قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية إن نتيجة الاستفتاء في تركيا لا تعني مجرد انتصار للرئيس رجب طيب أردوغان، بل تعني ما هو أعمق من ذلك، وهو إنهاء مرحلة كاملة من تاريخ تركيا الحديث. وأضافت المجلة في مقال للكاتب ستيفن كوك إن نتيجة استفتاء الأمس تعني أيضا رفض الشعب التركي للحداثة التي تصورها مصطفى كمال أتاتورك ومنح أردوغان وحزبه العدالة والتنمية تفويضا لإعادة تنظيم تركيا بالقضاء على المبادئ التي قامت عليها الجمهورية التركية منذ 1921. وأشار كوك إلى أن إسلاميي تركيا ظلوا على الدوام يمجدون فترة الإمبراطورية العثمانية التي سبقت تأسيس الجمهورية التركية ويرون أن الجمهورية تمثل تنازلا ثقافيا وعلمانية قمعية في خدمة أفكار أتاتورك المستغربة، وأنهم يرون أن الوضع الطبيعي لبلادهم ليس في "حلف الناتو"، بل في قيادة العالم الإسلامي حيث تكون شريكاتها هي باكستان وماليزيا ومصر وإيران وإندونيسيا. سلطات الرئاسة وأوضح أن التعديلات التي صوّت لصالحها الشعب التركي تعطي للرئاسة سلطات واسعة تتضمن تعيين القضاة دون استشارة البرلمان، وإصدار قرارات لها قوة القانون وحل البرلمان، وتعيين كبار مسؤولي الجهاز الإداري، والقيادة الوحيدة للجيش. وعلق كوك بأن هذه التعديلات الدستورية تعيد تركيا إلى نظام ما قبل أتاتورك، إلى دولة يشبه نظامها نظام الإمبراطورية العثمانية، وأن أردوغان سيتمتع بسلطات لم يتمتع بها أي رئيس تركي منذ سلاطين الإمبراطورية العثمانية. وقال إنه من المستحيل العمل حاليا بهياكل حكم الدولة العثمانية، لكن إسلاميي تركيا المعاصرين يرون أن عصر العثمانيين ليس مجرد فترة لازدهار الثقافة والسطوة التركية فحسب، بل فترة ساد فيها التسامح وتطور حياة الناس. العصر الذهبي وأشار المقال إلى أن أردوغان والطبقة الوسطى من الشعب التركي تنظر إلى فترة حكم حزب العدالة والتنمية باعتبارها العصر الذهبي لتركيا الحديثة التي تماثل فترة العثمانيين، وأنها الفترة التي تمتع فيها الأتراك بالحريات الشخصية والسياسية التي حُرموا منها في العقود السابقة وبالازدهار الاقتصادي والصعود في السلم الاجتماعي. وبتصويت أغلبية الأتراك ب"نعم" في الاستفتاء، قال الكاتب إنهم صوتوا لأردوغان حتى ينجز أكبر مما أنجز، كما أشار إلى أن هناك ملايين الأتراك الذين صوتوا ب"لا" يرون أن الدولة التي تمثل أفكار أتاتورك مقدسة ويخشون من تعزيز الدكتاتورية. واختتم كوك مقاله بأن تركيا ظلت تعيش منذ أتاتورك متصدعة وتتطلع للديمقراطية، لكن التعديلات الدستورية الجديدة ستغلق الباب في وجه هذا التطلع. أردوغان يزور قبرين واستهل الرئيس التركي صبيحة نجاح الاستفتاء على التعديلات الدستورية بزيارة قبرين لشخصين مهمين في تاريخ الدولة التركية الحديثة. وبدأ أردوغان يومه بزيارة ضريح الرئيس التركي تورغوت أوزال، المدفون في إسطنبول بالتزامن مع الذكرى ال24 لوفاته وسط حضور كبير من الوزراء وضباط الجيش التركي وأرملة وأبناء وأحفاد أوزال. ووقف أردوغان دقيقة صمت أمام قبر أوزال ووضع الورود على قبره ثم تليت آيات من القرآن الكريم وأدعية قبل أن يتوجه لمصافحة أرملة وعائلة أوزال. وقال أردوغان، إن سلفه الراحل تورغوت أوزال لعب دورًا هامًا في إحياء ديمقراطية تركيا في الثمانينيات. ولفت أردوغان إلى أن أوزال "يحظى بمكانة خاصة في قلوب الشعب التركي" مبينًا أن الأخير يعد أحد "أبرز رجال الدولة والسياسيين الذين أخرجهم الشعب". وعقب زيارة أوزال توجه أردوغان لزيارة قبر رئيس الوزراء التركي عدنان مندريس الذي أعدمه العسكر عقب انقلاب عام 1960. يشار إلى أن أوزال ومندريس مدفونان على مقربة من بعضهما قرب أسوار "القسطنطينية" (إسطنبول القديمة) وتم تشييد أضرحة بارزة لهما تكريما لدورهما السياسي في تاريخ تركيا. وكان أوزال تولى رئاسة الجمهورية التركية عام 1991 وشهد عهده إفساح المجال للعديد من الأنشطة الدينية في تركيا وصلت إلى حد إقامة احتفالات دينية في القصر الرئاسي بذكرى المولد النبوي وهي جملة توجهات أغضبت التيارات العلمانية في الدولة واعتبرتها خطرا على علمانية الدولة. المصدر: الجزيرة / عربي 21