحيث لم يقع تغيير فيه منذ بدأنا في تحيين الخرائط الإحصائية، ونحن الآن بصدد إعادة تدقيق في الخرائط، حتى لا يقع إغفال لأي ظاهرة جديدة. وعند بدء الإحصاء يخصص يومان يكون على كل عون إحصائي خلالهما أن يحين خريطته في الوحدة الإحصائية المكلف بها، بحيث ينزل إلى الميدان ليعرف إذا ما طرأ شيء جديد أو أقيمت بناية جديدة ليست مسجلة في الخريطة، بحيث إن الأمور ستكون إن شاء مضبوطة 100 %.
شدد مدير الإحصاء عبد العزيز المعلمي في لقاء منصرم على أهمية مرحلة تكوين الأعوان الإحصائيين، بوصفهم منفذي الإحصاء، ودورها الحاسم في إنجاح العملية برمتها، ما محاور هذا التكوين الذي ستباشرونه في شهري يوليوز وغشت؟
أعتقد أن نجاح الإحصاء، بوصفه عملية وطنية حيوية، يتوقف على شيئين: تكوين رجل الإحصاء، وتفهم المواطن ووعيه بأن أجوبته حيوية لصالح مستقبل البلاد، وأذكر هنا بأن رجل الإحصاء ملزم بالسرية المطلقة لكل معلومة توصل بها في عملية الإحصاء، وإذا أفشاها يكون معرضا للعقوبة الجنائية حسب القانون. فيما يخص التكوين فإنه يتضمن ثلاثة جوانب: جانب نظري يمكن رجل الإحصاء من استيعاب المفاهيم التي تحكم أسئلة الاستمارة كمفهوم الأسرة والمسكن والعطالة.. وجانب ثان يتضمن تدريبه على طرح الأسئلة وتسجيل الأجوبة، وثالث يخص تدريبه والمراقبين المختلفين على مراقبة شمول العملية للجميع، وعما إذا كان قد أجيب عن الأسئلة، وهل وضعت في المكان المخصص لها في الاستمارة. مما يعني أن في التكوين جوانب نظرية وأخرى عملية، وذلك سيسهل فيما بعد ذلك مرحلة استغلال الاستمارات.
هل يراعي التكوين الاهتمام بالجانب النفسي في عملية الإحصاء وطريقة التعامل مع المواطنين؟
هو جانب لم يكن دائما موجودا، بيد أننا سنعمل في هذا الإحصاء على أن يكون التكوين في ميدان التواصل والتعامل مع المواطن حاضرا، لأن المواطن لا يكون مستعدا دائما لاستقبال رجل الإحصاء، فعلى هذا الأخير أن يكون متفهما لوضعية الأسر، وأن يتعامل معها بطريقة تسهل عليها المساهمة في العملية الوطنية للإحصاء.
سجل تقرير أعدته المفتشية العامة لوزارة المالية أُرسل إليكم أخيرا تجاوزات في تدبير الصفقات داخل قطاع الإحصاء، ومن الأمثلة على ذلك مصلحة حظيرة السيارات في مديرية الموارد البشرية والشؤون العامة، ومركز الدراسات والأبحاث الديمغرافية.. ماذا فعلتم إزاء التجاوزات المسجلة؟ وهل حركتم مسطرة متابعة مرتكبيها قضائيا؟
لم يكن هناك تقرير للمفتشية العامة لوزارة المالية، وإنما سبق أن أنجز تفتيش عام في قطاع وزارة التوقعات الاقتصادية والتخطيط سنتي 1999 ,2000 وكان آنذاك السيد عبد الحميد عواد على رأس الوزارة، وقد أحال الملف على المحكمة، وكانت هناك متابعات، بل وأحكام قضائية. ولكن منذ أن تأسست المندوبية السامية للتخطيط لم يجر أي تفتيش ولم تسجل خروقات، فعمليات الإحصاء تتم في ظل الشروط القانونية للصفقات. بل أكثر من هذا، حرصت على أن تكون اللجن التي تقر الصفقات متكونة من مفتشين في وزارة المالية، وممثلين عن مديرية مراقبة الالتزام بنفقات الدولة، وأن تضم في عضويتها أيضا ممثلين عن أكثر من ثلاث وزارات، وذلك حرصا على أن تكون الأشياء مضبوطة، وأعتقد أن الأمور تسير بطريقة سليمة في هذا الباب، ولم ألمس أي مؤشر على وجود تجاوزات.
