شكل النقاش حول مدى جدوى العمل السياسي، خصوصا بالنسبة لشخصيات إسلامية عُرفت من قبل بانتمائها إلى التيار السلفي، وسبق لها أن ذاقت ويلات الاعتقال في السجون المغربية، محور خلاف في المواقف والأفكار بين الناشط الإسلامي، محمد عبد الوهاب رفيقي، والشيخ حسن الكتاني. وظهر هذا الاختلاف عميقا بمناسبة عقد الكتابة الإقليمية لحزب النهضة والفضيلة بفاس، لندوة علمية حول تخليق العمل السياسي ودوره في بناء الدولة الحديثة، بحضور الأمين العام للحزب، محمد خاليدي، وأبو حفص رفيقي، والدكتورة سعيدة العثماني، والشيخان حسن الكتاني، ومحمد الفزازي. وأكد أبو حفص، في مداخلته بصفته نائب الأمين العام لحزب "الشمس"، على أنه "ما كان يتصور، قبل 13 سنة خلت، أن تجلس هذه الأسماء المتواجدة في مؤتمر لحزب سياسي، وأن يقفوا جميعا لتحية العلم الوطني، وأن يتحدثوا عن تخليق العمل السياسي"، وفق تعبيره. وأفاد المتحدث ذاته أن "إيمانه بالعمل السياسي، وتغير موقفه منه لا علاقة له بالسجن، بل هو تطور فكري حاصل قبل ذلك"، كاشفا أن "أول من أقنعنه بجدوى العمل السياسي هو الشيخ حسن الكتاني الذي مدنه ببعض الكتب في الموضوع، وناقشه في هذا المسار مناقشات واسعة. واسترسل أبو حفص بالقول "كان ذلك سبب تغييري لموقفي ودعمي لحزب العدالة والتنمية في تجربته سنة 2002؛ ثم كانت محنة السجن وما تعرضنا له من ظلم زادني اقتناعا بأن مسلك الدعوة بشكل فردي، يعرض المرء لمخاطر قد تجني عليه وعلى محيطه" بحسب قوله. واستطرد الناشط الإسلامي، الذي قضى زهاء 8 سنوات سجنا بمقتضى قانون الإرهاب، قائلا "تجربة السجن زادتني اقتناعا بأننا كنا على مسافة من المجتمع، وأننا بحاجة لمزيد من الاحتكاك به عبر المؤسسات المدنية، كما زادتني اقتناعا بأن الإصلاح والتغيير، سبيله المدافعة والمزاحمة، والسعي للقرب من مصانع القرار". وطلب الشيخ الكتاني تعقيبا على مداخلة أبو حفص، فأبرز أنه يعارض العمل السياسي، وأنه حتى لو شارك في بعض المؤتمرات الحزبية، فلا يعني موافقته على خوض العمل السياسي"، مؤكدا أنه "لم يراجع شيئا في حياته، والأفكار التي كان عليها قبل السجن ما زال يؤمن بها". وانتقد الزميل السابق لأبي حفص في الزنزانة، ضمن مداخلته في الندوة المنظمة من طرف النهضة والفضيلة، الحديث عن مراجعات فكرية لمشايخ السلفية، ورفض مبدأ المراجعة، داعيا الذين دخلوا السجون أن يثبتوا على نفس الخطاب الذي كانوا عليه" وفق تعبيره. وتدخل الشيخ محمد الفزازي معقبا على الكتاني، بأن العالم كله يتغير، والدول تتغير، وكل الأحزاب تغيرت، فالتغير نحو الأفضل ليس عيبا ولا مذمة"، مؤكدا أنه يختلف مع الكتاني في موقفه من العمل السياسي، ويحترم رأيه، وإن كان يرى أنه ليس على صواب، ويحتاج لمراجعة.