لم يتبق إلا أقل من أسبوع على إجراء الانتخابات البرلمانية في تركيا، وهو الموعد الذي يعتبره حزب العدالة والتنمية الحاكم محطة أساسية لتدعيم أركان ممارسته للسلطة، بل رهانا أساسيا لتحقيق حلم خطط له في استراتيجيته التي وضعها في أبريل 2015، والمعنونة ب"ميثاق تركيا الحديثة 2023". لم تختلف حملة حزب « AKP » كثيرا عن سابقاتها الجماعية والرئاسية، غير أن أهم ما يميزها هو اختفاء صور الزعيم الملهم « طيب رجب أردوغان » وتعويضها بصور رئيس الحكومة الحالي « أحمد داوود أوغلو » وهذا يأتي احتراما لمقتضيات الدستور التركي الذي يفرض على رئيس الجمهورية اتخاذ موقف الحياد ومسافة متوازنة عن كل المتنافسين، ضمانا لنزاهة الاقتراع. غير أن خصوم أردوغان السياسيين لا زالوا يتهمونه بدعم الحزب الذي أسسه في 14 غشت 2001، وتأليب الشعب بشعارات دينية وعاطفية من أجل التصويت لصالح العدالة والتنمية، وهذا تجلى في المهرجان الاحتفالي الذي أقيم يوم السبت الماضي في ساحة « يني كابي » في إسطنبول، قدر حضوره بأزيد من مليون ونصف مشارك وحضره بالاضافة إلى رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء ورئيس البرلمان. حيث قال أردوغان "سنستمر في تحدي أولئك الذين يريدون إطفاء نور الفتح الذي يتوهج في قلب إسطنبول منذ 562 عاما، ولن نسمح بمرور من تسول لهم أنفسهم السعي لتقسيم هذه الدولة، وتمزيق شعبها » في إشارة إلى جبهة العلمانيين والاكراد المطالبين للاستقلال وجماعة فتح الله غولن. ميزة هذه الانتخابات أيضا ترتبط بمسار حزب العدالة والتنمية، سواء تعلق الامر بتأكيد نتائجه التصاعدية التي بدأت في أولى مشاركاته في انتخابات 2002، حيث حصل على حوالي 34.4% من الأصوات، وحوالي 46.6% من الأصوات في انتخابات 2007، وأخيرا في انتخابات 2011 حصل على حوالي 49.8. أو تعلق الامر بنتيجة فجائية تؤشر لمسار متراجع لنتائجه في المستقبل. من جهة أخرى تراهن أحزاب المعارضة وخصوصا الثلاثي المتكون من حزب الشعب الجمهوري وحزب الجبهة القومية وحزب الشعوب الديمقراطية « الكردي » على إفشال رهان حزب العدالة والتنمية بالحصول على أكثر من ثلثي أصوات البرلمان (أي 367 مقعدا من أصل 550) ليعدله بشكل مباشر من طرف البرلمان، وإما الحصول على 333 من أصل 555، تخوله طرح التعديل الدستوري على الاستفتاء العام. هذا التعديل الذي يروم إضافة صلاحيات جديدة لرئيس الجمهورية والانتقال إلى نمط رئاسي صارم، يعتبره معارضوه جنوحا إلى الاستباد ومخالفا لروح الديمقراطية التركية التي قامت على توازن السلط.. فهل يا ترى سينجح أردوغان في تحقيق حلمه الذي فشل فيه سابقاه «عدنان مندريس» و « سليمان ديمريل »؟ أم سيأجل الحلم إلى نزال آخر؟.. هذا ما ستبديه لنا نتائج انتخابات يوم الاحد السابع من يونيو 2015.