يجري الحديث عن وجود تداخل في الاختصاصات بين بعض المديريات المكونة لمندوبيتكم، وأعطي هنا نموذج بعض أقسام مديرية البرمجة وتداخل عملها مع مديرية التوقعات، وكذا مديرية المحاسبة القومية، بحيث ثمة من يقول بوجود منافسة بين هذه المديريات لإنجاز العمل نفسه، ولصالح المندوبية نفسها، كيف تردون على ذلك؟
الحقيقة أن كل وحدة من هذه الوحدات لها عمل خاص ودقيق، فالمعهد الوطني للظرفية، يهتم بالتطور الاقتصادي الظرفي، وهناك التوقع الاقتصادي، وتقوم به مديرية التوقعات المستقبلية من خلال ما ينجزه الجهاز الأول، ولكنه يعطي الإسقاطات المستقبلية لسنة واحدة ولعدد من المؤشرات كمعدل النمو مثلا، ومن مسؤوليته أيضا ما يسمى بالميزانية الاقتصادية، ويعطي من خلالها نظرة عما سيكون عليه الاقتصاد في السنة المقبلة، وذلك حتى يتسنى لوزارة المالية وضع ميزانية تلك السنة..
.. (-مقاطعا) تريدون القول بأن هذه الوحدات التابعة لمندوبيتكم تشتغل على المعطيات نفسها لإعطاء مؤشرات مختلفة؟
لا، ليس المعطيات نفسها، ولكن لكل منها تخصص مستقل، أما بالنسبة إلى المحاسبة القومية (الوطنية)، فهي تأتي من خلال دراسة ما تم أثناء سنة معينة، وتحديد ما تم بالفعل إنجازه، وليست لها نظرة استباقية للتطور، في حين أن المعهد الوطني للظرفية يتابع ما يجري الآن، حيث يعطي في كل شهر و3 أشهر تطور الظرفية، أما مديرية التوقعات والمستقبلية فتشتغل على الإسقاطات المتعلقة بما سيقع، وكذا التطور المنتظر على المستويين المتوسط والبعيد استنادا على معطيات كل من المحاسبة القومية والمعهد الوطني للظرفية، أي أن المديرية تبني عملها على نتائجهما، وهذا تخصص آخر، وليس في الأمر تداخل بل فيه توزيع مهام وتكامل.
ما يُطرح الآن هو التنظيم العام للمندوبية. وهو موضوع سيناقش، وعلى كل حال سيعاد النظر في ذلك على ضوء ما سيقرر من وظائف واختصاصات للمندوبية السامية.
قلتم فيما سبق إنكم بصدد تأهيل الجهاز الإحصائي، وإعادة النظر في المفاهيم المعتمدة كالفقر ومستوى العيش والبطالة وعلاقة الفلاحة بالقطاعات الأخرى.. لماذا هذا التأهيل؟ وما مضمونه؟ خصوصا وأن بعض المختصين يقرون بوجود ضعف في المعطيات الإحصائية، وغياب للعمل بطرق حديثة كبنوك المعلومات؟
عندما أقول التأهيل أقصد مستويين: أولا المفاهيم والمقاربة الإحصائية للظواهر الأساسية كالفقر والبطالة، وذلك بإعادة النظر وتعميق التفكير في المفاهيم لكي نقدم صورة أكثر وضوحا عن واقعنا، ولكن كذلك أكثر ارتباطا بالمعايير الدولية بغية اكتساب المصداقية الكاملة، وجعل معطياتنا قابلة للمقارنة مع معطيات دول أخرى، فمثلا إذا تحدثنا عن الفقر، فهناك من يحدده على أساس دولارين للفرد يوميا، وهناك مقاربة أخرى تعتمد على مستوى الفقر الغذائي وغير الغذائي، ولكن على أساس مقاربة الظاهرة بعنصرين اثنين : مستوى الاستهلاك وعدد أفراد الأسرة، في حين أن بلدان متقدمة تعمل بمقاربة أحسن.
أما في المغرب فقد قررنا، تمشيا مع مقاربة هذه البلدان، الاستناد في حساب ظاهرة الفقر على استهلاك الأسر على أساس سلم تماثلي أو تعادلي (كومٌٌم لجِّّىًّفٌفَكم) ، لأن مصاريف استهلاك أسرة مكونة من زوج وزوجة وطفل، ليست هي المصاريف ذاتها لأسرة مكونة من العدد نفسه ولكن لديها شاب وليس طفلا، والسبب هو أن مصاريف الشاب أكبر من مصاريف الطفل، وبالتالي ينبغي اعتماد مقاربة أكثر دقة لمعرفة إذا ما كانت هذه الأسرة أو تلك تحت مستوى الفقر أو فوقه، سيما وأن لدينا في المغرب تقاليد عائلية، من بينها أن طعام ثلاثة أفراد يأكله أربعة، وهو ما يدفعنا إلى محاولة تقديم صورة عن تطور الفقر اعتمادا على المناهج العلمية المعتمدة في أحسن البلدان كالسويد... ونحن لحد الآن استعملنا مقاربة ربما لا تعطي صورة واضحة.
