بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله لا يمكن اعتبار ظهور ناشطات "فيمن" في فناء جامع حسان التاريخي والمعظم، بمدينة الرباط، ونشطاء دعاة إلى الشذوذ الجنسي على منصة "مهرجان موازين" أمام آلاف المشاهدين، لا يمكن اعتبار كل ذلك محض صدفة... فجامع حسان، علاوة على كونه بقعة دينية، فهو مرقد الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، وهو منطقة أمنية بامتياز، والدخول إليه بكاميرا احترافية، وطاقم تصوير، بالإضافة إلى الفتاتين التين قامتا بتلك التصرفات الشاذة المخلة بالحياء، والمهينة بالدين والوطنية، لا يمكن أن نظن أو أن نتخيل أنها قامت بغير علم - ولو بعض - الأجهزة الأمنية، وسماحها لهم بفعل تلك التصرفات المهينة.. والأسوأ من ذلك أن السلطات بعد علمها - رسميا - بما حدث؛ لم تزد على أن اقتادت "الفرقة الإجرامية" إلى طائراتها ليسافروا دون أية عقوبة، ولا ردع، ولا موقف يعيد الاحترام ورد الاعتبار للسيادة المغربية... كما أن خروج المغنين البريطانيين من الفندق، وهم يرتدون أقمصة تتضمن موقفا سياسيا وأخلاقيا ضد قانون صادق عليه البرلمان المغربي، الذي هو مؤسسة دستورية سيادية، لا يمكن أن يتخيل أن المشرفين على الحفل، وأجهزة المراقبة لم ينتبهوا لذلك، وأن ظهور أولئك الناس كان عفويا... كما أن جوق "جينيفر لوبيز" وظهور المغنيات بتلك الصورة العارية والفاضحة، لا يمكن أن يخطر بالبال أنه كان خارج علم المشرفين على حفل موازين، والذين قاموا باستدعاء الجوق، وهم - ما من شك - يعرفون طبيعة الأداء اللواتي يقمن به، وما فيه من إخلال بالحياء العام، والمباديء الأخلاقية والدينية التي يقوم عليها المغرب منذ أربعة عشر قرنا... وقبل هذا وذاك؛ الفلم العاهر الفاسد "الزين اللي فيك" الذي سجل بترخيص من السلطات المعنية، والذي شارك فيه أشخاص ليسو ممثلين، إنما مومسات محترفات، وشواذ محترفون، وقاموا فيه ليس بدور التمثيل، إنما بفعل أفعال تعتبر جريمة في القانون المغربي: من الزنا العلني، والشذوذ، إضافة إلى تشويه السلطة القضائية، والأجهزة الأمنية، وتصويرهما علنا في صورة المرتشين والخائنين للمسؤولية المناطة بهم، زيادة على ما فيه من عبارات تسيء للمرأة المغربية، والكرامة المغربية، واستعمال أشخاص من جنسيات مختلفة من أجل ممارسة الذعارة العلنية في بنات الوطن... هذه تصرفات فظيعة وقعت في الأسبوعين الأخيرين، وقعت قبل فترة وجيزة من شهر رمضان المقدس، وأمام مرأى من السلطات الأمنية المغربية، وسكوت فاضح من الأجهزة القضائية، فلم تتحرك أي جهة بصورة واضحة وصارمة من أجل إيقاف، وعقوبة المسؤولين عن هذه التصرفات الإجرامية، التي أساءت لسمعة البلاد، ولسيادتها، ولشعبها، ولمبادئها، ولدينها قبل كل شيء... كل هذا؛ يصور التسيب الفاضح المناط بالجهات المسؤولة، سواء منها الأمنية، والقضائية، والحكومية، والبرلمانية، وتنم عن تآمر صامت ضد المباديء العليا للبلاد، ذلك التآمر الذي يعتمد على الذاكرة القصيرة التي سريعا ما - في اعتبارهم - تنسى ما حدث، لتمر الأمور كلها بشكل طبيعي، ويحتفظ كل صاحب كرسي بكرسيه، وكما قال المثل الشعبي السائر: "لهلا يقْلب".. لا أبدا؛ إن أمورا كهذه لا تمر ولن تمر بخير، لست متحدثا عن غضب الله تعالى الذي لا شك أن ما فعل سبب مباشر له، ذلك الغضب الذي يمحق البركة، والرزق، ونعم الأمن والاستقرار، والتوفيق...