لأول مرة في تاريخ الإحصاءات في المغرب، أشركت الجهات الرسمية المنظمة للإحصاء العام للسكان والسكنى المزمع إجراؤه في شتنبر المقبل جمعيات التنمية المحلية في عملية الإعداد للإحصاء في شقها المرتبط بتعبئة وتحسيس المواطنين بأهمية العملية وضرورة مساهمتهم في إنجاحها، وقد كان هذا الموضوع محور لقاء دراسي عقدته أول أمس السبت المندوبية السامية للتخطيط بمجمع مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة الشاطئ (منطقة ساحلية بين الرباط والدار البيضاء) مع ما يفوق 250 جمعية وطنية ومحلية. وحول معايير اختيار الجمعيات المدعوة للنشاط، أوضح المندوب السامي للتخطيط أحمد لحليمي في تصريح ل التجديد أن تم الرجوع في هذا الاختيار إلى لائحة كان قد وضعها مكتب تنمية التعاون في سنة ,2002 عقب لقاء نظمه مع جمعيات المجتمع المدني. وفي كلمة افتتاحية، شدد لحليمي على أهمية تعبئة المواطنين لإنجاح الإحصاء العام المقرر له أن ينطلق في فاتح شتنبر المقبل وينتهي في العشرين منه، شارحا أهمية هذه العملية الوطنية بأن تقدم معلومات علمية دقيقة عن مجمل التغيرات السكانية التي تعتمل في المغرب ديمغرافيا واجتماعيا واقتصاديا. وكل ذلك يوضع رهن إشارة واضعي المخططات التنموية والمحاسبة الوطنية، وفي هذا الصدد قال المندوب السامي لا تنمية بدون معرفة حقيقية لواقع المغرب وطنيا وجهويا وإقليميا ومحليا. واعتبر المتحدث نفسه بأن الجمعيات المحلية هي الجهة الأكثر تأهيلا لتهييء المواطنين لهذه المحطة الحيوية لمستقبل المغرب، على اعتبار أن تشتغل عن قرب وبشكل يومي ومباشر مع المواطن، سواء كان في المدن أو البوادي. وللاستفادة من كفاءة أطرها، وزع على الجمعيات الحاضرة استمارة طلب المشاركة تحدد جملة من الشروط للراغبين في تحملا المسؤولية في الإحصاء، كما وزعت استمارة أخرى للاستفادة من عملية تدعى عملية انترنيطون، وهي مبادرة شراكة بين المركز الوطني للتوثيق ومعاهد عليا فرنسية لتزويد الجمعيات بعدد محدد من الحواسيب لمساعدتها في عملها التحسيسي والتوعوي بالإحصاء وأهميته. واستمع الحاضرون بعد كلمة المندوب السامي إلى كل من مدير الإحصاء عبد العزيز المعلمي، ورئيس جمعية الديمغرافيين المغاربة جمال بورشاشن، وركز المتحدث الأول على الجوانب التنظيمية والتقنية للإحصاء، مبينا أن الإعداد له انطلق منذ سنة ونصف السنة. أما رئيس جمعية الديمغرافيين، فأبرز منافع الإحصاء التي يمكن لجمعيات التنمية المحلية وغيرها من أصحاب المشاريع التنموية مهما كان حجمها أن يستفيدوا منها، وعلى رأسها أن المعطيات المحصل عليها تساهم في عقلنة المشاريع وضبط تكلفتها من خلال المعرفة بخصائص المنطقة محل المشروع سكانيا واجتماعيا واقتصاديا. وفي الجزء الثاني من اليوم الدراسي، فتح المجال لممثلي الجمعيات الحاضرة لإبداء الرأي والمناقشة، وقد انصبت أغلب التدخلات في اتجاه انتقاد إقدام الجهة المنظمة (المندوبية السامية للتخطيط) على استدعاء الجمعيات بعد أن تم إنهاء جميع جوانب التحضير، وبالتالي عدم إشراكها في الإعداد، كما تأسف آخرون على إقصاء فئة عريضة من الشباب المعطل من حاملي الشهادات من المشاركة في عملية جمع المعطيات من الأسر، وإمكانية استفادتهم من التعويضات المخصصة للمكلفين بالإحصاء، وقد أرجع مسؤولو المندوبية السامية هذا الاستبعاد إلى الشروط التي يفرضها المرسوم المحدد لتعويضات المشاركين في تنفيذ الإحصاء (عدم تبعية المعطلين لأي إدارة عمومية)، وفي المقابل تمكن تلك الشروط الطلبة الجامعيون من المشاركة فيه. محمد بنكاسم