وهناك تأهيل آخر اعتبره أساسيا، وهو أدوات استغلال بعض المعطيات، فلحد الآن تجري بعض البحوث بطريقة يدوية، بحيث يخرج الباحث لملء بعض الاستمارات ثم يعود إلى العمل ثم يعيد الكَرة مرة أخرى، وإذا وجد بعض الثغرات يكون ملزما إما بالرجوع لتصحيحها أو يعالجها بطريقة إحصائية، في حين توجد الآن برمجة معلوماتية تمكن الباحث، بواسطة برنامج، من تسجيل كل المعطيات، ومعالجة الثغرات في حينها قبل أن يبعثها للجهاز المركزي في المندوبية. وهذا ما سيمكن من إعطاء الإحصائيات بدورية أسرع، وتقليص مدة معالجة واستغلال ونشر المعطيات التي كانت تتطلب منا في السابق شهرا أو شهرين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإحصاء العام للسكان والسكنى، والذي سنعتمد فيه على تقنية القراءة الآلية للوثائق، وستمكن من استغلال الوثائق بنسبة أخطاء أقل، ونشر النتيجة في وقت قريب. وهنا أريد الإشارة إلى أنه لم يستثمر من إحصاء سنة 1994 إلى الآن إلا نسبة 25 %، أي في ظرف 10 سنوات، في حين نستطيع خلال السنة المقبلة 2005 استغلال نسبة 100 % من الاستمارات وإعطاء النتائج العامة والشاملة لإحصاء شتنبر 2004 على جميع الأصعدة، وطنيا وجهويا ومحليا، وفي هذا تأهيل
لمواردنا البشرية التي ستشتغل على تقنية جديدة ستستعمل في البحوث الإحصائية المقبلة، وتجعلنا نتفادى مشكل البطء في إخراج النتائج، كما حصل مع البحث حول الاستهلاك، والذي أنجز قبل أكثر من سنتين ولم تنشر بعدُ نتائجه (سبقت الإشارة إلى أن هذه النتائج أعطيت خلال ندوة صحفية عقدت بعيد إجراء الحوار بأيام)، والسبب في ذلك أن استغلال الوثائق يتم بطريقة تقليدية تتطلب وقتا طويلا.
تبعا للوثيقة التقديمية لعملية الإحصاء، فإن من جديد عملية الإحصاء العام أيضا أن مسؤوليات جديدة أعطيت للمديريات الجهوية للإحصاء، وهو أمر إيجابي، نريد أولا أن نعرف ما هي هذه المسؤوليات؟ ثم ماذا فعلتم لتجاوز ضعف التجهيزات ووسائل العمل المرصودة لهذه المندوبيات، والتي هي موضع شكوى موظفيها، خصوصا وأن عمل هذه الأخيرة مهم، ليس فقط لإنجاز الإحصاء العام، وإنما لإنجاز البحوث الإحصائية التي تجري باستمرار؟
أولا الجديد في الإحصاء العام إنه بخلاف ما جري العمل به سابقا بأن يكون تسيير الإحصاء من العاصمة الرباط، بما فيه من تكوين ومراقبة وباقي القرارات، ستكون اللجنة المقررة لجنة متكونة من المديرين الجهويين للإحصاء، وقد فُوضت للمدير الجهوي الاعتمادات ومسؤولية التعامل مع جميع المعطيات، من تقرير فيما يخص المرشحين ليكونوا أعوان إحصاء، وتكوين لهم ومتابعة. ولكن بطبيعة الحال ثمة لجنة أترأسها تتابع وتراقب وتقيم أعمال الجميع، ولكن المسؤولية موضوعة على كاهل المديريات الجهوية.
وقد أعطيت لهذه الأخيرة الاعتمادات الضرورية التي حددتها هي نفسها، وتم اقتناء عدد كبير من الحواسيب والطابعات والأدوات الأخرى الضرورية ووزعت على المديريات، وأرى ألا تكون هذه المديريات قادرة على الإسهام القوي في الإحصاء العام وحسب، ولكن ما نهدف إليه هو أن تصبح مندوبيات للتخطيط الجهوي، وذلك بطلب من الجهات والجماعات المحلية، وأن تصبح الإحصاءات الوطنية للمركز، والعمل التخطيطي الجهوي والدراسات والمعطيات الجهوية من اختصاصات المندوبيات الجهوية، ويمكنها أيضا القيام بتنبؤات اقتصادية، وتكوين قواعد معلومات جهوية.. إلخ، ولدينا في هذا الإطار مشروع لخلق شراكات مع المراكز الجهوية للاستثمار لتزويدها بكل المعطيات الإحصائية الجهوية مساعدة لها على القيام بمهامها، ولكن هذا ما هو إلا جانب لأن عمق دور المندوبيات الجهوية هو أن تكون الجهات المسؤولة عن مساعدة السلطات الجهوية والمنتخبين الجهويين على تخطيط التنمية في الجهات، وعلى صعيد الجماعات المحلية.
حاوره: محمد بنكاسم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.