إلخ. ولكن لأسباب أخرى قد تكون أقرب إلى ذهن العامة؛ وهي: أن المجتمع المغربي أصبح يفتقد أمنه الديني، فإن الدين لم يعد محترما في المغرب، بل صار مهانا، وصارت المقدسات لا قيمة لها، لا على المستوى الإعلامي، ولا على أي مستوى، ولم تعد للحرمات مكانتها، ولا كيانها، فالمساجد انتهكت، والأعراض انتهكت، والله ورسوله أسيء إليهما، والقرآن الكريم أسيء إليه، وأحكام الله تعالى تتعرض للتبديل يوما فيوما، فيقمع كل من يدافع عن الدين والفضيلة، وتفتح الأبواب على مصراعيها للمجون والخنى، والزندقة، وإفساد العقائد...إلخ. لقد صرنا نفتقد الأمن الأخلاقي؛ صرنا نخاف على أبنائنا وتربيتهم، وعلى نفوسنا، وعلى الأخلاق العامة في البلاد، التي هي الرابط الأساسي للحمة المجتمعية، صرنا شعبا بلا هوية، بلا قيم، بلا أخلاق، العهر والفساد وقلة الحياء منتشرة على الوسائل الإعلامية كلها، المباديء الأخلاقية تشوه ويساء إليها، الصور الفاضحة معلقة في كل مكان، وفي الجرائد، والمحلات التجارية، والتلفزيون، وووو، يشاهدها الكبير والصغير، والذكر والأنثى... وثالثة الأثافي هذه المهرجانات التي تسيء لكل ما هو فضيلة، والتي صارت لا تنقطع طول السنة، في مختلف الأشهر والمواسم، والمدن، غير موقرة لا رمضان، ولا عيدا، ولا شهرا حراما، ولا صيفا ولا شتاء، وتنعم بالعرض على مختلف المنابر الإعلامية، رغما عن مختلف المؤسسات الدستورية من حكومة وبرلمان وأحزاب...إلخ، ويقمع كل من يستنكرها أو يستهجنها، بشتى أنواع القمع... في المقابل؛ المساجد مراقبة، والدعاة مكممة أفواههم، والعلماء محتقرون، لا مكانة لهم في المجتمع، والزوايا الصوفية جلها مهدم، أو مغلق، والدروس العامة مضيق عليها، ووووو...فإلى أين سنصل؟... إن المجتمعات التي لا تسير على مباديء سرعان ما تنهار، والدولة التي لا تنبني على هوية واضحة، تعمل على حمايتها، والبناء عليها، هي دولة ضعيفة، معرضة لسلب الإرادة والاستقرار من محيطها الأقوى منها، فالطبيعة لا تقبل الفراغ، وذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم...والمغرب منذ تأسيسه تأسس على مباديء واضحة، وهوية محترمة، كانت السبب الوحيد الذي استطاع من خلاله المحافظة على كيانه أمام الهزات والرجات التاريخية التي مني بها، فبقي بالرغم من ذلك صامدا موحدا، ذا سيادة واستقرار...وهو للأسف في السنين الأخيرة بدا يفقد هذه الهوية بوضوح... وعليه؛ فإنني أدعو لزاما، كل شريف في هذه الأمة، وخاصة من بيدهم الحل والعقد؛ إلى مراجعة السياسة العامة التي تسير فيها البلاد، ومراعاة حق الله تعالى في كل شيء، قبل أن يفوت الفوت، ونبكي على أيام مضت، فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد...