ما قولكم لو أخبرتكم أن سوبيرمان مغربي المولد ؟ وكأني أسمعكم تهمسون "وإذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ". لا عليكم فأنا أتفهم ردة فعلكم، ولكن قبل أن تحكموا علي أجيبوا على السؤال التالي. "" كم هي المدة القصوى لحمل المرأة المغربية ؟ 9 أشهر ؟ 10 أشهر ؟ 11 شهرا أو سنة كاملة ؟ الجواب : سنة كاملة. فحسب المادة 135 من مدونة الأسرة المغربية، فإن أقصى أمد الحمل سنة من تاريخ الطلاق أو الوفاة. وقد نجد لهذه النازلة تفسيرا مقنعا في حالة المطلقة طلاقا رجعيا والتي للزوج حق مراجعتها داخل العدة. أما أن تلد الأرملة ولدا ينسب لزوجها الهالك بعد سنة من وفاته، فهذا من ضروب الجنون وهذا ما جعلني أعكف على دراسة هذه المدونة بعدما سكت المختصون عن تناول موادها بالتحليل ، إما خوفا أو طمعا. يجمع الغربيون على أن مدونة الأسرة المغربية حققت تقدما كبيرا في تكريس حقوق المرأة والمساواة ويغضون الطرف عن الطريقة الديمقراطية الامسبوقة التي استعملت في اعتمادها، في حين أن المغاربة يجمعون على مبدأ تكريم المرأة وتمتعيها بحقوقها و ينقسمون حول الخلطة التي صنعت منها المدونة و مدى تجانس مكوناتها، مكونات شيء أن تكون الشريعة و الحداثة والتدرج وأن تتكلف بتشريعها زمرة معينة من طرف صاحب الجلالة. فهل قرأ الغربيون المادة 135 التي تنبأ بظهور أجيال من السوبر مان في المغرب ؟ وهل هي السبب في كونهم يتهمون مجتمعنا بالسكيزوفرينيا، كما فعل مقدم برنامج في قناة فرانس 2 قبل أيام؟ فمن جهة يبدو مجتمعنا متفتحا و متقدما، وهو بحق كذالك، ومن جهة أخرى قد يبدو حسب هذه المادة مجتمعا من القرون الوسطى. فأما الشريعة فترتبط بالحلال و الحرام و رضا الله، و أما الحداثة فبتطور المجتمع ونضجه وبمواكبة قوانينه و مؤسساته للتطور.غير أن التدرج وإن يزعم أنه من الحكمة، فإنه يأتي على حساب الحق، فأي تدرج في تمتيع المرأة بحق مستحق، عانت من هضمه لعصور ثم بعثت من رمادها لتسلك طريق النضال منذ أكثر من نصف قرن، هو سلب غاشم لحقها، إلا إذا كان المراد من كلمة التدرج التزلف للغرب وإقناعه أن المشرع أنضج من المجتمع. لقد ناضلت النساء و أتهمن بعدم احترام الدين عندما رفعن شعار المساواة و تعديل الأحكام، ثم خرجن من المعركة بخفي حنين. على الأقل كان لهن الحق من قبل في مقارعة المحافظين وحث علماء الدين على إعادة قراءة الأحكام الشرعية والاجتهاد لملائمتها للعصر، غير أن تصريح أمير المؤمنين بأن أحكام المدونة من اختصاص جلالته أسكت النساء و المحافظين و أئمة الدين و أئمة الحداثة إلى أجل غير مسمى. إن القارئ المتمعن في مدونة الأسرة سيكتشف أن المشرع يقصد بالتدرج عدم قدرة الدولة على القيام بدورها وواجبها في توفير الكرامة لأفراد المجتمع على غرار الدول الغربية التي يحاول التزلف لها،فكان الحل هو وضع نظام تكافل إجماعي غير معلن، يقوم فيه الرجل بالنفقة على ثلتي المجتمع، وكان الإنفاق مقابل حقوق المرأة.، وهذا من الحكمة. فمن غير المنصف أن ينفق الرجل دون مقابل. وإن كانت هذه المعادلة فاسدة، لأن المرأة هي أم الرجل و أخته و بنته، ويضره ما يضرهن من هضم لحقوقهن. فماذا لو خرجت كل النساء للمطالبة بحقهن الدستوري في العمل، في دولة ينتحر رجالها في البحر و يشنقون ويحرقون أنفسهم في العاصمة طلبا لهذا الحق، فالحكمة هنا تقتضي أيضا إقناع المرأة أن مكانها في البيت لتربية الأبناء وأن نفقتها واجبة على الزوج. وتقتضي كذلك تلغيم المدونة بشتى الوسائل المعقولة و المجنونة و المعلنة والمستترة لتحميل الرجل النفقة وتغريمه ظالما كان أو مظلوما و نسب الولد إليه بشرع أو بغير شرع. قد يعتبر البعض أن الحيف الذي عانت منه المرأة من طغيان العقلية الرجولية لعصور و عدم المساواة في الفرص و الإرث سبب وجيه لتحميل الرجل مسئولية الإنفاق وحده، وهذا صحيح إلا حد بعيد من حيث الشكل، ولكن من حيث المضمون، ألا تجب نفقة أغلب المجتمع على بضعة مئات ممن يكدسون معظم ثروات البلاد، مستفيدين من ظروف تاريخية وامتيازات موروثة؟ ألا يرث أغلب كادحي المغاربة الديون فقط و مصاريف الجنازة و الأربعين عن مورثيهم ؟ أدعوكم في رحلة إلى عجائب المدونة التي حرص فيها المشرع على الحفاظ على خلية مجتمعكم و حفظ ذريتكم من مكائد الزمان. وأطلب صبركم على طول الرحلة. كما أحيطكم علما أنني بتطرقي لمواد المدونة، فإنني لا أتعرض للأحكام الشرعية التي قد تتضمنها ولكنني أتناول بالتحليل الجوانب التي تخضع لتقدير المشرع وتلك التي كان من الممكن أن تكون موضع اجتهاد من طرف أئمتنا الأجلاء. كما أنني لا أتطرق في عرضي هذا للمواد التي تعتبر اعتداءا سافرا على إنسانية المرأة، وما أكثرها. حسب المادة 84 تشتمل مستحقات الزوجة بعد الطلاق أو التطليق المتعة و تقدر قيمتها بفترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق، ومدى تعسف الزوج في توقيعه. غير أن الزوجة تستحقها ولو كانت أخلت بالتزاماتها أو تعسفت في طلب التطليق. ثم ما مغزى تقدير المتعة حسب فترة الزواج والوضعية المادية للزوج، ألا يدل هذا على أنها ليست تعويضا عن ضرر الطلاق أو التطليق ؟ لأن الضرر يقدر بحجمه وليس بالوضعية المالية لمسبب الضرر،كما أنه من المفترض أن تتساوى مستحقات النساء أمام نفس الضرر، إلا إذا كان المشرع يعتبر في حسابها مدة تمتع الزوج بالزوجة جنسيا ما دامت المدونة الجديدة أسقطت عن الزوجة واجب الاعتناء بالبيت و تدبيره. وتجدر هنا الإشارة أن المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة،حكمت في قضية تطليق للشقاق، للزوج بمبلغ 3000 درهم تعويضا له عن الضرر الذي لحقه جراء انفصام العلاقة الزوجية، وبتحميل الزوجة الصائر، كدليل على ثبوت تعسف الزوجة في التطليق، لكنها في المقابل حكمت للزوجة بمستحقات مضاعفة لهذا المبلغ، فبلغت قيمة المتعة 15000 درهم. حسب المادة 102 فإن المحكمة تطلق الزوجة بعد 30 يوما إذا عجز الزوج عن الإنفاق، وتطلقها حالا إذا أمتنع الزوج عن الإنفاق ولم يثبت العجز، وحسب المادة 103 فإن المحكمة تطلق الزوجة لعدم الإنفاق من الزوج الغائب الذي لم يترك لها ما تنفق منه. في حين أنه حسب المادة 104 فإن للزوجة الحق في طلب التطليق فقط بعد سنة على الأقل من غياب الزوج. مما يدل على أن الأصل عند المشرع ليس هو مفهوم الزواج بما يحمل من مساكنة ومعاشرة شرعية بقدر ما هو الإنفاق على الزوجة. وهو بهذا لا يعير أي أهمية لإنسانيتها. ومن جهة أخرى فإن المادة 122 تفيد أن كل طلاق قضت به المحكمة فهو بائن، إلا في حالتي التطليق للإيلاء وعدم الإنفاق. مما يعني أن المحكمة تحتفظ للزوج بحق إرجاع زوجته دون إذن منها ولا من القاضي، في حال توفره على ما ينفق منه عليها أو عدوله عن الامتناع عن الإنفاق. فما معنى أن تأخذ الزوجة مقابلا لإبقاء العلاقة الزوجية قائمة ؟ وما معنى أن يعطي المال للرجل حق إرجاع الزوجة المطلقة ولو كرهت؟ حسب المادة 119 فإنه لا يجوز الخلع بشيء تعلق به حق الأطفال أو بنفقتهم إذا كانت الأم معسرة وإذا أعسرت الأم المختلعة بنفقة أطفالها، وجبت النفقة على أبيهم، دون مساس بحقه في الرجوع عليها. هذا عظيم للغاية، المشرع جعل مصلحة الأبناء فوق كل شيء ولكن ماذا لو أعسر الأب بدوره ؟ طبعا مصيرهم الشوارع، و في أحسن الحالات حياة بئيسة في ملجئ على الطريقة المغربية. فأين نشيد الأسرة التي تغنت به ديباجة المدونة ؟ وهنا يتضح جليا لماذا لم تتطرق المدونة لإنشاء صندوق التكافل العائلي الذي لم ولن ينشأ و الذي اختير له أن يسلك مسارا غير ملزم قانونيا للدولة عبر توجيه جلالة الملك رسالة بشأنه لوزير العدل. ولتتصوروا معي كيف ستكون صياغة العديد من مواد المدونة لو أسس قانونيا و فعليا لهذا الصندوق. حسب المادة 160 فإنه يثبت النسب بإقرار الأب ببنوة المقر به ولو في مرض الموت، وتشترط موافقة المستلحق - بفتح الحاء - إذا كان راشدا حين الاستلحاق. أما إذا استلحق قبل أن يبلغ سن الرشد، فله الحق في أن يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه سن الرشد· كما أنه إذا عين المستلحق- بكسر الحاء - الأم، أمكنها الاعتراض بنفي الولد عنها، أو الإدلاء بما يثبت عدم صحة الاستلحاق. فما معنى أن يحتفظ المشرع للمستلحق - بفتح الحاء – بحق الرفض إذا كان راشدا وبحق رفع دعوى نفي النسب عند بلوغه سن الرشد؟ وكيف أنه لم يتطرق إلى ما إذا كان عليه إرجاع ما ورثه أو إذا ما كانت ستنتفي عنه موانع ؟ وما الذي يمنع الولد للفراش أن ينفي نسبه لوالده بينما يسمح بذالك للمستلحق ؟ ولما لم يشترط المشرع الخبرة قبل الحكم بنفي النسب عن المستلحق ؟ فماذا لو كان أباه حقا ؟ ولماذا يحتفظ المشرع للأم المعينة بحق نفي الولد عنها أو إثبات عدم صحة الإلحاق. ألا يذل هذا أنه من الممكن أن ينسب ابن لأم معروفة لأب لم يلتقي بها أبدا. وبما أن المادة 149 تنص على أنه يعتبر التبني باطلا، ولا ينتج عنه أي أثر من آثار البنوة الشرعية ؟ فإن المشرع يكون قد ضحك على المغاربة لأنه يوهمهم أنه احترم الشريعة في منع التبني و يفتح الباب واسعا للإستلاق ولو كان الأب ليس أبا بيولوجيا. هنا كان مراد المشرع مرة أخرى ترجيح الإنفاق و إعفاء الدولة من واجبها على حساب العقل و الدين. وفي نفس السياق فإن المادة 61 تنص على فساد الزواج ووجوب فسخه إذا كان الزواج في المرض المخوف لأحد الزوجين في حين أن المادة 160 تنص على أنه يثبت النسب بإقرار الأب ببنوة المقر به ولو في مرض الموت. ولهذا معنى واحد فقط، هو أن المشرع يعرقل العلاقة الشرعية بينما يحاول جاهدا إيجاد حل للعلاقات الغير الشرعية التي ترهق كاهل الدولة بأطفال متخلى عنهم تجب عليها نفقتهم. حسب المادة 153 فإن للزوج وحده له الحق في الطعن في نسب الابن إليه عن طريق اللعان أو بإدلائه بدلائل قوية للقاضي ليأمر بالخبرة. فجعلت للقاضي السلطة التقديرية المطلقة في قبول أو رفض دلائله حسب توجهه وقناعاته. كما أن الأم هي أدرى الناس بنسب ابنها في حين أن هذه المادة تمنعها من حق الطعن فيه. يبدو هنا جليا إصرار المشرع على الحفاظ على مورد نفقة الابن المتمثل في الأب و لو أرادت الأم تبرئته ذمتها من نسبه إليه. أما المادة 163 فتنص على أن نسب الولد يثبث بفراش الزوجية إذا ولد لستة أشهر من العقد و أمكن الاتصال أو إذا ولد خلال سنة من تاريخ الفراق. وبما أن الوالد هو الوحيد المخول له بأن يطعن في نسب الولد للفراش حسب المادة 153 فإن الزوج المتوفى ينسب إليه الولد ولو بعد سنة من وفاته دون إمكان الطعن. وهذا لا يقبله العقل. المادة 156 تتطرق للنسب للشبهة في حمل نتج عن اتصال محتمل بين خطيبين، فتنص على أنه إذا أنكر الخاطب أن يكون ذالك الحمل منه، أمكن للقاضي اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب. أي أن للقاضي أن يأمر بإجراء الخبرة، في حين أنه حسب المادة 153 فإنه على الزوج الإدلاء بدلائل قوية ليأمر القاضي بالخبرة عند نفي نسب الابن له. ومن هنا يتضح أن هم المشرع هو ضمان من ينفق على الولد وليس أبدا ضمان نسب الولد إلى والده الحقيقي لأنه أمام عدم إمكانية إجراء الخبرة قد يختار الوالد عدم اللجوء إلى اللعان. ومن جهة أخرى، كيف يمنع القانون المغربي المخطوبين من أي علاقة جنسية خارج القانون و يلقى عليهما القبض و ينكل بهما في المحاكم و السجون إذا ما ضبطا متلبسين في حالة زنا، ثم يكون همه فقط هو إثبات النسب عند حدوث حمل من هذا الزنا ؟ هذا دليل على أن ما يدعي المشرع أنه حداثة هو في الواقع تحديث لان التشريع لا يواكبه و يمشي فيه مشية الغراب الذي قلد الحمامة. إن المشرع لا يخدم بهذه الازدواجية إلا مصالح أصحاب الفنادق الذين يستغلون المخطوبين بمضاعفة أثمنه الإقامة و يخدم مصالح بعض الفاسدين من منتسبي السلطتين التنفيذية و القضائية. وتجدر الإشارة هنا أن المادة 75 تفيد أنه بعد ظهور المفقود المحكوم بوفاته وإصدار قرار بإثبات كونه باقيا على قيد الحياة،يبطل الحكم بالوفاة بجميع آثاره، ما عدا زواج امرأة المفقود فيبقى نافذا إذا وقع البناء بها. فماذا لو كانت زوجة المفقود حامل من خطيبها ولم يتزوجها بعد ولم يبني بها ؟ فكيف سيحل القاضي مسألة زوجة لرجل بقوة القانون، حامل من رجل آخر خارج القانون ؟ وهل سينسب المولود للخطيب أو للزوج ؟ وما معنا أن مجرد ظهور المفقود يعيد له زوجته، ألا يسمح لها أن ترتبط عاطفيا بعد الحكم بوفاته ؟ ألا يراعي المشرع إنسانيتها ؟ ألم يكن واجبا اجتهاد المشرع في تعديل هذا الحكم بنفس درجة اجتهاده في تعديل حكم الولاية في الزواج؟ المادة 156 نفسها صيغت بطريقة عجيبة حيث أنها تنص على أن حمل المخطوبة ينسب للخاطب إذا حالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج و إذا توفرت شروط معينة. غير أن هذه الشروط ليست نفس شروط الزواج حسب المدونة. فعن أي توثيق للزواج يتحدث المشرع؟ كان أجدر به أن يقول :" وحالت ظروف قاهرة دون الزواج الشرعي" بدل الضحك على الشعب و التلاعب بالكلمات. ومن جهة أخرى فإن المادة 16 تنص على أنه إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق عقد الزواج في وقته تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية إلى سائر وسائل الإثبات و الخبرة كما تأخذ بعين الاعتبار وجود أطفال أو حمل. وهذا في حد ذاته ضرب في الصميم لمفهوم الزواج حيث أن الأخذ بلاعتبارلوجود أطفال مع توفر شروط الزواج الشرعية هو أمر زائد، أما أخد وجودهم بالإعتبار عند عدم توفر الشروط الشرعية في الزواج فهو تحويل زنى نتج عنه إنجاب إلى زواج شرعي. إذا كان المشرع لا يهمه الشرع فما عليه إلا أن يؤسس لزواج مدني و يترك للمواطنين حرية إجرائه على الطريقة الشرعية أو بدونها. المادة 165 تنص على أنه إذا لم يقبل أحد من مستحقي الحضانة بها فإن المحكمة تختار من تراه صالحا من أقارب المحضون أو غيرهم أو إحدى المؤسسات المؤهلة لذالك. في حين أن النفقة على المحضون و الواجبة عادة على الأب، لا يمكن التملص منها. وبهذا يظهر أن المشرع لا يكترث لمصلحة المحضون حقيقة كما يدعي و لا يهمه إلا الجانب المادي الذي يتحمله الأب في الغالب، و إلا لكان على المشرع الأم عليها لأنه لا يمكن أبدا أن يكون من مصلحة المحضون أن يعهد به لمؤسسة و أمه موجودة وتتوفر فيها الشروط. حسب المادة 167 فإن أجرة الحضانة و مصاريفها، على المكلف بنفقة المحضون. وهي بهذا تجعل هذه الأجرة حتى للأم إن كانت حاضنة كما تنص المادة نفسها على أن الأم لا تستحق أجرة الحضانة في حال قيام العلاقة الزوجية، أو في عدة من طلاق رجعي. من هنا يتضح أن المشرع يضع على عاتق الرجل مصاريف لا معنى لها. وهو في إصراره على عدم إلزام الدولة بأي مساعدة للمرأة، فإنه يجعل الرجل ينوب عن الدولة و يعفيها من التزاماتها. فلا مبرر هنا لأن تأخذ الأم أجرة على حضانة ولدها والدليل هو من الذي سيدفع لها إن مات الأب ؟ هل عليها التخلي عن حضانته تحت عذر عدم حصولها على مقابل مادي. أما المادة 174 فهي ضرب من الهبل، فهي تنص على أن زواج الحاضنة غير الأم، يسقط حضانتها إلا إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون أو إذا كانت هي نائبا شرعيا للمحضون؟ إن اشتراط كون الزوج محرما قد يفهم منه أن الخوف على المحضون ، فما الذي يبطل هذا الخوف يا ترى إذا كانت الحاضنة وليا شرعيا ؟ كما أن المادة 175 تنص على أن زواج الأم الحاضنة ولو بغير محرم لا يسقط حقها في الحضانة إذا كان المحضون لم يتجاوز سبع سنوات أو يلحقه ضرر من فراقها أو إذا كانت بالمحضون علة تستعصي على غير الأم. فلماذا رجح المشرع هنا مصلحة الطفل و لم يجعل لها أهمية عندما سمح للأم المستحقة للحضانة بعدم قبولها. كما أن المادة 175 نفسها تشير إلى أن زواج الأم الحاضنة يعفي الأب من تكاليف السكن و أجرة الحاضن. مما يأكد أن أجرة الحاضن للأم هي بمثابة مساعدة اجتماعية لها ينوب فيها الأب عن الدولة المتملصة دائما من أي التزام مادي. ولماذا لم يشترط المشرع على زوج الأم توفير سكن لائق لأطفالها بينما يشترطه على الأب ؟ طبعا المشرع لن يغامر بتفويت فرصة زواج الأم ممن ينفق عليها.